رأى منسّق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية انيس نقاش أنّ الفوضى التي تحصل في العالم العربي بعضها ذو طابع شعبي وبعضها الآخر نتاج إحتيال مؤامراتي.
وقال نقاش في حديث إلى محطة "المنار" من عادة الثوار رفع مطالب محددّة بخلاف ما نراه اليوم في بعض الدول العربية التي لا نرى لها أهدافاً واضحة، الأميركيون وبعد فشلهم العسكري في العراق وافغانستان يحاولون أخذ المنطقة تجاه الفوضى العمياء لإستبدال إحتلالهم العاجز باحتيال لضرب وشلّ قدرات المقاومات باشغالها في الفتن الداخلية. بعد العام 2011 انهمكت معظم الدراسات الأميركية المنشورة في الـ"Foreign Affairs" لإعادة بناء العالم الإسلامي أو العالم العربي وفق المصالح الغربية والذي من خلاله بامكاننا ملاحظة دعم الأميركيين للمعارضة المصرية رغم تاييد المطلق للنظام المصري والرئيس حسني مبارك له".
النقاش " أضاف أميركا تسعى إستباق الأحداث ففي مصر مثلاً كانت تدعم مالياً المعارضة بـ70 مليون $ لتأطير عمله واستمالته على إعتبار انّ من سيخلف الرئيس مبارك ليس واضحاً سواء أطيح به بثورة شعبية أم توفي وفاة طبيعية".
الثورة العربية الكبرى
وأشار النقاش إلى أنّ التيارات الإسلامية في معظمها على علاقة مع السلطات الأمنية البريطانية للإستفادة من حراكهم... وقال: "لمعرفة الفرق بين المؤامرة والثورة يجب ان نمتلك وعياً تاريخياً، ففي عزّ الثورة العربية الكبرى في مطلع القرن الماضي ضدّ الإستعمار كان عالمنا العربي غارق في المؤامرة، الشريف حسين حظي بالمساعدات المالية لقيام الثورة على الأتراك والمعارضات اللبنانية والسورية كانا يُنسقّان مع الفرنسيين ومع السفير "بيكو" لتحرير بلادهم ليكتشفوا فيما بعد ومن خلال المخابرات السوفياتية انّ هناك مؤامرة حصلت بين "سايس" و "بيكو" على إقتسام المناطق العربية بين بريطانيا وفرنسا، وليليها بعد سنة واحدة وعد "بلفور".
خيطٌ رفيع
يُعقّب النقاش: "من الصعب جداً التمييز بين الثورات والمؤامرات والحالة هذه أشبه بسحب "الشعرة" من "العجينة" لأنّ النفس الثوري موجود في الساحات العربية. والعالم العربي يعيش ذلك النفس ضمن الحالات الثلاث في عالمنا العربي سواء في حراك الثورة السلمية (تونس – مصر) أو الحراك الثوري العنفي كما هو حاصل في ليبيا والقمعي كما يحصل في البحرين او المؤامراتي في سوريا.
النقاش وضع المؤامرة على سورية للإطاحة بالشرق الأوسط الجديد المثمثّل بالثلاثي الإيراني والسوري والتركي والمؤلف من قوميات عربية وإيرانية وتركية. "المتضررون من بناء هذه المنظومة خصوصاً في سوقي النفط والغاز كثر، وبالتالي العدو يحاول ملء الفراغ الإستراتيجي الأميركي في المنطقة بفوضى بين دول المنطقة او بصراع فئوي داخل تلك الدول".
يتابع النقاش: "يجب دعم الثورات وسياسات الممانعة والمقاومة في وجه الفوضى العمياء، الحرب في الشياشان لم تحصل لولا وجود الغاز ضمن اراضيها، الأوروبيين والأميركيين دعموا الشيشانيين لقطع النفوذ الروسي من العودة الى تلك المنطقة ومع فشلهم عاد الهدوء إلى الشيشان".
التمايز التركي
وحول موقف تركيا من الأحداث السورية قال النقاش: "تركيا بعقلها الإستراتيجي لم تضع كلّ "بيضها" في سلة النظام فقط، وفق الرؤية التركية هناك حلول وسطية ووفق الرؤية السورية هناك مشروع إصلاحي... برأيي النظام في سورية تأخّر بالإصلاح وكان عليه البدء به مباشرة بعد إنتهاء حرب تموز 2006. كما أنّه أضاع فرصة ثانية للإصلاح إثر سقوط نظام حسني مبارك وإعلانه فوز خيار الممانعة والتشبيك الإقتصادي لدول المنطقة. الخبر الإصلاحي الأبرز الهام والذي يحصل في سورية هو إصدار وزارة الداخلية قراراً بالإفراج عن كافة المعتقلين وتحويلهم الى القضاء ليقول كلمته لأن الإصلاح الحقيقي لم يعد يتماشى مع قانون الطوارئ".
