القلب ينبض بحبك يأسدنا المفدى و سيدَّ الوطنِّ و سيد الرجال و عزَّ العّرُّبّ وَفَخَّرَّ الامَّةِ

Monday 21 March 2011

خطبة الامام السجاد عليه السلام في قصر يزيد بن معاوية عليه لعنة الله



روي أنّ يزيد أمر بمنبر وخطيب
ليذكر للناس مساوئ الحسين وأبيه علي عليهما السلام ،
فصعد الخطيب المنبر فحمد الله وأثنى عليه ...
وأكثر الوقيعة في عليّ والحسين، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد،
فصاح به الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام :
ويلك أيها الخاطب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق،
فتبوّأ مقعدك من النار،
ثم قال: يا يزيد! ائذن لي حتّى أصعد هذه الأعواد، فأتكلّم بكلمات
فيهنّ لله رضا ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب.
فأبى يزيد، فقال الناس: يا أمير المؤمنين، ائذن له ليصعد،
فلعلّنا نسمع منه شيئاً.
فقال لهم: إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان.
فقالوا: وما قدر ما يُحسن هذا؟
فقال: إنه من أهل بيت قد زُقّوا العلم زقاً
ولم يزالوا به حتى أذِن له بالصعود،
فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب،
فقال فيها:
"أيها الناس، أُعطينا ستاً وفُضِّلنا بسبع،
أُعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة
والمحبّة في قلوب المؤمنين،
وفُضّلنا بأنّ منّا النبيّ المختار محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم،
ومنّا الصِّدِّيق، ومنّا الطيّار، ومنّا أسد الله وأسد الرسول، ومنّا سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول، ومنّا سبطا هذه الأمّة وسيّدا شباب أهل الجنّة .
فمن عرفني فقد عرفني،
ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي .
أنا ابن مكّة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى ، (أنا) ابن خير من حجّ ولبّى، أنا ابن من حُمل على البراق في الهواء، أنا ابن من أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فسبحان من أسرى، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى، أنا بن من دنا فتدلى فكان من ربّه قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمّد المصطفى.  أنا ابن علي المرتضى،
أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتّى قالوا لا إله إلا الله،
أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وطعن برمحين،
وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وصلّى القبلتين، وقاتل ببدرٍ وحنين،
ولم يكفر بالله طرفة عين. أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكّائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من آل ياسين و رسول ربّ العالمين،
أنا ابن المؤيّد بجبرائيل، والمنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأوّل من أجاب واستجاب لله من المؤمنين، وأقدم السابقين، وقاصم المعتدين، ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، ناصر دين الله، ووليّ أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علم الله،
سمحٌ سخيّ، بهلول زكيّ أبطحيّ، رضيّ مرضي، مقدام همام، صابر صوّام، مهذّب قوّام، شجاع قمقام، قاطع الأصلاب، ومفرّق الأحزاب، أربطهم جناناً، وأطبقهم عناناً، وأجرأهم لساناً، وأمضاهم عزيمة، وأشدّهم شكيمة،
أسد باسل، وغيث هاطل، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنّة وقربت الأعنّة، طحن الرحى ، ويذروهم ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وصاحب الإعجاز، وكبش العراق، الإمام بالنصّ والاستحقاق، مكّيّ مدنيّ، أبطحيّ تهاميّ، خيفيّ عقبيّ، ومن الوغى ليثها، وارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين، مظهر العجائب، ومفرّق الكتائب، والشهاب الثاقب، والنور العاقب، أسد الله الغالب، مطلوب كل طالب، غالب كلّ غالب، ذاك جدّي عليّ بن أبي طالب
أنا ابن فاطمة الزهراء أنا ابن سيدة النساء، أنا ابن الطهر البتول،
أنا ابن بضعة الرسول.. أنا ابن خديجة الكبرى، أنا ابن نقيات الجيوب أنا ابن عديمات العيوب
أنا ابن المقتول ظلماً، أنا ابن المحزوز الرأس من القفا،
أنا ابن العطشان حتى قضى، أنا ابن طريح كربلاء،
أنا ابن مسلوب العمامة والرداء، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء،
أنا ابن من ناحت عليه الجنّ في الأرض والطير في الهواء،
أنا ابن من رأسه على السنان يُهدى، أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى،
قال: ولم يزل يقول "أنا أنا" حتى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب،
وخشي يزيد أن تكون فتنة ،
فأمر المؤذّن أن يؤذّن، فقطع عليه الكلام وسكت.
فلمّا قال المؤذّن: "الله أكبر" قال علي بن الحسين عليه السلام :
كبّرت كبيراً لا يُقاس ولا يُدرك بالحواس، لا شيء أكبر من الله.
فلمّا قال: "أشهد أن لا إله إلا الله" قال علي عليه السلام :
شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعظمي.
فلما قال: "أشهد أن محمّداً رسول الله" التفت عليّ من أعلى المنبر إلى يزيد وقال: يا يزيد، محمّد هذا جدّي أم جدّك؟
فإن زعمت أنّه جدّك فقد كذبت ، وإن قلت إنه جدّي فلِمَ قتلت عترته؟
قال: وفرغ المؤذن من الأذان والإقامة، فتقدّم يزيد وصلّى صلاة الظهر.
فنزل الإمام علي بن الحسين عليه السلام عن المنبر،
فأخذ ناحية باب المسجد
........
 
 
 


 

No comments:

Post a Comment