القلب ينبض بحبك يأسدنا المفدى و سيدَّ الوطنِّ و سيد الرجال و عزَّ العّرُّبّ وَفَخَّرَّ الامَّةِ

Wednesday 20 April 2011

كيف تكون ثائرا عربيا وحليفا للسي آي ايه؟ ‏

كيف تكون ثائرا عربيا وحليفا للسي آي ايه؟

من القاهرة كتب‎ ‎‏ - د. رفعت السيد سعيد
من عجائب هذا الزمان ، وعجائب ما يطلق عليه هذه‎ ‎الأيام بـ (الثورات ‏العربية) ، (بإستثناء الثورتين المصرية والتونسية) أن تجد أحدهم‎ – ‎فردأ أو ‏منظمة أو حزباً – يوصف نفسه ، أو توصفه قناتا الخنزيرة والعبرية (مثلاً‎) ‎بـ(الثائر) ، لا يجد غضاضة فى أن ينسق مع المخابرات الأمريكية وكافة ‏أجهزة‎ ‎المخابرات الغربية ، والعمل السياسى أو العسكرى معهما بلا أدنى ‏شعور بالذنب أو‎ ‎الحياء ، بل أحياناً – او قل فى الغالب – يفتخر بذلك ، ‏والأغرب أن تجد بعض وسائل‎ ‎إعلامنا الخاص والعام ، تنطلق كالببغاوات ،
لتردد ذات النغمة ؛ (الثوار) ، (الثورة) ، دونما‎ ‎تمحيص لتلك العلاقة التى تربط ‏‏(الثوار) بـ الـ‎ C.I.A ‎أو محاولة تفسير الأمر لنا نحن‎ ‎القراء أو المراقبين ‏‏(الغلابة) ، ودونما الإجابة عن أسئلة بسيطة للغاية من قبيل‎ : ‎أليس ثمة تناقض ‏مصلحى وتاريخى بين (الثورة) فى أى مكان فى الدنيا ، وفى قلبها‎ ‎بلادنا ‏المنكوبة بأمريكا وإسرائيل‎ ‎، وبين المخابرات الأمريكية والأوروبية ؟ وهل‎ ‎تحولت الـ‎ C.I.A ‎فجأة إلى جمعية خيرية لدعم الثوار العرب ؟ وهل يستقيم ‏عقلاً ،‎ ‎وواقعاً أن تكون ثورياً ضد أنظمة مستبدة ، أو فاسدة وتابعة (مثل نظام ‏مبارك مثلاً‎) ‎وأن تعمل فى الوقت نفسه مع الـC.I.A ‎أو غيرها من أجهزة ‏الإدارة الأمريكية‎ ‎والأوروبية السياسية؟ العاقل يقول لك: طبعاً لا يستقيم ‏الأمر،أما المنافقون من‎ ‎صحفيينا ووسائل إعلامنا المقروءة والمرئية ، فتجدهم ‏يلفون ويدورون حول القضية،دون‎ ‎إجابة شافية،مجرد نفاق رخيص لحالة ‏عامة،ولمزاج عام يبدو ثورياً ولكنها (ثورة‎ ‎مغشوشة) أو ثورات (تايوانية) ‏غير حقيقية ، سرعان ما سنصحو بعد قليل على حجم الجُرم‎ ‎الذى اقترفه ثوار ‏الـ‎ C.I.A ‎فى حقنا وحق أمتنا إن صمتنا عن تلك العلاقة‎ ‎المشبوهة‎.‎
‎* ‎على أي حال دعونا نتأمل هذه "المشاهد" عن العلاقة‎ ‎العجيبة بين (الثوار) ‏والـC.I.A :‎
أولاً : المشهد الأول من مصر ، حيث لا يتحرج بعض‎ ‎ممن يسمون أنفسهم ‏بنشطاء حقوق الإنسان ، وبعض ممن يسمون بأعضاء فى ائتلافات ثورة‎ (25 ‎يناير) وممثل مركز كارنيجى التابع للـ‎ C.I.A ‎، المدعو عمرو حمزاوى وعبد ‏المنعم‎ ‎سعيد فيلسوف لجنة السياسات وسارق عمود يومى بشطارة فى الأهرام ‏قبل أن يتم إقالته‎ ‎باعتباره من العهد البائد وغيرهم ؛ من أن يلتقوا المسئولين ‏الأمريكيين والأوروبيين‎ ‎الذين كانوا حتى النفس الأخير ضد الثورة ، يلتقونهم ‏بترحاب بل ويعقدون المؤتمرات‎ ‎لهم ، لطمأنتهم على أحوال الثورة التى غالباً ‏لم يشاركوا فيها ، ولم يشاهدوا أسر‎ ‎شهدائها الأبطال وهم يزرفون الدمع على ‏أولادهم ؛ ولعلكم تتذكرون لقاءات المسئولين‎ ‎الأمريكيين بهم وصور الأخ بهى ‏الدين حسن ، والسيد عمرو موسى (الظاهرة الصوتية الذى‎ ‎يريد أن يصبح ‏رئيساً لمصر بعد خدمة 30 سنة تحت جناح مبارك) والبرادعى، معهم ، وهى‎ ‎صور منشورة على الصفحات الأولى للصحف المصرية مع هيلارى كلينتون ‏وباقى المسئولين‎ ‎الأمريكيين، والسؤال: كيف يستقيم أن تكون (ثورياً) أو مدافعاً ‏عن الثورة أو حتى‎ ‎مدافعاً صادقاً عن حقوق الإنسان أو صحفى يحترم نفسه ‏وقلمه ؛ وأنت صديق لقتلة شهداء‎ ‎الثورة؟
