القلب ينبض بحبك يأسدنا المفدى و سيدَّ الوطنِّ و سيد الرجال و عزَّ العّرُّبّ وَفَخَّرَّ الامَّةِ

Friday 15 July 2011

تاريخ آل سعود الجزء الثاني العاشر




تاريخ آل سعود

 الجزء الثاني العاشر

تقديم شكوى للميجر مور!

ومن جهة ثانية قام سالم الصباح بتقديم شكوى إلى المستر مور المعتمد البريطاني في الكويت ضد أعمال "ولد بريطانيا المدلل" عبد العزيز آل سعود، فسافر الميجر مور إلى بغداد لمقابلة الحاكم الملكي العام البريطاني "السير ارنولد ولسن" وعاد الميجر مور إلى الكويت ليقول للصباح (ان الحكومة البريطانية جادة في "سعيها" على تثبيت الحدود بين الكويت ونجد انّما يجب أن تحسن علاقاتك مع عبد العزيز آل سعود وبريطانيا)!…
فأدرك سالم الصباح مدى تبني بريطانيا لابن سعود!…
فأرسل سالم الصباح بتاريخ 13 رمضان 1338 هـ ـ 30 مارس 1920 م وفدا يتكون من عبد الله الصميط وعبد العزيز الحسن إلى الرياض ومعهما رسالة إلى عبد العزيز آل سعود "يشكو" إليه ما حصل منه ومن "اخوانه" السعوديين.
ويذكّر عبد العزيز آل سعود (بما قدمه آل سعود صباح من المساعدات وكيف أن الكويت آوى آل سعود في أيام محنتهم في ساعة كانوا فيها بأمس الحاجة إلى مأوى وكساء ولقمة عيش فآوتهم الكويت وأطعمتهم وساندتهم بالارض والسلاح والجنود، وليس لمن يفعل ذلك هذا الجزاء مهما كانت الاخطاء التي لم تحدث منه وان أنكرتم الان هذا فاننا لا نطلب منكم إلاّ مراعاة الصداقة القديمة وعدم نكران الجميل، وليس بين نجد والكويت من الأمور المعقدة ما يدعو لكل هذا الجفاء والغلظة والاعتداء على أشقاء كانوا قد حاربوا معك تاركين زوجاتهم وأولادهم في الكويت فمات منهم من مات معك وتركوا خلفهم الأرامل والأيتام فأرسلت جنودك الآن لترويعهم وقتل جنودك الان ما بقي من أخوانهم وأهليهم)!.
وكان غدر عبد العزيز أقبح من فعله..

الفضل لله ثم للإنكليز ولا فضل لأهل الكويت علينا!

والاحساء أخذناها بالسيف!

وحينما وصل الوفد الكويتي إلى الرياض وسلم الرسالة إلى عبد العزيز آل سعود، زعم الماكر كما قال: "والله واله والله انني ما كنت راض وعارف بما حدث وانني قد أنّبت فيصل الدويش على ذلك ولكن فيصل الدويش اعتذر بقوله ان القوات الكويتية هي التي دخلت مسافة لا تبعد عن أربع ساعات[1].
للإبل عن منازل الاخوان"!… وتابع عبد العزيز آل سعود يقول: "ان كان آل صباح يطلبون مني حقوق الصداقة القديمة فأنا أعطيهم ولو كلفني ذلك الخروج عن الاحساء التي ملكتها بحد السيف "!" أما فضل آل صباح وأهل الكويت على الذي يعيّرني به فالفضل لله ثم لبريطانيا التي ساعدتني وأمرت آل صباح بمساعدتي ولا فضل لأهل الكويت أو غيرهم علي، وأنا أعتبر أن حدودي هي صفاة الكويت[2].
وحدود الكويت هي صفاة الرياض "!" وأنا لا أعترف أن لسالم الصباح عليّ حق.
أما الاموال التي صادرها جيش الاخوان فانني آمر لكم من الان بجمع خُمسها الذي هو نصيبي وإرساله معكم لاهل الكويت "!"، أما البقية فقد اغتنموه الاخوان.."!… قال الوفد الكويتي: "ما دام أنك ما ستعطينا غير الخُمس مما سلبه "الاخوان السعوديين!" بالعدوان الغادر من أموال الناس المسالمين الذين لم يحاربوا فاننا باسم المعتدى عليهم نتنازل عن خُمسك الخاص!…
لكن الذي يهمنا هو أن نعرف لماذا أتباعكم يتهموننا "بالكفر" ويريدون نهبنا وقتلنا لاننا "كفرة" بينما قد عشت أنت يا عبد العزيز بيننا في الكويت سنوات ولم تر من كفرنا أي شئ يوجب كل هذا التكفير وهذا العدوان ونحن الذين حاربنا معك ابن الرشيد وشمّر والعجمان بل وحاربنا معك عتيبة ومطير، وإذا كان الانكليز ساعدوك فقد ساعدوك وأنت على أرضنا وقد ساعدناك قبلهم"!.
فقال عبد العزيز آل سعود: "انني سأرسل إلى جانبكم ناصر بن فرحان السعود بكتاب يسلمه إلى سالم الصباح"… وغادر الوفد ومندوب عبد العزيز الرياض ثم ارسل معهم 165 بعيرا وفرسين قائلا: "ان هذا هو الخمس الذي هو نصيبي من الغنائم التي غنمناها من أهل الكويت"!…
وبهذا يكشف عبد العزيز كذبه بنفسه.. حينما يزعم في بداية الحديث للوفد "أنه لا يعلم بما حدث من اعتدءات وان الدويش هو الذي فعل هذا من تلقاء نفسه"..
وهو يعترف ضمنا بالجريمة بعد أن طالبه الوفد بالاموال فيدعي "انها غنائم وان له خُمسها وانه يتنازل عن خمسها للمعتدى عليهم"!.. هذا هو جزء من الكذب والخداع والغدر الذي تعلّمه عبد العزيز من أجداده اليهود وعلمه أولاده!.

عودة الوفد الكويتي من الرياض وتهديدات سعودية سافرة

عاد الوفد فاشلا إلى الكويت في يوم 15 شوال 1338 هـ ـ 1 تموز 1920 م وقابل الوفد المكون من عبد الله الصميط وعبد العزيز الحسن… الشيخ سالم الصباح سرا وأبلغاه بما سمعاه من عبد العزيز آل سعود.
أما مندوب عبد العزيز آل سعود المدعو ناصر بن فرحان فقد قابل الشيخ سالم في مجلسه العام وسلم إليه كتاب عبد العزيز آل سعود الذي جاء فيه التهديد السافر واعترف عبد العزيز بمسؤوليته عن العدوان بقوله: "ان السبب في واقعة حميض هو تدخلكم في مالا يعنيكم.
اعلموا أن لا حق لكم عندي، ولا حق لكم في منطقة "قرية" فهي ـ لي ـ فقد خططها السير برسي كوكس، أما كان لابائك واجدادك من حق على آبائي وأجدادي فاني معترف به وحينما يتقابل آبائي وأجدادي مع آبائك وأجدادك في الآخرة سيأخذ كل منهم حقه بنفسه"!…
وهكذا لم يعترف عبد العزيز آل سعود بأي فضل عليه لاهل الكويت وآل صباح، ونراه يسخر حينما يعترف بحقوق آباء وأجداد آل صباح الاولين على آباء وأجداد آل سعود الاولين ويحيلهم لحسابه اليهودي في الاخرة!…
وما زال يتبعه أولاده حتّى الان بعدم الاعتراف بفضل أهل الكويت هذا "الفضل" الذي نكبوا به بلادنا ونكبوا به أمة العرب…

رسول عبد العزيز آل سعود يكذب في مجلس سالم الصباح لتحطيم معنوياته

وما دام أن عبد العزيز آل سعود وأولاده يكذبون، فالاتباع على دين ملوكهم، ومن هؤلاء الاتباع مندوب عبد العزيز آل سعود وحامل كتاب تهديده لسالم الصباح المدعو ناصر بن فرحان، فما أن سلم هذا الفرحان كتاب عبد العزيز لسالم الصباح حتّى بدأ يتشدق "بانتصارات عبد العزيز " على الكفار والملحدين قبيلة شمّر" قائلا بسرور مصطنع: (لقد انتصر الاخوان على الكفرة الملحدين شمّر في معركة الشعيبة وكانت خسائر شمر هائلة وأضرارهم بالغة وقتل منهم العدد الكبير!!)…
وأخذ مندوب عبد العزيز يتكلم باسهاب عن انتصارات عبد العزيز آل سعود والاخوان على شمّر، بينما الشيخ سالم الصباح صامت لا يرد عليه، وفي أثناء ذلك دخل إلى مجلس الشيخ سالم الصباح أحد رؤساء شمّر، وأخبر (بأن النصر في معركة الشعيبة ـ كان إلى جانب قبيلة شمر، وان قوات ابن الرشيد هزمت "الاخوان السعوديين" في معركة الشعيبة) فعلت وجه سالم الصباح ملامح السرور والبشر والانشراح وهو ينظر إلى وجه مندوب عبد العزيز آل سعود، ناصر بن فرحان، الذي اختفت علامات الفرح من وجهه وتوقف لسانه عن الكذب!…
فكتب الشيخ سالم الصباح رده على رسالة عبد العزيز آل سعود وسلمها إلى مندوب عبد العزيز…
وقد رفض سالم الصباح في رده شروط عبد العزيز ومزاعمه، ثم أمر مندوبين من عنده هما مبارك بن هيف وهلال المطيري أن يرافقا المندوب السعودي إلى الرياض..

