القلب ينبض بحبك يأسدنا المفدى و سيدَّ الوطنِّ و سيد الرجال و عزَّ العّرُّبّ وَفَخَّرَّ الامَّةِ

Wednesday 14 March 2012

سورية تستعيد المبادرة سياسياً وأمنياً ‏واقتصادياً


 بقلم الكاتب : إيلي شلهوب.. الأخباراللبنانية
استغرق عبور نقطة المصنع الحدودية أكثر من ساعة بفعل ‏الازدحام. إنه "الربيع " يعود إلى سوريا مجدداً، يقول أحد ‏كبار الموظفين في البلاد، مشيراً إلى أنه يستخدم التعبير ‏بمعناه الحرفي.‏
        ‏ "الناس ملّوا. وهناك توق الى الحياة الطبيعية".‏
نهار السبت الماضي افترش اهالي الشام المساحات الخضراء ‏كلها، ومعها الأرصفة. القريبون من القيادة ...يؤكدون أن ‏الوضع "أفضل من السابق". يقول بعضهم : "هذه دمشق، ‏وهذه سوريا. لا نقول إن الوضع في أحسن أحواله، لكنه ليس ‏على مشارف الانهيار على ما تصوره الجزيرة والعربية. ‏الوضع يتحسن مع اطلالة كل شمس. حتى إعلام آل سعود ‏اعترف بالخسارة:‏
          ''الرئيس الأسد كسب الجولة الأولى" ،
في إشارة إلى عنوان ‏افتتاحية عبد الرحمن الراشد في صحيفة "الشرق الأوسط" ‏قبل أيام. ‏
لا تزال سوريا، من الناحية الدبلوماسية، تلعب في موقع ‏الدفاع. تحاول صد الهجمات التي لا تهدأ. حاولت، من دون ‏جدوى، منع تدويل الأزمة وإبقاءها في إطارها العربي. كان ‏ذلك واضحاً في طريقة تعاملها مع المبادرات العربية، ‏وآخرها إرسال بعثة المراقبين بقيادة الفريق مصطفى الدابي ‏الذي جرى التعاون معه إلى أقصى حد، لكن تقريره كان ‏مصيره النهائي في سلة المهملات العربية. ‏
قرّرت القيادة في سوريا المواجهة، خصوصاً عندما قرر ‏خصومه من العرب إحالة الملف إلى مجلس الأمن، فكان ‏الخيار السوري: المواجهة في تلك الساحة. وتبدو دمشق ‏مطمئنة إلى إطار اللعبة الدولية وسقفها اللذين رسمتهما ‏روسيا والصين من خلال الفيتو الحاسم:
 "لا لأي تدخل ‏عسكري في سوريا، ولا لأي قرار حول ممرات انسانية ‏يمكن أن يّستغل لإمرار تدخل عسكري". ‏
من هنا يمكن فهم التفاؤل السوري الحذر بمهمة أنان.
في ‏العلن يقال إن الرجل شخصية دولية لها تاريخها، وهو غير ‏مستعد لأن يتسبب في أي اساءة لماضيه اليوم . كما أن تكليفه ‏لا يمكن أن يكون قد تم من دون ضوء أخضر روسي ــ ‏أميركي، ما يعني أن أي تفاهم يمكن أن يحصل بين هذين ‏الطرفين سيتظهّر عبر أنان.
اما في الغرف المغلقة فالحديث يختلف بعض الشيء.
يقال إن ‏الأمين العام السابق للأمم المتحدة
"تقدم خلال الاجتماع مع ‏الرئيس بشار الاسد بمشروع هو نفسه المشروع العربي، ‏ولكن من دون بند "تنحي" الرئيس.
الكلام هنا عن وقف نار ‏وإطلاق معتقلين وفتح حوار برعاية الأمم المتحدة في جنيف، ‏مع ضمانات لفتح الطرق أمام الجمعيات المعنية لنقل ‏المساعدات إلى سوريا، فضلاً عن مطالبته بالسماح للجان ‏حقوق الانسان بالتحقيق في ادعاءات بارتكاب جرائم حرب". ‏
الرواية نفسها تضيف ان الرئيس الأسد تدخل قائلاً:
"هناك من خالف ‏الأوامر، وهناك من ارتكب أخطاء، وقد اعتقلنا كل من ‏وُجهت شكوى في حقه، وأجرينا تحقيقاتنا. ونحن ذاهبون نحو ‏محاكمات، لكنني أسألك سيّد انان: هل أنتم مستعدون لفعل ‏الشيء نفسه لدى الطرف الآخر؟". ‏
الرئيس السوري رحّب أيضاً بكل الوساطات، وقال انه مستعد ‏لمحاورة المعارضة والتوصل إلى اتفاق، "لكن اتفاقاً كهذا ‏كيف يُطبق في ظل وجود المجموعات المسلحة؟
هل ‏تضمنون أن تلتزم هذه المجموعات بما نتفق عليه؟".
وتابع ‏الرئيس الأسد: "يبقى أمر واحد، وهو البحث عمن يموّل هذه ‏المجموعات ويسلّحها. لا يُعقل أن تتدفق كل هذه الأموال ‏والأسلحة وحدها".
لم يجب أنان، واكتفى بالقول للرئيس الأسد:
                      "مقترحاتك ‏جديرة بالدرس".
وبحسب الرواة انفسهم، فإن التروي السوري بالرد على ‏مقترحات انان مردّه رغبة دمشق في تنسيق التفاصيل مع ‏موسكو، على قاعدة أن "ليست هناك ثقة بالأمم المتحدة ولا ‏بأنان".
وهذه الشكوك عززتها تقارير إعلامية بأن الموفد ‏العربي ــ الدولي غادر دمشق إلى قطر للقاء رئيس وزرائها ‏الشيخ حمد بن جاسم آل خليفة.