أليس الرصاص الذى قتل به أبناء ثورة 25 يناير رصاصاً أمريكياً وبريطانياً‎ ‎وأوروبياً،أما أننى أحلم وأرمى واشنطن بالباطل؟ أجيبونى من فضلكم‎!! .‎
ثانياً : كيف يستقيم أن تكون (ثورياً) ضد نظام بشار‎ ‎الأسد – مثلاً -‏
الذى يساند حماس والجهاد الإسلامى والمقاومة العراقية ، واللبنانية‎ ‎ويمدها ‏بالدعم المادى والمعنوى ، ويحتضن قيادتهم فى دمشق والذين يديرون أنبل ‏عملية‎ ‎جهاد عربى معاصر من قلب دمشق ؛ ويحتضن معهم نصف مليون ‏فلسطينى فى مخيم اليرموك ،‎ ‎بدمشق ، ومليونى عراقى هجر بسبب الاحتلال ، ‏وفى الوقت نفسه ، يمد هؤلاء الثوار‎ ‎ونشطاء حقوق الإنسان ، يد التعاون مع ‏هيلارى كلينتون ، ويرحبون بتصريحات أوباما‎ ‎والمخابرات الأمريكية ‏المساندة لأهل (درعا) و(اللاذقية) ؟ كيف ؟
أنا هنا طبعاً لا‎ ‎أعترض أن يرفض الناس الاستبداد والفساد فى سوريا وفى ‏غيرها من الدول العربية ، بل‎ ‎أدعوهم إلى أن يعلنوا هذا الرفض وبقوة ، ‏ولكنى لا أفهم – وأرجو أن يفهمنى أحد – كيف‎ ‎يكون من يتصدى لهذا ‏الاستبداد ، ثورياً وواشنطن وباريس تقف خلفه وتضع يدها فى يده ؟‎ ‎
ألا يجعلنا هذا الأمر نتردد فى إطلاق كلمة (ثورى) عليه ؟
أليس الأليق أن يتطهر‎ ‎أولاً من رجز العلاقة مع واشنطن وأن يناضل بصدر ‏عارى ،وقلب وطنى شريف، بعيداً عن‎ ‎وصايتها حتى نثق فى طهارته ‏واستقلاليته وعدم عمالته المبكرة ؟‎ .‎
ثالثاً : نفس الأمر يقال على من أسماهم إعلام الغرب‎ ‎وإعلام " الخنزيرة ‏والعبرية " بـ(ثوار ليبيا) .. كيف يكونون ثواراً وهم يتحالفون مع‎ ‎فرق ‏المخابرات الأمريكية والبريطانية التى بدأت تعمل على الأرض ، بعد أن عملت ‏لـ20‏‎ ‎يوماً فى السماء عبر طائرات التحالف فقتلت 650 مدنياً ليبياً فى طرابلس ‏وبنازى_معا‎_ ‎وباقى المدن ؟ كيف يستقيم أن يكون هؤلاء (ثواراً) وفرق من ‏الجيش الأمريكى تدربهم‎ ‎على إطلاق صواريخ جراد (انظر صحيفة الشروق ‏المصرية 4/4/2011) ، كيف يكونون (ثواراً‎) ‎وهم يصدرون البترول عبر ‏قطر إلى إسرائيل ؟ كيف يكونون "ثواراً" وهم لا يجدون حرجاً‎ ‎فى أن يقود ‏عملياتهم ضد قوات القذافى ضباط من الـ‎ C.I.A ‎ويعتبرون ذلك – وياللعجب‎ ‎‎– ‎تعاون وتنسيق مطلوب وبقوة ؟ كيف يكونون (ثواراً) وبرنار ليفى ‏الصهيونى الفرنسى يقود‎ ‎عملياتهم السياسة والعسكرية فى بنغازى ؟ (وبرنار ‏ليفى هذا جاسوس فرنسى شهير له قصة‎ ‎خطيرة سنحكيها فيما بعد !!) ؟ هل ‏اختلت قيم (الثورة) ومفاهيمها إلى هذه الدرجة ؟ هل‎ ‎أضحى كل من قال( لا ‏‏)ضد نظام الحكم فى بلده (ثائراً) حتى لو كان الذى يقوده ضابط فى‎ ‎الـ‎ C.I.A ‎؟ هل صارت المخابرات الأمريكية بقيادة سفارة بلادهم فى مصر (كما سبق‎ ‎وأشرنا فى مقالات سابقة) حنونة وبلا أجندة نفطية أو إسرائيلية ، وطيبة القلب ‏،‎ ‎والروح إلى هذه الدرجة التى تدفعهم إلى حد رعاية الثورات العربية الجديدة ‏وبخاصة فى‎ ‎ليبيا وسوريا ولبنان والسودان ؟ أم أن فى الأمر خلل ، وخطأ ‏جسيم ، يحتاج من كل ثورى‎ ‎حقيقى ، أن يشير وبقوة إلى موضعه، وأن يقول ‏وبأعلى صوت : نأسف جداً .. لا يمكن أن‎ ‎تكون ثائراً وأنت تعمل مع الـ‎ ‎C.I.A ‎أو الإدارة الأمريكية والأوروبية فى نفس الوقت‎ ‎؟ فإن الله لم يجعل ‏للمسلم (الثائر) من قلبين فى جوفه ؟ فإما أن تكون ثائراً‎ .. ‎وإما أن تكون‎ ‎‎(C.I.A) ‎، هكذا نفهم ، وهكذا نتمنى من المخلصين من إعلاميينا‎ ‎وسياسيينا أن ‏يفهموا ثم أن يختاروا – بعد ذلك - أى الطريقين يسلكون؟؟؟؟؟



No comments:

Post a Comment