ملحق خير!! وتقير وفد الصباح

ثم أضاف سالم الصباح ملحقا للكتاب عنونه بعنوان "ملحق خيرا" جاء فيه: (أما طلبكم تنازلنا عن العشائر وان لا نخرج من الكويت جيشا مقاتلا فهذا مع كونه اجحافا بحقنا..
فهو مخل بشرفنا الذي كنا على يقين من حرصكم عليه!.
وأما ما نهبه "الاخوان" فلا نعذركم من عدم أدائه وأنتم تعلمون أنهم بأمركم اعتدوا على أهل الكويت، ثم اننا على استعداد لمساعدتكم والقيام بما يسركم وسترون من الاكرام أعظم مما رأيتم سابقا)!…
وفي هذه الاثناء جهز عبد العزيز آل سعود قوات الاخوان وأمرها (بالتمركز في "قرية" استعدادا للتحرك إلى الكويت لقتال الكفار)!.
وحينما وصل المندوب السعودي ناصر الفرحان إلى عبد العزيز وسلمه كتاب سالم الصباح أسر إليه عما رآه من علائم البشر والسرور تتجلى في وجه سالم الصباح حينما قص عليه ذلك الشمري "المعادي لآل سعود" خبر انتصار شمّر وابن الرشيد على قوات الاخوان السعوديين!…
وحينما قابل عبد العزيز آل سعود مندوبي سالم الصباح، هدد وتوعد وشتم سالم الصباح أمام مندوبيه وقال لهما: (هيّا أخرجا وقولا لسالم الصباح ليس بيني وبين سالم الصباح إلى إلاّ  الحرب، والقتال، فعودا إليه وأخبراه بذلك)!…
وعاد وفد سالم الصباح من الرياض إلى الكويت وأخبر سالم الصباح بما قاله عبد العزيز آل سعود، وكان لديه عبد اللطيف المحميد ـ أحد موظفي دار الاعتماد البريطانية في الكويت ـ فطلب منه سالم أن يبلغ ما سمعه إلى المعتمد السياسي البريطاني، فطلب المعتمد من سالم الصباح الكتابة رسميا بذلك ففعل!.

بريطانيا وراء كل ما يقوم به عميلها ـ العزيز ـ عبد العزيز

من كل ما سلف وما سيلحق يتضح أن بريطانيا كانت وراء تحركات عميلها العزيز عبد العزيز آل سعود الذي استخدمه الانكليز أداة ضغط على سالم الصباح ليرتمي ـ الصباح ـ بأحضانهم أكثر فأكثر… والان بدأت فرصة المخابرات البريطانية سانحة لاتمام الخطة…
في هذا الاثناء أبرق الحاكم الملكي العام لبريطانيا في بغداد إلى المعتمد السياسي البريطاني في الكويت بتاريخ 23 شوال 1338 هـ ـ 9 تموز 1920 م يأمره أن يخبر الشيخ سالم الصباح (بأن المعاهدة المعقودة بين الحكومة البريطانية والدولة العثمانية في لندن عام 1913 في عصر والده مبارك التي أجازت استقلال الكويت قد ألغيت وان الحكومة البريطانية قد عقدت معاهدتها لحماية الامير عبد العزيز آل سعود في عام 1333 هـ 1915 م المعروفة بمعاهدة "دارين" ويجب أن ينتصح الشيخ سالم الصباح بمسايرة الامير عبد العزيز آل سعود ومن ناحية أخرى يرفض المطالب التي قدمها عبد العزيز ويترك معالجة الحدود إلى رأي الحكومة البريطانية)!..
هكذا الغت بريطانيا المعاهدة التركية البريطانية التي اعترفت بموجبها تركيا وبريطانيا "باستقلال الكويت" تمهيداً لترويض سالم الصباح ومن سيخلفه، وفي الوقت نفسه قطعت بريطانيا وعدها لعبد العزيز آل سعود على لسان جون فيلبي بمنحه الكويت "ليصبح الميناء الطبيعي لنجد" كما قال فيلبي، لكنها من ناحية أخرى تمنعه من اجتياح الكويت والبحرين وقطر والمحميات وبموجب معاهدة دارين التي عقدتها معه لكونها كالكويت مشمولة بالحماية البريطانية وغير "مستقلة" ولكن نظراً لما تتطلبه مهمة الترويض ارادت ان تردع سالم الصباح وتخوفه فقط، مجرد تخويف، بالوحوش السعوديين وتفهمه انّه غير "مستقل" وأن لا يتصرف أكثر من تصرف
الخادم لبريطانيا وخادمها العزيز عبد العزيز…

ماهي معاهدة دارين؟…

تقول المعاهدة ما يلي:
(يتعهد ابن السعود كما تعهد اباؤه من قبل ان يتحاشى الاعتداء على الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عُمان المشمولة بحماية الحكومة البريطانية ولها صلاحيات عهدية مع الحكومة البريطانية وان لا يتدخل في شؤونها وتحدد حدود هذه الاقطار فيما بعد…
كما تتعهد بريطانيا بحماية عبد العزيز آل سعود داخليا وخارجيا وامداده بما يحتاج إليه ضد اعداء بريطانيا وابن سعود)!.
هذه بعض أجزاء الاتفاقية، ولبريطانيا "حكمة" في منع ابن السعود ـ عميلها المدلل ـ من الاعتداء على محمياتها الاخرى الآنفة الذكر…
وقاعدة الحكمة البريطانية (فرق تسدّ)…

سالم الصباح يرفض الغاء المعاهدة البريطانية ـ التركية القاضية باستقلال الكويت بكتاب رسمي!

ففي 25 شوال 1338 هـ بعث سالم الصباح بكتاب إلى المعتمد البريطاني في الكويت "الميجر مور" يرد به على برقية الحاكم البريطاني العام في بغداد يرفض فيه "بلباقة" أمر الحاكم العام اعتبار الكويت غير مستقلة عن بريطانيا وتركيا!، مستجيراً ببريطانيا من همجية الوحوش آل سعود والسعوديين!…
ويقول: "اننا لن نخرج عن رأي بريطانيا لما يربطنا بها من صداقة"!…

استنجاد سالم الصباح بحاكم حائل سعود آل رشيد

وكان سالم الصباح، قبل ذلك قد استنجد بسعود الرشيد فأرسل لنجدته مجموعات من شمر بقيادة (الشيخ ضاري بن طواله) وخيّم بالقرب من صفوان، فطلب سالم الصباح من ضاري ودعيج السلمان الفاضل الإتجاه إلى (قرية) وضرب تحشدات "الاخوان" السعودية، فاتجه ضاري ودعيج لتلك المعركة لكنهما اختلفا في الطريق إلى المعركة، اختلف الاثنان على من منهما يتولى القيادة، وكان البادئ في الخلاف (دعيج) الذي قال لضاري: (انني أنا الذي اتولى القيادة) وقال ضاري: (اننا أمام جند قوي ومسلح ومستعد بالمعدات البريطانية والخبرة البريطانية وقد بلغه تحركنا اليه، ولسنا الان بحالة مفاخرة في القيادة ما دام انّه لا خيار لنا بين الموت والحياة، وإذا اصررت انت على تولي القيادة فلن اكون المسؤول عما قد يحدث لنا من هزيمة اما ان توليت القيادة انا فاني المسؤول عن تحركاتي وتوجيهاتي وتصرفاتي وجماعتي علما أن الجنود هم شمّر جنودي انا وأنت فرد عادي وجنودي شمر يرفضون ان يقودهم غيري)!.
فاختلف القائدان في الطريق.
ورأيا أن أحسن شئ لهما العودة لكيلا يقابلا العدو بروح مزعزعة!…

الانكليز يأمرون عبد العزيز بقتال أهل الكويت لتركيع حكامه لهم

هكذا ترون حكام آل صباح يبتعدون عن التبعية الانكليزية قليلا فيوعز الاستعمار الانكليزي لعبد العزيز آل سعود بمحاصرة الكويت و"تكفير" شعبها وحكومتها وقتالهم "لسعدنتهم" وضم الكويت للمتلكات السعودية في حال عدم قبول الكويت بالعودة إلى ربقة الاستعمار البريطاني!…
فتبدأ معركة الجهراء ويقتل آل سعود المئات من شعب الكويت، فيضطر حاكم الكويت وقادة الشعب ـ آنذاك ـ إلى الارتماء في احضان الانكليز مفضلين زمهرير الاستعمار الانكليزي عن جهنّم الاحتلال السعودي الذي لو تم لاصبحت الكويت جزء من صحراء رأس المشعاب أو قرية عاصمتها "قرية" أو "جريه"!… أو الخفجي.