 والسؤال هنا: أليس منطقياً ‏أكثر أن يلتقي أنان، وهو ممثل الجامعة العربية والأمم ‏المتحدة، الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أو الأمين ‏العام للأمم المتحدة بان كي مون؟
اللهم إلا إذا كان الرجل يعتبر قطر طرفاً في الحرب على ‏سوريا، وهو ذاهب لمحاورتها". ‏
مكافأة حلب ‏
ويمكن الخروج من أحاديث مع مسؤولين بأن هناك اتجاهاً، ‏بعد الانتخابات التشريعية المقررة في 7 أيار المقبل، الى ‏تشكيل حكومة إدارة أزمة برئاسة شخصية من حلب، مكافأة ‏لهذه المدينة على وفائها للقيادة ، على أن تكون حصة ‏العاصمة وازنة فيها، تعبيراً عن تقدير القيادة لحمايتها له، ‏وخصوصاً فئة رجال الأعمال والتجار.
و تتوقع المصادر أن ‏تحصد دمشق وحلب (تشكلان مع ريفهما ١٢ مليون نسمة) ‏نحو ٥٥ في المئة من مقاعد مجلس الشعب.
فيما تتباين ‏التقديرات حول ما يمكن أن يناله حزب البعث، الذي يعاني ‏حالة ارباك وضعضعة وترهل. أما في حال شارك ‏الاسلاميون المعارضون فقد يحصدون نسبة تقارب عشرين ‏في المئة.
الأهم، في هذا السياق، ما كشفه مقربون من الرئيس السوري ‏من انه حسم النقاش مع مستشاريه حول اقتراحهم تأسيس ‏حزب جديد.‏
 إذ أبلغهم رفضه قائلاً:
                          "أنا بعثي وسأبقى كذلك".  
أمن وعسكر ‏
وفيما المعركة الدبلوماسية الدفاعية مستمرة، تتواصل ‏المعركة الميدانية، العسكرية والأمنية، بطابع هجومي.
 وآخر ‏المعلومات لدى المقربين من القيادة تؤكد استعادة السيطرة ‏على مدينة ادلب، والاستعداد لشن هجوم على منطقة جبل ‏الزاوية حيث تفيد التقديرات بأن العملية هناك قد تستغرق ‏شهوراً عدة، مع الاشارة الى ان القيادة تسعى بوضوح الى
‏‏"الحسم عسكرياً في المدن والبلدات الرئيسية قبل آخر الشهر ‏الجاري، وتأمين الطرق الدولية التي تربط المدن السورية ‏بعضها ببعض، في ظل تقديرات بأن الحسم الأمني سيستغرق ‏وقتاً طويلاً". ‏
وفي هذا السياق يسمع زائر دمشق مناقشات حول طريقة ‏التعامل مع ملف المجموعات المسلحة.
فهناك "من لا يزال ‏مقتنعاً بأن الرئيس الأسد ظل ليّناً جداً في تعامله مع ما ‏يجري"، ويطالب هؤلاء باعتماد سياسة القبضة الحديدية، ‏مشيرين إلى أن ذلك "لو حدث عند بدء الأحداث في درعا لما ‏امتدت الاضطرابات إلى خارج هذه المحافظة". لكن مصدراً ‏مطلعاً يقول:
 "الرئيس كان على حق. الحسم كان ينتظر ‏الظرف السياسي المناسب من جهة، وإعداد وحدات الجيش ‏السوري لهذا النوع من القتال من جهة ثانية، وهو ما تطلب ‏تدريباً على حرب المدن ومعارك الشوارع. وقد ظهرت ‏النتائج في بابا عمرو حيث اعتمدت تكتيكات عسكرية سمحت ‏بتحقيق المهمة بأقل الخسائر، وجرى اعتماد مبدأ السيطرة ‏على الحي منزلاً منزلاً. لم تتصرف كجيش نظامي يدخل ‏ويقيم مراكز تتحول أهدافاً للمسلحين، بل اعتمدت اسلوب ‏عمليات النخبة". ‏
ويشير المصدر إلى أن الرئيس الأسد "كان مقتنعاً منذ البداية ‏بأن التعامل مع هذه الأزمة يجب أن يكون كالتعامل مع ‏الطفرة الجلدية التي لن ينفع معها أي علاج قبل أن تأخذ ‏مداها، وأن كل ما يمكن فعله هو تهدئتها وتطويقها للحؤول ‏دون انتقال عدواها". ‏
من جهة أخرى، يقول المقربون من القيادة "ان الجهد قائم ‏بقوة لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الـ17 في اتجاه ربطها ‏بقيادات ثلاث، كل بحسب اختصاصها، وزارة الداخلية وقيادة ‏أركان الجيش ورئاسة الجمهورية، على أن تشكل معاً ما ‏سيسمى مجلس الأمن القومي.
ويراهن الرئيس الأسد على ان ‏يكون هذا المجلس مسؤولاً، فعلاً لا شكلاً، أمام لجنة الأمن ‏والاستخبارات النيابية التي ستمارس دورها الكامل على ‏غرار ما يحصل في الدول الغربية". ‏
ويشير هؤلاء إلى أن الرئيس السوري "مصرّ على تحييد ‏الأمن والعسكر عن كل الأمور المدنية، وكذلك عن الإعلام ‏حيث تقرر منع جميع العسكريين والأمنيين من التعاطي ‏بشؤونه وتركه لأصحاب الاختصاص من المدنيين". ‏
منقول عن الأخباراللبنانية.. بقلم : إيلي شلهوب