يكمل النقاش: "الأمر المطمئن في سورية هو انّ النظام لن يقبل بالذهاب إلى الفوضى، والأيام الآتية ستشهد مزيداً من الحزم العسكري ومزيداً من الإصلاحات لأنّ حياة سورية في المنطقة لن يستقيم دورها الاّ من خلال إصلاح حقيقي".
كلب "بافلوف"
سئل عن إمكانية النفاذ بالإصلاح مع وجود مؤامرة كبيرة على سورية قال: "الإعلام كان ولا يزال يلعب دوراً بارزاً في هذا المجال وقصة بلداننا تشبه تصرّف عالم النفس الروسي "بافلوف" الذي كان يطعم كلبه أثناء رنّ الجرس لحين إعتياد الكلب سيلان اللعاب دون إعطائه الطعام. الغرب والأميركيين وإلى جانبهم الإسرائيليين مع إعادة تركيب المنطقة سعوا الى فتح محطة الـ"bbc" الناطقة باللغة العربية من إحدى الدول العربية، فطلبت تلك الدولة العربية في حينها البثّ باسمها وكانت ولادة محطة "الجزيرة".
الجزيرة يقودها أمير قطر
يضيف النقاش "عملت المحطة على مدى سنوات ضمن خطّ الشعب لحين اللحظة المناسبة تماماً كالجامعات المتخصصة التي تعطي دراساتها للحكومة الأميركية "هناك التزام واضح للمحطة، فقرعت الجرس دون تقديم الطعام لأخذ الناس تجاه مسلك معيّن. لكنّ المحطة فشلت فشلاً ذريعاً لأنّها تعامت عن أحداث البحرين وغضّت النظر عن إجراء الإصلاحات في بلدها. والإثبات على ذلك أنّ "الجزيرة" الناطقة باللغة الإنكليزية لا تزال تتناول قضية البحرين موضوعياً لأنّ الرأي العام الغربي لن يكون سوى مشاهداً لما يحصل هناك. من يقود محطة الجزيرة ليس المدراء ولا الصحافيين بل أمير قطر ومعاونه حمد بن تامر".
القذافي لم يقصف شعبه
وأعطى النقاش مثلاً عن خديعة الإعلام ما حصل في ليبيا "القذافي لم يقصف شعبه على الإطلاق، والتلفزيون الروسي قالها علناً أنّ الطيران الليبي لم يقصف الليبيين لكنّ تسويق تلك الكذبة كان هدفه تبرير التدخّل العسكري لأوروبا. نحن نعيش في عالم الكذب والتحريض والناس عليها معرفة المصير لا السير وراء الغرائز".
أوباما وأمير قطر
النقاش رأى انّ المقولة التي تقول انّ الأميركيين والإسرائليين يفضلون نظام الاسد عن أيّ بديل غير صحيح على الأقلّ منذ العام 2006 لان سورية حمت العراق ولا تزال تساعد المقاومة في لبنان... "الرئيس الأميركي باراك اوباما هنأ الأمير القطري على دوره الكبير بدعم حركات الديمقراطية في العالم العربي لإعتقادهم أنّ الديمقراطية في العالم العربي لن تخوض الحروب ضدّ اسرائيل متناسين انّ الحروب الأوروبية حصلت ضمن أنظمة ديمقراطية".
المقاومة في أعلى جهوزية
وعن دور محور الممانعة الذي يطال لبنان وفلسطين وسورية والعراق وايران وتركيا قال النقاش: "رغم عدم تشكيل الحكومة في لبنان لا يزال الجسم العسكري للمقاومة في أعلى جهوزية له كما هي حال المقاومة الفلسطينية. ايران على لسان وزير خارجيتها طلبت من الخليج تصحيح مواقفها قبل ان تردّ عليهم بشكل قاسٍ والجواب سيكون في الوقت المناسب وليعلموا انّ الغيوم ملبدّة جداً والقرار إتخّذ بمنع التمديد للقوات العسكرية في العراق. وليطمئن من يحاول تخويفنا أنّ القوة هي لمن يمسك الأرض، والأمر الجوهري بما يحصل في سورية هو الذهاب الى مزيد من الإصلاحات مع تفعيل الأمن لرفع مستوى التشبيك لإنقاذ المنطقة".
وانهى نقاش حديثه بالقول: "اسرائيل موجودة في كلّ الساحات رغم تراجع نفوذها، والمعركة الإسرائيلية لم تعد فقط قرارً اسرائيلياً لأنّ عصر "الزعرنة" إنتهى كما قال وزير خارجية سورية وليد المعلّم رغم وجود الضبابية".
No comments:
Post a Comment