مجزرة الجهرا

في الساعة السادسة من صباح يوم الاحد الموافق 26 محرم 1339 هـ ـ 10/10/1920 م زحفت قوات قائد الجند السعودي ـ القبلي ـ فيصل الدويش ـ وكانت تزيد عن اربعة الآف من الجنود الذين سماهم الانكليز باسم "الاخوان المسلمين… جند الله" بعد أن أسسهم الكابتن ديفيد شكسبير اليهودي وقادهم فقتله شعبنا في معركة جراب فأحل الانكليز محل الكابتن جون فيلبي "محمد بن عبد الله فيلبي" التابع لمكتب المخابرات الانكليزي المعروف باسم المكتب الهندي، زحف فيصل الدويش ـ وهو رئيس قبيلة مطير ـ بقواته المسلحة بالاسلحة الانكليزية الوفيرة والدعوة الوهابية الشريرة التي بعثها الاستعمار الانكليزي من جديد فأوغر بها صدور بعض هذه القبائل ـ والقبائل هذه ـ لا تعلم انها مثلما قاتلت شعبنا وقبائلنا الاخرى باسم الدعوة الوهابية سيقتلها آل سعود والانكليز باسم الدعوة ذاتها!.
وسينقلب سحر السعودي!.
زحفت هذه القوات المتوحشة كالحمّى الصفراء والوباء المميت على قرية الجهرة الكويتية وتمركزوا في مرتفع يسمى (صيهد ابن الرشيد) الواقع في الجنوب الغربي من قرية الجهرا الكويتية فأطلقت "الراجفة"!.. والراجفة هذه باصطلاح "الاخوان المسلمين السعوديين جند الله الانكليزي" هي: ان يطلق جميع المحاربين ـ الآلاف ـ من رصاص بنادقهم في وقت واحد لمدة دقيقة واحدة لإرهاب القوة المواجهة لهم ولاختيار صلاحية بنادقهم للقتل!…
وبعد اطلاق "الراجفة" تقدمت فرق الانكليز واليهود "الاخوان المسلمين السعوديين" مشاة في صفوف تشبه صفوف المصلين يتقدم كل فرقة حامل علمها وكانت فرق الفرسان مقسمة إلى جناحين الجناح الايمن والجناح الايسر…
وأخذ الشيخ فيصل الدويش يصدر أوامره العسكرية من مخيمه الواقع خلف صيهد ابن الرشيد، وكان قد قسم فيصل الدويش جيشه إلى أربع فرق كل فرقة تبدأ من الف شخص فما فوق، ولكل فرقة علمها واسمها ومن اسماء هذه الفرق:
فرقة مبايض، وفرقة فريتان، والاثلة، وقرية السفلى، وقرية العليا… ولها قائدها الاعلى وقادتها الصغار، فتقدمت فرق الدويش السعودية هذه فرقة مبايض واحتلت بستان ـ خلف النقيب ـ ثم انتشر جنودها وانتشرت بقية الفرق في البساتين وفي منطقة ـ الجهرا ـ تنشر الموت والخراب ـ يقتلون كل من يقابلهم ـ رغم ان فرق "الاخوان" لاقت مقاومة من الكويتيين والقبائل المحيطة بالكويت، وبمثل ما استبسل الشيخ ضاري بن برغش بن طوالة وفرسانه من قبيلة شمر للدفاع عن شعب الكويت "استبسل الاخوان السعوديون" لقتل شعب الكويت، رغم كل مقاومة، وكانوا يقابلون الرصاص وكأنه زخات من الثلج والبرد وقد قتل في هذه المعركة الشيخ جابر العبد الله الصباح ـ ومساعده ـ دخيل العصيمي، وعدد كبير من المدافعين الكويتيين والمواطنين العاديين، وهذه بعض أسماء الذين قتلهم الرصاص اليهودي السعودي الانكليزي "الامني"... باسم الاسلام!! وبحجة ادخالهم في الاسلام!!

فليذكرهم "آل صباح" الذين ما زالوا ينفذون أوامر السعودية!…

الشيخ جابر العبد الله الصباح، دخيل العصيمي، إبراهيم العبد الهادي، إبراهيم الحمضي، أحمد حجي، أحمد الناصر، أحمد الضرمان، حسين السنيني، حسين المقهوي، حمد الدريبي، حمود الرغيب، حمود العجلة العازمي، صالح الحوطي، خرشان العازمي، خليف شقفي، دريمج خميس المطيري، راشد المنيع، زعال غريب العازمي، سالم بن غوينم، سعد بن زنان، سعود سحيب العازمي، سيف العتيقي، مسعد العجمي، صالح الرويح، صالح الرهيمان، عامر العميري، عبد الله جعوان، عبد الله حبيب العازمي، عبد الله زنان العجمي، عبد الله علي النجدي، عبد الله علي ملحم السهلي، فالح سهل الشمري، عبد الله مخلف الشمري، عوض مدلج الشمري، سعدون جازي الشمري، عبد الله الهولي، عبد الرحمن أمان، عبد الرحمن الحسينات، عبد الرحمن المقهوي .
أصيب بالجنون ومات ـ وعبد العزيز بن عوجان، عبد العزيز بن معدي، عبد الكريم بن سعيد ـ أمير الجهرا ـ عثمان بن سيف، علي الحنيني، علي شملان، سيف المرزوق، علي بن عمير، عنبر العصفور، عنبر مديرس، غانم مبارك العميري، فرحان النومان، فهد بن دويان الدريبي، فهد دويلة الرشيدي، فهد الغصن العازمي، مبارك دويلة، مجبل الشلال، مجرن الشلال، محمد الدريبي، محمد دويس العازمي، محمد بن زامل، محمد بن عبد الله المزين، محمد العريقان، مدّوخ "عبد" سالم الصباح، محمد الغربي، مشاري النجدي، مزعل بن مزعل، مرزوق الحرّيص، مرزوق عيد الشمري، مساعد بن عبكل، مسعد المرزوق الرشيدي، مطلق الخضير، مطيران المسفر، مفلح بن داهم، مهلهل إبراهيم المضف، يوسف المحيزين، وغيرهم الكثير من القتلى… اما الجرحى فاكثر بكثير …

هذا ما جناه حكام الكويت من دعمهم لآل سعود

أجل… ذلك بعض ما جناه حكام الكويت، على شعب الكويت حينما ألجأ هؤلاء الحكام عبد العزيز آل سعود ووالده وأولاده فآووهم وكسوهم واطعموهم وجعلوا من الكويت منطلق شرهم ضد شعبنا وشعب الكويت نفسه، وبعد هذه المجازر التي احدثها جنود "الاخوان" بأمر من عبد العزيز آل سعود والسير برسي كوكس مسؤول المخابرات الانكليزية في الخليج والجزيرة العربية، أخذ سكان الجهرا وضواحي الكويت كل يبحث له عن ملتجأ.
وفي هذه الاثناء خرج حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك الصباح ـ (وهو ابن مبارك الصباح ـ المدافع عن عبد العزيز آل سعود الذي لا ينفع به المعروف) خرج الشيخ سالم ومعه عدد من الكويتيين للدفاع عن الكويت من شر آل سعود ولكنه اصطدموا بقوة الموت قوة "الاخوان السعوديين" فالحقت بهم خسائر في الارواح وهرب الشيخ سالم ومن تبقى معه ليلتجئ إلى القصر الأحمر "في الجهرا"، فلاحقه "اخوان الموت" وحاصروا القصر، ثم أرسل ـ قائد الاخوان ـ فيصل الدويش أحد الذين اسرهم من الكويتيين ويدعى ـ مطلق بن مسعود ـ ليمهد لمفاوضة المحاصَرين في القصر ـ وفي الوقت نفسه يتعرف على ما لديهم وما بهم في هذا القصر ومن ثم يوقع الرعب في قلوب المحاصَرين ليضرب "الاخوان السعوديين" ضربتهم القاصمة، وكان نيتهم: اسر أو قتل الشيخ سالم المبارك الصباح وافناء البقية والتقدم نحو الكويت العاصمة لاحتلالها وإبادة ما تيسرت إبادته...
فوصل رسول قائد الجند السعودي إلى القصر وطلب الدخول فرفضوا فتح الباب له بل انزلوا إليه الحبال ورفعوه اليهم وأخبر هذا "الرسول" من في القصر (أن الاخوان سيهجمون على القصر هذه الليلة!..) وبعد أن زرع الخبر المروع في نفوسهم عاد "الرسول السعودي" إلى الشيخ فيصل الدويش ليصف له مدى الذعر المهيمن على سكان القصر الذي يرتص بداخله أكثر من ألف وخمسمائة كويتي بطريقة شبيهة برص سمك السردين المعلب!.
وبعد هذه المعلومات التي اثلجت صدر القائد السعودي المخدوع فيصل الدويش اعاد الدويش نفس هذا المندوب ثانية إلى القصر ـ المحاصَر ـ ليبلغ الشيخ سالم الصباح بأن فيصل الدويش على أتم استعداد لإجراء هدنة مؤقتة يتخللها التباحث بالموافقة على الشروط التالية:
1 ـ رجوع أهل الكويت إلى الدين الإسلامي الصحيح!!.
(لاحظ كلمة الرجوع!… هذه: إلى الدين الإسلامي "والصحيح أيضاً!" أي الرجوع إلى حظيرة اليهود والانكليز ـ المربوط ـ في مراغاتها ـ عبد العزيز آل سعود … والمخدوع بها هذا الشيخ الدرويش رحمه الله)… المؤلف.
2 ـ ابعاد جميع الشيعة الموجودين في الكويت "!!".
3 ـ ترك شرب الدخان!. (وقد كان هذا البند من باب تغطية المقاصد الخبيثة السعودية لا أكثر)… المؤلف.
4 ـ تكفير الاتراك!. (وكان الانكليز يتهمون كل من يرفض قبول الاستعمار الانكليزي بتهمة الميول التركية)!… الخ.
فتظاهر الشيخ سالم الصباح "المحاصر" بالموافقة على مطالب قائد الجند السعودي وخرج المندوب السعودي ليخبر فيصل الدويش بالموافقة، فأرسل الدويش مندوبا آخر أكثر وزنا للتمثيل السعودي واسمه منديل بن غنيمان يرافقه مطلق المسعود وثالث يدعى "الشهري" وتحدث "منديل" للشيخ سالم الصباح عن زيادة المطاليب "!"  وقال: (ان الاخوان قد عزموا على مهاجمتكم في هذه الليلة، ولكن فيصل الدويش وعثمان بن سليمان، منعوهم عن ذلك قبل أن يعرضا عليكم شروط الصلح "!"، فان رفضتم فسينجزون ما عزموا عليه، أي ينجزون عليكم وعلى أهل الكويت لتبقى الكويت أرضا مجرده من البشر "!" وهما يطلبان منكما ما يلي:
1 ـ العودة إلى الإسلام "!".
2 ـ الغاء سوق القحاب "!" (علماً أنه سبق لأهل الكويت ان ألقوا القبض على عبد العزيز آل سعود نفسه حينما كان في الكويت وعدد معه من الاخوان السعوديين يمارسون الدعارة في هذا السوق)… المؤلف…
3 ـ ترك المنكرات!. (ولا شك ان أكبر المنكرات عدم الرضوخ الكامل للإنكليز).
4 ـ ترك الدخان… (علما أن أكثر الاخوان السعوديين يدخن)!
5 ـ ترحيل الشيعة عن الكويت ! (وكان للشيعة دورهم في معارضة الوحشية السعودية)… المؤلف.
6 ـ اخراج القنصل البريطاني من الكويت (وهذا المطلب قد وضعته المخابرات الانكليزية لتضليل الناس ـ الذين بدأوا يجهرون ـ بأن هذه الحركة السعودية لم تكن إلاّ بدافع من المخابرات الانكليزية)… المؤلف…
7 ـ هدم المستشفى الامريكي وطرد اطبائه (وارجو ان لا يتصور القارئ أو المستمع ان الحركة السعودية الانكليزية ما جاءت إلاّ لنشر الأمراض فقط حينما اضافت إلى هذه المطالب "التقدمية" مطلب "هدم المستشفى الامريكي وابعاد اطباء المستشفى"!… بل أرادوا بهدم المستشفى الامريكي وابعاد الاطباء الموجودين فيه تنفيذ رغبة المخابرات الانكليزية التي لا تريد الاصطدام بأمريكا لإدراك المخابرات الانكليزية ان اطباء ذلك المستشفى الامريكي كانوا من اعضاء المخابرات الامريكية وان ذلك المستشفى الامريكي في الكويت كان خلية من خلايا جواسيس أمريكا الذين بدأوا بالتحرك لتجيد العملاء لحساب أمريكا ومزاحمة الانكليز…
ولم يدرك آل سعود وقتها أنهم مثلما كانوا لبريطانيا أكبر العملاء سيكونون لأمريكا أكبر العملاء.
وهكذا حركت المخابرات الانكليزية "عبد الانكليز" أو عبد العزيز الذي حرك "اخوان الصفا!" الذين هم أجهل الناس بمقاصد الانكليزي ومقاصد عبد العزيز، فأصبحوا للإنكليز مخالب قطط عمياء والعوبة مسرحية "ارجوزية" نخرف بما لا تعرِف…
وقد ادرك الشيخ سالم المبارك الصباح ما لم يدركه الشيخ فيصل الدويش نفسه… فتظاهر بالموافقة على مطالبهم.

أسلمنا… أسلمنا!!

إلاّ أن الشيخ سالم الصباح أجاب مندوب قائد الجند السعودي قائلا: (اما الإسلام فنحن مسلمون، ولو لم نكن كذلك لما ألتجأ الينا عبد العزيز آل سعود ـ قبل وقت قصير ـ وأنتم معه فأكلتم مما نأكل وألبسناكم مما نلبس!…
وان الإسلام مبني على خمسة أركان أصولية، ونحن نحافظ عليها جميعا وان كنا مخطئين فاننا نعدكم بالعودة إلى طريق الإسلام الصحيح!.
أما إزالة المنكرات سنزيل منها ما يسعنا ازالته!. أما الغاء سوق القحاب في الكويت فهذا السوق أنشأه الانكليز ويرفضون ازالته وابن سعود يعرف هذا جيد!.
وهذا السوق في حمايته الانكليز مثلما ابن سعود في حمايتهم.
وأما تكفير الاتراك فليس لدينا ما يوجب تكفيرهم، وان كانوا لنا أعداء، فإذا ثبت لنا كفر الاتراك كفّرناهم، وفي الحقيقة أن الانكليز أكفر من الاتراك ومع ذلك ترون ابن سعود يتعامل معهم ولا نراكم تحاربون ابن سعود وتكفّرونه؟!… مع أننا فهمنا فهمنا قصدكم)!.
وقال الشيخ سالم الصباح: (أما الان وقد ذكرتم اسم الشيخ عثمان بن سليمان فإني إرغب أن يأتي الينا ليتباحث معنا في "أصول الدين وفي فروعه الاخرى" لينجلي الحق!.)…
وترك أعضاء الوفد القصر المحاصر وبداخله الشيخ سالم الصباح وجمع كبير من الكويتييين واتجهوا إلى شيخهم فيصل الدويش.
فخرج أثناء التباحث عدد من المحاصرين في القصر لدفن العديد من قتلى الشعب الكويتي، وبعد قليل دوت طلقات البنادق بالقرب من شاطئ البحر المقابل للجهرا، وكان هذا الرصاص قد أطلق على السفن الكويتية القادمة بالاطعمة للمحاصرين فاستولى الجند السعودي على السفن وما فيها، وعاد الذين خرجوا لدفن الشهداء دون دفنهم خشية أن يلحقوا بهم فلا يجدون من يدفنهم أيضاً!.
وحينما وصلوا إلى القصر وجدوا أبوابه مغلقة فأنزلوا لهم الحبال وأصعدوهم إلى القصر.
وفي منتصف الليل التقت جموع الاخوان السعوديين حول القصر المحاصر وأطلقوا زخات من الرصاص أتبعوها بهتافهم المرعب الجماعي الذي أوحى به اليهم مشايخ الدين السعودي الذين يتلقون تعاليمهم من جون "عبد الله فيلبي" وهو كما يلي: (إبراهيم يا عمود الدين، امحمد يا رسول الله، هبّت هبوب الجنة أين أنت يا باغيها)[3].
المهم: هجم الاخوان السعوديون المناحيس على القصر المحاصر لكنهم وجدوا مقاومة عنيفة من المحاصرين الذين لا خيار لهم في أمر ثالث غير الموت ان اقتحم "الاخوان" قصرهم ليصبح لهم قبرا أو الحياة أن صدوهم… فشووهم سكان القصر بالرصاص من خلال ثقوب عديدة في حيطان القصر معدة لتوجيه البنادق نحو الاهداف المعادية، فسقط العديد من ـ اخوان الجهل ـ صرعى وجرحى وكان كلما سقط أحدهم جريحا يتلوى بمرارة الموت يسأله جاره "الاخونجي" المقاتل (هل أعجبتك حور الجنة؟.
هل شممت هبوب الجنة؟) فيجيبه الجريح الذي بدأ يتجرع طعم الموت قائلا (أبك) أي لعن أباك…
(ابك ما شممت إلاّ روائح خبيثة تفوح منّا… وما شفت إلاّ هبوب جهنم ولا ذقت إلاّ حر الموت .. لا جواري ولا حور ولا غلمان… لقد خدعنا تجار الدين السعودي).. فتراجع بقية "الاخوان" عن الموت، فصعب على فيصل الدويش عودة الاخوان بهذه الروح المتقهقرة، ولكي يشد الدويش من عزائمهم قال لهم:
(يا لاخوان سوف أكون أنا حامل راية الهجوم الثاني بنفسي هذه الليلة) لكن بعض خواصه صده عن ذلك خوفا من أن يقتل بقولهم له: (ان الاعداء المحاصرين قد أضرّ بهم الجوع والعطش وليس ثمة ما يدعو إلى قتالهم، فانهم سيخضعون لنا سلما  دون الجوء للقتال وسنمسك بهم أحياء)!.
فناسبه هذا الاقتراح… فتراجع عن حمل الراية السعودية الانكليزية لقتل أهل الكويت وشيوخهم!…

ايفاد شيخ الفتاوي عثمان بن سليمان

وفي يوم الثلاثاء 28 محرم 1339 هـ 11/10/1920 بلغت آلام الجوع ـ والرغبة في الماء ـ وآلام الضيق ذروتها في نفوس الجموع المحاصرة في القصر وبدأ الجميع يترقبون الموت، كل ذلك والاخبار البرقية ترسل لعبد العزيز آل سعود من أعوان المستر برسي كوكس في الكويت بأن الأمور تسير لصالح بريطانيا وصالح ابن السعود!…
وان سالم الصباح سينصاع نهائياً للانكليز!.
وفي نفس التاريخ أرسل فيصل الدويش "قائد الاخوان" بالشيخ عثمان ابن سليمان ليفاوضهم بالتفاوض النهائي ثم يعود ليعطي فتواه باسم الدين ويخبرهم هذه المرة في مطلبين أو أمرين… فإمّا أن يفنيهم ان كانوا لم يتبعوا الدين السعودي!… أو يعفوا ان كانوا قد أسلموا بالدين السعودي…
فوصل الشيخ عثمان إلى اقصر وقابل شيخ الكويت المحاصر سالم المبارك الصباح وكان مع "الشيخ عثمان" كل من منديل بن غنيمان وشخص آخر مرافق له، فوجه شيخ الافتاء السعودي عثمان إلى ابن صباح والمحاصرين قوله الكاذب: (ان الاخوان قد هموا في الليلة الماضية لاقتحام القصر عليكم، غير أنني منعتهم عن ذلك وقلت لهم:إذا اقتحمتم القصر عليهم قبل عرض الصلح عليهم للدخول في الإسلام فقاتلكم ومقتولكم بالنار…
ومقتولهم بالجنة "!"… فأصغى الاخوان لكلامي.. وكفوا عن مهاجمة القصر عليكم واني الآن أفاوضكم للصلح يا أهل الكويت)… فأجابه الشيخ سالم الصباح قائلا: (اننا لا نمتنع عن الصلح إذا عرضت علينا شروطا شريفة يقرها الدين والحق والانصاف ولا شئ لنا معكم إذا أعدتم لنا ما استوليتم عليه من حقوق وأموال أهل الكويت)!…
فرد عليه شيخ الافتاء عثمان قائلا: (ان الاخوان يملكون الحق بالاحتفاظ بما غنموه في ساحة الحرب ولا يمكن التنازل عنه، لان غنائم الحرب لا تعاد) ثم سلم شيخ الافتاء عثمان رسالة خطية من القائد فيصل الدويش يعرض للشيخ سالم الصباح شروط الصلح!.. فتظاهر الشيخ سالم الصباح بقبول ما جاء بالرسالة، وأوعز إلى السيد عبد العزيز الرشيد بأن يكتب رسالة جوابية إلى "الاخ" فيصل الدويش يخبره (بالموافقة على كل ما جاء من شروطه بتلك الرسالة ـ من دخول الإسلام السعودي ـ على أن يفك الحصار عنه وينسحب من الجهرا إلى الصبيحية وينتظر في الصبيحية إلى أن يذهب سالم الصباح إلى الكويت ثم يعود منها ويبرم اتفاقية الصلح وإعلان اسلامه بالدين السعودي) ولم يكن قصد سالم الصباح ـ كما قيل ـ إلاّ الافلات من هذا الحصار المميت ليصل إلى الكويت ويتفاهم مع المندوب السامي الانكيزي رأسا دونما "كمسيونجي" سعودي أي دون وسيط ضغط اسمه عبد العزيز آل سعود وقائد مروع اسمه فيصل الدويش "فزمهرير الانكليز" أضحت أهون من جحيم آل سعود، كما قال، فحمل شيخ الافتاء عثمان رسالة سالم الصباح إلى "أخوه" فيصل الدويش.
فوجد القائد السعودي في تلك الرسالة بوادر استسلام فأمر الدويش برفع خيامه والانسحاب ومن معه من الاخوان إلى الصبيحية فتنفس سجناء القصر الصعداء… وخرج من في القصر ووصل الشيخ سالم إلى الكويت واختار الارتماء بأحضان الاستعمار البريطاني بعد أن عدد كل مساوئ الاستعمار البريطاني واحدة تلو الاخرى للمقارنة بينها وبين الارتماء في أحضان الوحشية السعودية الهمجية فرأى أنه لا مجال للمقارنة أبدا بين الارتماء بأحضان استعمار أوربي متمدن يعطي شيئا له من كيانه…
والارتماء في أحضان استعمار حيواني سعودي يهودي متوحش مفترس في منتهى التأخر العقلي والهياج الجنسي واللصوصية يسلب منه ومن شعب الكويت كل شئ حتّى اسم الأرض يسلبه ويسميها وشعبها باسمه… خاصة وان العديد من أهل الكويت ـ قد اشاروا ـ على ابن صباح بالارتماء في أحضان الانكليز لحماية الكويت من جيرة الوحوش آل سعود بعد أن رأى الكويت ما حل بجيرانهم في قلب الجزيرة العربية من ويلات الدمار والنهب والهتك والمجازر على أيدي عبد العزيز وأولاده وخدم وجند وأتباع الاحتلال السعودي.
وما أن وصل الكويت حتّى ذهب الشيخ سالم إلى مقر المندوب السامي في الكويت فقال له: "خذوني.. ودخيل عرضكم وطولكم. الاستعمار ولا النار.
والذل في بريطانيا ولا الدمار". فابتسم المندوب السامي لنجاح السياسة البريطانية التي أنجبت عبد العزيز.
وقال: (لقد صدق برسي كوكس حينما قال: ان ابن سعود كلب صيد ناجح)… ومن يومها صار للحكومة البريطانية موقف آخر مع الكويت!. فدارت المخابرات الرسمية واشتغلت أسلاك البرق!.
بين المعتمد السياسي البريطاني في الكويت والمندوب السامي في بغداد ورئيس المعتمدين السياسيين في الخليج "أبو شهر" السير برسي بن كوكس وتجاوزتهم إلى مكتب المخابرات الهندي وارتفعت بسرعة البرق إلى حكومة لندن ـ أي المخابرات المركزية في لندن ـ أي الإدارة العليا لليهود ـ وكل هذه الحركة الاستعمارية لم تتجاوز خمسة أيام ـ خمسة أيام فقط بالرغم من ضعف المواصلات ـ يومين منها حصار جنود الاخوان المسلمين السعوديين بين الذين سفكوا فيها دماء آلاف الكويتيين العرب المسلمين ونهبوا أموالهم بحجة "اعادة أهل الكويت إلى حضيرة  الإسلام السعودي الصحيح"!!.
وفي الثلاثة الايام الباقية منها ارتمى سالم الصباح بأحضان الانكليز وتم تحرك المخابرات الانكليزية من الكويت إلى حضيرة الإسلام السعودي الصحيح"!!.
وفي الثلاثة الايام الباقية الاستعمارية "بالبشرى السارة" وكانت هذه البشرى "!" "قبول حكومة لندن لاحتلال الكويت وحمايتها،" ،" حمايتها ممن؟!. حمايتها من عميل بريطانيا ـ المصاب بداء الكلب الانكليزي ـ عبد العزيز آل سعود !.. وكانت السعودية السبب الأول والعامل الوحيد لدخول الاحتلال البريطاني للكويت!".
لقد خرجت بريطانيا والكويت معا بتجارب كثيرة من تلك المجازر الرهيبة الوحشية السعودية التي حصلت في كل أنحاء الجزيرة العربية والتي راح ضحاياها أكثر من مليون قتل ومليوني جريح ومشرد انّه (ما من إنسان نجاه الله.. من شر الطاعون السعودي يفضل الابتلاء به)!.
هذا ما قاله سالم الصباح… ومن ذلك الرعب الذي ساد الجزيرة العربية وقد أطلق عليه اسم (الطاعون السعودي) ـ فيما بعد ـ أدركت بريطانيا أن السعودية خير وسيلة لا قذر غاية، انها وسيلة ضغط ناجحة لتخويف "الاصحاء" والمرضى معا من وباء الطاعون السعودي الفتاك…

وكما كان فيصل الدويش آخر من يعلم … كان كبش الفداء

ومما سبق ذكره عرفتم أن فيصل الدويش قد أفرج الحصار عن سالم الصباح للخروج من قصره المحاصر والذهاب للكويت ليعود بعدها "مسلما" خلاف نصف نهار "!"، لكن سالم الصباح تأخر في الدخول "في الإسلام الصحيح"!.
"وتأخرت مفاوضات أهل الكويت لدخول الجنة السعودية في الدنيا والآخرة"!. لعلهم كما قال مفتي الجيش السعودي الشيخ عثمان بن سليمان "استغنوا بما عندهم من قحاب عن الحور العين في الجنة"!.
فأوفد ـ ضحية آل سعود ـ الشيخ فيصل الدويش وفدا بتاريخ 1 صفر 1339 هـ 14 /10/ 1920 م ومعهم كتاب إلى شيخ الكويت سالم الصباح جاء فيه ما يلي:

ضاقت صدورنا من تأخركم للدخول في الإسلام!!

1 ـ ضاقت صدورنا من تأخركم علينا في عقد الاتفاقية، والدخول في الدين….
2 ـ نطلب منكم انجاز الشروط التي تم الاتفاق عليها حين رفع الحصار عنكم…
3 ـ نطلب منكم ارسال صديقنا هلال المطيري "أحد تجار الكويت الكبار" لنجري معه مفاوضات حول حسم النزاع!.
(ولا نعلم ما علاقة النزاع بالتاجر الكويتي الكبير هلال المطيري بالذات.
ربما ليأخذه ضحايا الدين السعودي رهينة لا بتزاز الاموال) المؤلف.
4 ـ نطلب منكم ارسال شخص من عندكم إلى الرياض، ليخبر الامير عبد العزيز آل سعود بما تم عليه الصلح "!" (وكان ـ لقب الامير ـ يطلق على الملك عبد العزيز قبل أن ترفّعه بريطانيا من رتبة شيخ إلى رتبة سلطان إلى رتبة ملك عام 1932 وتسمّي بلادنا بإسمه).
5 ـ ان كان القصد من تأخركم علينا يتعلق بعدم رضاكم عن ابعاد الشيعة الكفار عن الكويت أو عدم رضا الانكليز من الغاء سوق القحاب في الكويت فهذا أمره هيّن!.
المهم دخلوكم في الدين والمجئ الينا!.

الله موجود في الكويت في الوقت الحاضر

هذه هي بعض الشروط التي أرسل بها "المرحوم" فيصل الدويش وفده إلى الكويت فقبيل وصول الرد الانكليزي للشيخ سالم الصباح بيوم واحد من "قبول حكومة لندن ادخال الكويت في حمايتها الكريمة"!.
فتمارض الشيخ سالم ـ لمدة يوم واحد ـ عن مقابلة الوفد "الاخونجي" فأبلغ المندوب السامي البريطاني بقدوم الوفد فقال له المندوب السامي: (نحن نعلم بوجود الوفد السعودي فلا تقابله اليوم ومنذ الغد ستكون الكويت مقبولة في الحماية وبامكانك غدا أن ترفض مقابلة الوفد السعودي)!. وفي اليوم التالي أرسل للوفد مندوبا من عنده يقول للوفد "الاخونجي": (قولوا لقائدكم السعودي فيصل الدويش يقول لسيده عبد العزيز آل سعود: ان سالم الصباح يقول انّه إذا أراد اجراء مفاوضات معي فعليه ارسال بعثة خاصة إلى الكويت لفتح باب المفاوضات من جديد حول دخولنا في الدين الجديد… السعودي.. وتسليمنا أحد مفاتيح الجنة)!.
وقال قولوا لهما: (ان الله قد رضي عن الكويت في الوقت الحاضر)!.
وقال سالم الصباح: (لقد اكتشفنا أن دينكم الصحيح ـ الجديد ـ الاصلي "الولايتي" ما هو إلاّ دين الانكليز الذي لم يعد دخوله مقتصراً على آل سعود وحدهم بعد أن عرفنا أركانه الخمسة فتمسكنا بها وهي لم تعد كما قلتم: ابعاد الشيعة… ومنع شرب الدخان، فالدخان لا يضر سوى صدر مدخّنه وآل سعود لا يريدون "بمبدأ" منع الدخان اشفاء صدور قوم مؤمنين… وليس من أركان دينكم: ابعاد المندوب السامي الانكليزي الذي دبّر بعض هذه المقالب بغية تسليم أمرنا إليه والرضوخ لحكومته… وليس من أركان دينكم ترك المنكرات فليس من منكر أنكر من قتل الابرياء…
ولا من أركان دينكم "تكفير الاتراك " فالاتراك تركونا وتركناهم ورحلوا عنا… ونحن لم نكفر إلاّ بمبادئ آل سعود القائمة على النهب وسفك الدماء، لكن الدين السعودي المطلوب هو الدخول في الحماية البريطانية فدخلنا)!.

المندوب السامي الانكليزي يهنئ سالم الصباح بسلامته وعودته!…

ويستوضح عما فعله الوفد السعودي.. وكأنه لا يعلم شيئا!..

وبعد أن رضخت الكويت لبريطانيا، وردت برقية من رئيس الخليج الكولونيل (ترفر) إلى المعتمد السياسي البريطاني في الكويت (الميجر مور) يطلب فيها (ابلاغ تهانيه إلى الشيخ سالم بعودته سالما من حصار ابن السعود) وتظاهر الانكليز بالظن أن "سالما" لن يسلم ولن تسلم معه الكويت من براثن الوحوش السعودية العميلة للانكليز…
وبتاريخ 2 صفر 1339 هـ ـ 15/10/ 1920 وبرقم 777 أرسل المعتمد البريطاني الميجر مور كتابا رسميا إلى الشيخ سالم الصباح.
وقد اختار الانكليز لهذا الكتاب رقم الثلاث سبعات 777 كعلامه للنصر المكرر فأبلغه بهذا الكتاب بتهنئة "رئيس الخليج" واستوضح منه "أخبار" الوفد السعودي؟… فأجابه الشيخ بكتاب يجوز تلخيصه بالجملة التالية: (انّه من سالم "وانه بسم الله الرحمن الرحيم" أن لا نعلو عليكم وأتينا مسلمين!.) .. أما النص الحرفي للكتاب فكما يلي:

يا حميد الشيم… بولتكل اجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية!!

(من سالم المبارك الصباح 2 صفر 1339 هـ
إلى حضرة حميد الشيم الاجل الافخم المحب العزيز ميجر جي سي مور بولتكل الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا، ذكرتم أنه وصل اليكم الجواب من الكرنل ترفر من أبو شهر متضمن "فرحه" لما سمع الخبر من سعادتكم عند وصولنا إلى الكويت بالصحة والعافية والسلامة وعن "الخسارة العظيمة التي صارت على العدو السعودي بالجهرة"!. انني من صميم القلب أشكر حسيّاته الجميلة… وحسن عنايتكم… لله الحمد، العدو السعودي رجع خاسر مغرور.. فالامل انشاء الله بدوام توجيهات الدولة البريطانية كل عدو ما ينال مرامه) الخ…
أحسن الدويش أن عبد العزيز آل سعود والانكليز ورّطوه… ومع ذلك فقد استمر الدويش في ارسال الوفود فبعث بوفد أكثر عددا من الأول تعداده 12 عضوا يلبس أحسن الملابس ـ المنهوبة من الكويتيين القتلى والاحياء ـ وكان الوفد يرأسه شخص من أقوى وألبق رجاله هو جفران الفقم، فحل الوفد بضيافة سالم الصباح ثلاثة أيام دون مقابلة…
وكانت حجة الشيخ سالم الصباح "انحراف الصحة" أيضاً فكان جواب الوفد الاخواني "الله يشافيه"!.

وبدأت المفاوضات بالمقهى… و"أشرب كأسك تتهنأ واطلب عليّ وتمنى"

أجل لقد تمت المفاوضات هذه المرة بالمقهى تحقيرا للوفد بعد أن تم "تشريف" قوات الحماية البريطانية للكويت!.
وكان المفاوض للوفد "الاخونجي" هذه المرة باسم الكويت هو "الشيخ" الميجر مور المعتمد البريطاني (الذي كان ابعاده احدى الشروط السعودية المزعومة المسببة لقتال "الكفرة" أهل الكويت)!…
حتّى إلى ما قبل يومين فأصبح "مسلما" ويرأس وفد المفاوضات السعودية الكويتية بعد يومين من تقديم الطلب السعودي بتكفيره وابعاده عن الكويت!.
ففي 6 صفر 1339 هـ ـ 19/10/1920 م أبلغ المعتمد البريطاني في الكويت الشيخ سالم الصباح (بأن قوات بحرية بريطانية قد توجهت إلى الكويت وخلال 24 ساعة ينتظر وصولها وستتدخل هذه القوات تدخلا سافرا لحماية الكويت).
وهكذا بهذا النص… وما أن تبلغ الشيخ سالم الصباح هذا الخبر حتّى تشافى تماما من كل مرض مكروه!. وسمح للوفد السعودي بمقابلته ليكلمهم بصوت ـ حا مية الجميع ـ بريطانيا العظمى!.
وبدأت "المفاوضات" بين الشيخ سالم والوفد الذي ورطته السعودية وبريطانيا فأراد المخرج من الورطة، وخفف من صيغة شروطه ـ السابقة ـ فتنازل عن "مبدأ" ابعاد المندوب السامي البريطاني و"مبدأ" منع التدخين!.
و"مبدأ" الغاء المنكرات!. و"مبدأ" الدخول في الدين الصحيح!. و"مبدأ" الغاء سوق القحاب في الرميلة!.
وتمسك الوفد السعودي "بمبدأين" هامين هما: "مبدأ إخراج الشيعة من الكويت" ومبدأ "هدم المستشفى الامريكي" وابعاد أطباء "المستشفى!.." إلى ما شابه ذلك من الاشياء التي ما رواها ابو هريرة السعودي… بل نسجتها المخابرات البريطانية.
وللتخفيف من حدة النزاع "العقائدي!"… قام التاجر الكويتي المعروف هلال المطيري بدعوة أعضاء الوفد للغداء، رغم أنه ـ كويتي ـ ومحسوب من "الكفار" وليس "اخوانيا" فلبى "اخوان السعود" دعوته في داره…
بعد أن وعدهم هلال المطيري انهم سيقابلون الشيخ سالم بالمقهى "!" ايو الله بالمقهى!.
"مقهى ابو ناشي" ليتم اللقاء "العقائدي" في الهواء الطلق… علما أن الجلوس في المقاهي وقتها من المحرمات السعودية!…

قوات الاستعمار البريطاني شدت عزائم أهل الكويت!.

وبعد الغداء "تحلحل" الوفد الاخواني باتجاه "مقهى أبو ناشي" فعرف الشعب الكويتي بخبر توجه الوفد الاخواني إلى المقهى فاصطفوا لهم على طول الطريق لإداء الواجب!.
وبدأ الشعب الكويتي يلاحق الوفد السعودي بأقسى اللعنات والبصاق والاستهزاء والسخرية منهم ومن عبد العزيز آل سعود الغادر الذي دفعهم ولم يرع حق الضيافة…
ويقال أن الناس في الكويت ارتفعت معنوياتهم حالما علموا بقرب وصول القوات الانكليزية ـ التي ستحميهم من عدوان آل سعود ـ وهتفوا بأعلى أصواتهم في مسيرة في الشوارع بقولهم: (يا انكليز، أوقفوا عبد الانكليز، المسمى عبد العزيز، وناركم يا جنود ولا جنة يهود آل سعود)…
وكان الشيخ سالم الصباح قد سبق وفد "الاخوان السعودي" إلى "أبو ناشي بلس" أو "كاف درواه" أبو ناشي.
أي "مقهى أبو ناشي" وقد حضر معه قسم كبير من أعيان الكويت ومنهم: ناصر البدر، وحاج حمد الصقر، وحمد الخالد، وعبد الله السميط، وعبد العزيز الزين، وعبد الوهاب الخشرم، وعبد الرحمن السالم العبد الرزاق، وعبد الله الماجد، وحسين وشملان ـ ولدي علي سيف ـ وإبراهيم المضف، ومشاري الروضان، وسالم بوقماز، وعبد الرحمن العسعوسي…
وكان المندوب السامي البريطاني في طليعة الحاضرين!. وهو الذي أفتى بكفره تجار الدين السعودي قبل يومين!.

إن جاءه الاعمى!

وكان نجم حفلة "مقهى أبو ناشي" المجير مور ـ المعتمد السياسي البريطاني في الكويت "جميل الشيم" ـ أما الناطق بلسان الوفد السعودي الاخواني فقد كان الشيخ أعمى يدعى "الديحاني"، وربما اختاروا الاعمى للتحدث باسم الوفد "المفتح" إما لان رأي الاخوان قد أصيب بالعمى وصار ذلك الاعمى البصر والبصيرة أحسن واحد فيهم بدليل اختياره لتمثيلهم أو لان "المفتحين" عجزوا عن احراز النصر بانتهاكهم لشعب الكويت فكان اختيارهم للإعمى ذكاء منهم لاستعطاف قلوب أهل الكويت بتقديم الاعمى، أو أنهم أدركوا أن الاعمى لا يرى أفواه ـ اللاعنين ـ وما يخرج منها من تفال وهتاف وأقسى اللعنات لآل سعود هم ووفدهم… لكن
"الشيخ الديحاني" رغم كل شئ، فقد قيل عن ذلك الشيخ أنه محدث لبق فصيح في الحديث جرئ في الكلام "والجرأة مرافقة لكل أعمى" فالحياء في العيون ـ ولا شك …
ولو كان ذلك الشيخ الديحاني "الاعمى" يرى ما رآه غيره من ذوي الابصار غلاظ البصائر الذين ارتكبوا العار والشنار لما تجرأ الشيخ الديحاني في المفاوضة على الخزي والعار السعودي الانكليزي المزدوج!…

المعتمد البريطاني يسكت أعضاء الوفد السعودي…

والوفد السعودي يدين بريطانيا ومعها عبد العزيز آل سعود وتلك شهادة شاهد من أهلهم!.

ولكي تبرئ بريطانيا عميلها عبد العزيز آل سعود من جريمة ما حصل فتلطخها بظهر فيصل الدويش و" الاخوان" وجه الميجر مور كلامه إلى الوفد ـ السعودي الاخواني ـ قائلا: (ان الشيخ سالم الصباح صديق الحكومة البريطانية البهية، وأنتم جئتم تحاربونه بدون أمر من ابن السعود)!!…
فأثار هذا الكلام الكاذب ثائرة الشيخ الديحاني رئيس الوفد ـ السعودي المفاوض ـ لكنه رد برباطة جأش قائلا للمعتمد البريطاني في الكويت: (قل غير هذا يا مور!. نحن ما جئنا غلا إلاّ بأمر من ابن السعود وهو أيضاً صديقكم وأنتم تعرفون هذا، وابن السعود لا يسير خطوة إلاّ بتوجيهاتكم ونحن لا نأخذ امداداتنا وارشاداتنا إلاّ منه، ولو لم يُحضرنا ويجتمع بمشايخ الإسلام أمامنا طالبا فتواهم بتكفير أهل الكويت ولو لم يُجمع المشايخ السعوديين بحضور صاحبكم عبد الله فيلبي على كفر أهل الكويت لما حاربنا أهل الكويت.
ولقد انتخى عبد العزيز آل سعود بعد هذه الفتوى وقال لفيصل الدويش وكبار الاخوان وكنا معهم إذا لم تذهبوا لقتال الكفار أهل الكويت وتغنموا خير الله في الدنيا والاخرة سأتجه بنفسي لقتالهم… فيا أيها الانكليز؟ انكم أنتم وعبد العزيز السبب ولقد عرفنا الان السبب وإذا عرف السبب بطل العجب… لقد عرفنا أنكم وعبد العزيز تريدون الايقاع بيننا ويبن أهل الكويت)!!.
هذا ما قاله الديحاني.. وبعد هذا الرد المفحم الصريح الجرئ الذي رشق به الشيخ "البصير" وجه الميجر مور المعتمد البريطاني في الكويت وكشف به الوجه السعودي العميل، أدرك المعتمد البريطاني أن القائد السعودي "فيصل الدويش" ما اختار هذا الاعمى لرئاسة آخر وفد وأقوى وفد يرسله الدويش إلاّ لان الدويش والاخوان بدأوا يكتشفون خط الانكليز السعودية.. فتلعثم الميجر مور، وصمت برهة، وأخذ يهز رأسه مدركا أن سياسة بريطانيا ذات الوجهين ومراميها الخبيثة قد انكشفت ـ للاعمى والبصير ـ وللدويش ـ وللذين خدعتهم بريطانيا زمنا طويلا بديانتها السعودية السكسونية الصهيونية غير الصحيحة وانبتت بزيفها لحاهم الطويلة فأطلق الانكليز على أصحابها ألقاب "المشايخ.." و"العلماء" بينما كانوا لها: "المشاخخ والعملاء" هؤلاء "المشاخخ" الذي كشفهم الاعمى" الشيخ السعودي" الديحاني مندوب الدويش ورئيس وفد التباحث بذلك الرد…
ذلك الرد الذي جعل المعتمد البريطاني الميجر مور يقف بكل صفاقة معلنا ختام الجلسة بقوله: (نخبركم يا الاخوان أن الجلسة انتهت فاذهبوا إلى شيخكم فيصل الدويش وقولوا له ان حاكم الخليج المستر "ترفر" قد اتصل باسم الحكومة البريطانية البهية مع الامير عبد العزيز آل سعود وأبلغه ان الكويت أصبحت بحمايتنا وعليه سحب جيش الاخوان من كافة حدودهما.. وقبل مغادرتكم للكويت زوروني في مقري بدار الاعتماد البريطانية لاحملكم رسالة بهذا المضمون إلى فيصل الدويش)!.
هذا عن الميجر مور المعتمد… أما عن الشيخ سالم الصباح "المعمّد" فقد كان صامتا طيلة ما كان ـ مدير الجلسة ـ المعتمد البريطاني يتحدث. وحينما سأل الشيخ الديحاني سالم الصباح عن "رأيه بصفته حاكم الكويت" أجاب سالم الصباح قائلا: (اننا نرفض جميع شروط فيصل الدويش)!.
وفي أثناء إجراء تلك المفاوضات المسرحية الهزيلة كانت مجموعات مسلحة وغير مسلحة يحملون الطبول والبنادق يمرون أمام "مقهى المفاوضات" "أبو ناشي كفيّه" يعرضون بأناشيد حماسية… لارهاب أعضاء وفد الاخوان بالعرضة!…
هؤلاء "الاخوان" الذين لو لم يكن للانكليز رأي آخر ما أرهبتهم تلك الطبول الباردة والعرضات ولو لم يبادر شيخ الكويت للارتماء بأحضان الانكليز لكان "مجلس الامة" الكويتي ـ الذي ألغاه آل سعود فيما بعد ـ مجلسا من مجالس الحريم السعودية… لا سمح الله!.
ولاصبحت الكويت قرية شبيهة بقرية "قرية" التي اقتطعتها بريطانيا من الكويت ومنحتها لآل سعود…

ما هي رسالة المعتمد البريطاني في الكويت إلى القائد "السعودي"

فيصل الدويش التي حملها الشيخ الديحاني رئيس الوفد الاخواني المفاوض!..

بعد فشل المباحثات المسرحية قام الوفد السعودي بزيارة لدار الكافر" المعتمد البريطاني فشربوا "قهوته … والشاي البريطاني" في "بيت" بريطانيا "الكافرة" وتبخروا!!.
على الطريقة السعودية.. ثم قال لهم المعتمد البريطاني (الآن ما بعد العود قعود)[4].
وقد جاء في رسالة المعتمد البريطاني.. هذا الانذار:
(من المعتمد السياسي للدولة القيصرية الانكليزية بالكويت الميجر جي. سي. مور، إلى فيصل الدويش، أفهمكم أن معاهدة الحماية المعقودة بين الحكومة البريطانية وبين ابن السعود في العقير عام 1915 تنص على تعهد ابن السعود بعدم التجاوز على الكويت، لانها تحت الحماية البريطانية، لهذا فان الحكومة البريطانية، تعتقد أن مهاجمتكم الكويت لم تكن برغبة من ابن السعود!.
وعلى هذا فاني أنذركم بوجوب عدم التعدي على الكويت بعد الان، والا فستعرضون أنفسكم لقصف الطائرات البريطانية)!…
هنالك أدرك الوفد "الاخواني" بهذا الانذار أنهم هم الضحايا وأنهم ذبائح الفداء ومخالب الوحوش السعودية الانكليزية، فتركوا الكويت مساء 6 صفر 1339 هـ الموافق 19/10/ 1920 م يحملون معهم "الانذار" البريطاني إلى فيصل الدويش.

خشية المعتمد البريطاني من انتقام فيصل الدويش لادراكه الخديعة السعودية البريطانية

ومع ذلك فقد خشي المعتمد البريطاني أن لا ينصاع فيصل الدويش لإنذاره، وأن يزيده ذلك الانذار حقدا على ابن السعود وبريطانيا فيهجم على الكويت، فأراد أن يستغل هذه الظنون ليجعل حاكم الكويت يترامى أكثر فأكثر بأحضان بريطانيا، ومن ناحية أخرى تخفف بريطانيا من تلك النقمة الكويتية العارمة التي ضاقت بها صدور الكويتيين ضد عملاء بريطانيا آل سعود.
لذلك نرى المعتمد البريطاني يحاول مرة أخرى الصاق تهمة الجرائم السعودية في ظهر فيصل الدويش قائد الجند السعودي المتوحش حينما يطلب المعتمد من الشيخ سالم الصباح أن يكتب له كتابا يحتج فيه على الدويش.. وليصبح الكتاب حجة بيد المعتمد حينما تقوم الطائرات البريطانية بقصف الدويش وجنوده حينما يرفض الدويش تنفيذ أوامر ابن السعود وبريطانيا له بالانسحاب… فكتب الشيخ سالم الصباح الكتاب التالي إلى:

"حميد الشيم الاجل الافخم المحب: ميجر الدولة البهية"!

(إلى حضرة حميد الشيم الاجل الافخم المحب العزيز الميجر جي. سي. مور بولتكل أجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا..
بعده: نعرض لسعادتكم بخصوص تعديات الدويش وأتباعه بتاريخ 26 محرم 1339 هجموا على الجهرة وفعلوا بموجب ما بيّنا لجنابكم بوقته ونحن ما كنا مستعدين من حيث أننا آمنين بواسطة الجواب من قبولنا لتحكيم الحكومة البريطانية[5].
فالآن الدويش ومن معه نزلوا على الصبيحية وأرسل لنا مندوبين بطلب المسالمة… على شروط ليست مرضية ولا يمكن نوافق عليها فبنأن (هكذا النص) فبناء عليه بحسب الصداقة التي بيننا وبين الحكومة البريطانية نطلب المساعدة بدفع "هاءالا" (هؤلاء) من هذا الموقع ولا زلنا شاكرين فضل الحكومة البريطانية.
هذا ما لزم ودمتم محروسين في 6 صفر 1339 هـ.
(سالم المبارك الصباح حاكم الكويت)

بشائر قوات الاحتلال البريطاني تصل إلى الكويت

وقبيل منتصف ليلة 7 صفر 1339 ـ 20/10/1920 وصلت البارجة الحربية البريطانية المسماة (سبيكل) إلى ميناء الكويت وبدأت ترسل الاسهم النارية الحمراء في الجو حتّى الصباح.. لتطمين الصباح.
وفي الصباح… وصلت طائرة حربية بريطانية منشورا على معسكر "الاخوان" تهددهم به.

نص المنشور البريطاني

بريطانيا تهدد ضحاياها "الاخوان السعوديين" بالابادة!

(إلى فيصل الدويش وجميع الذين معه:
ليكن معلوم لديكم بأنه طالما أفعالكم ضيقت على البادية وحتى على سكان الجهرا أيضاً وبما أن ال حكومة البريطانية لم تدع لتعمل اكثر مما هي عادتها ان تسعى بحسب الصداقة وراء الاصلاح فاما الان ما دام أنتم تهددون ليس فقط ضد حقوق سعادة شيخ الكويت التي تخالف تأميننا له بل ضد مصالح بريطانيا، وسلامة الرعايا البريطانيين.
ولا يمكن بعد للحكومة البريطانية أن تقف على جانب بدون دخولها في المسألة ثم من التأمينات التي نطق بها من مدة قصيرة سعادة الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعودي "د. كي. سي. أي. أي." [6] إلى فخامة السير برسي كوكس المندوب السامي في العراق تشك الحكومة البريطانية بأن افعالكم هي بعكس ارادة واوامر المشار إليه الشيخ عبد العزيز آل سعود ولا شك بأن سعادته سيفهمكم بذلك عندما يعلم بأفعالكم فبناء عليه بهذا ننبهكم بأن إذا تجربون أن تهجموا على مدينة الكويت فحينئذ ستصبحون مجرمين بالحرب ليس عند سعادة شيخ الكويت بل عند الحكومة البريطانية أيضاً فالحكومة البريطانية لم تعتبر ذلك هكذا افعال عدائية بواسطة القوة التي تفتكر لائقة هذا ما لزم اعلامه).
ميجر. جي. سي. مور
الوكيل السياسي لدولة بريطانيا في الكويت

رد فيصل الدويش

وبدأ الان خداع "عبد الانكليز" كما كانوا يسمون ـ عبد العزيز آل سعود ـ بدأ خداعه وخداع سيدته بريطانيا يتكشف "للدويش" بهذا المنشور، كما عرف "الدويش" ان سالم الصباح وشعب الكويت قد افلتوا من براثن "الاخوان" وان بريطانيا قد استخدمت ابن السعود كاداة للعبث "بالاخوان" للضغط على الكويت فقط لتلتصق حكومة الكويت اكثر فاكثر ببريطانيا بعد ما حدث من رفض سالم الصباح لطلب المعتمد البريطاني بالغاء الاتفاقية المعقودة بين مبارك الصباح ـ والد سالم الصباح ـ وبين الحكومة التركية… فأرسل فيصل الدويش بالكتاب التالي الساخر فيه من "سالم" المتوعد به اياه:
(من فيصل بن سلطان الدويش، إلى سالم الصباح سلمنا الله واياه من الكذب والبهتان واجار المسلمين يوم الفزع الاكبر من الخزي والخذلان!…
اما بعد فمن يوم جاءنا ابن سليمان يقول انك عاهدته على الإسلام والمتابعة لنا "أي التبعية لنا" لا مجرد الدعوى والانتساب ـ فقط كففنا عن قصرك بعد ما خرب!.
وأمرنا برد جيش ابن السعود، على أمل أن ندرك منك المقصود.
فلما علمنا انك خدعتنا آمنا بالله وتوكلنا عليه.. ويروى عن عمر انّه قال: من خدعنا بالله انخدعنا له.. فنحن بيض وجوهنا… نرجو من الله أن يهديك ولا يسلطنا عليك، اياه نعبد واياه نستعين).

برقية من عبد العزيز آل سعود إلى برسي كوكس يشكو تصرف المعتمد البريطاني في الكويت ضد قواته السعودية

ففي تاريخ 9 صفر 1339 هـ الموافق 23/10/1920 م ابرق عبد العزيز آل سعود بالبرقية التالية:
(بغداد الاخ الامجد الاجل الافخم الصديق العم المندوب السامي لحكومة بريطانيا العظمى.
أنتم تعلمون أننا ما تحركنا لغزو الكويت إلاّ بطلب منكم وتوجيهاتكم الكريمة لكون الكويت شذت عن طريق الجميع واصبحت تمالئ تركيا وتتعاون مع ابن رشيد وتؤيد قبيلتي شمر والعجمان اعداء الطرفين، وهذا ما يعرفه الميجر مور معتمدكم في الكويت، وبالاول قلنا ان هذا الاعمال ما هي إلاّ مناورة من عنده ليبالغ في مصادقة بريطانيا لآل صباح وللكويتيين ولكن مندوبا من قائد قواتنا فيصل الدويش أرسله الينا على عجل يقول ان فيصل الدويش في غاية الغضب مني ومن بريطانيا ومن الكويت وانه في الوقت الذي نأمره بالهجوم على الكويت تقوم بريطانيا بتوزيع منشوراتها بالطائرات لتهديده بضربه بالطائرات البريطانية الصديقة مما آثار جندنا علينا، وفي هذه المنشورات يأمر ليعتمد البريطاني في الكويت الدويش بالانسحاب من مكانه في الصبيحة  بالقرب من الكويت، ونحن لا نعرف مم نتلقى أوامرنا؟.
هل نتلقاها منكم أو من المندوب السامي في الكويت؟… والدويش والاخوان يسألونني ـ بمفهومهم ـ في رسالة الدويش ويقولون: ما هذه الاعمال فينا؟… ان كان أهل الكويت وابن صباح من الكفار مثلما قلتم اتركونا نقاتلهم حتّى نفنيهم أو يسلمون وان كان من المسلمين فلماذا تهددنا بريطانيا بمنشوراتها بالقتل والقصف بالطائرات إذا لم ننسحب ثم لماذا يقوم المعتمد البريطاني الميجر مور بتوبيخ وفدنا برئاسة الشيخ الديحاني وأمام جمع كبير من أهل الكويت ويقول له "ان الاخوان كذابين هم والدويش وان ابن سعود ما ارسلهم وان بريطانيا غير عليمة وغير مؤيدة لهجوم الاخوان على الكويت " وإذا ترون اننا نسحب من مكاننا في الكويت فسننسحب لكن أخبروا ابن صباح الذي يستعين بقوة الميجر مور ان يوقف تحرشاته بجندنا المخيمين في الصبيحة)!…
التوقيع: الخادم الامين عبد العزيز آل سعود

السير برسي كوكس "يرجو" صنيعته عبد العزيز آل سعود ويأمر سالم الصباح

كانت هذه برقية عبد العزيز آل سعود إلى "عمه" السير برسي كوكس.
الميجر مور المعتمد السياسي في الكويت ان يبلغ سالم الصباح بالتوقف عن القتال أو التحريش بقوات "الاخوان" السعوديين كما أبرق برسي كوكس إلى المعتمد السياسي في البحرين ـ الذي كان الامير عبد العزيز آل سعود مربوط به آنذاك ـ ليبلغ ـ الامير عبد العزيز آل سعود ـ رجاء كوكس بسحب قواته من الصبيحية في الكويت، وسيقوم في وقت قريب بحل المشاكل ويكون ذلك لصالح عبد العزيز ضد صالح الكويت… فابلغ المعتمد السياسي البريطاني أمر كوكس "المبطن" بالرجاء للعميل الأكبر عبد العزيز آل سعود بسحب قواته، كما أبلغ معتمد بريطانيا في الكويت امر كوكس إلى سالم الصباح ـ بدون رجاء!…

سالم الصباح يحمد "حميد الشيم" بولتكل الدولة البهية!

(من سالم المبارك الصباح حاكم الكويت…
إلى حضرة حميد الشيم الاجل الافخم المحب العزيز ميجر. جي. سي. مور بولتكل اجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا) إلى آخر "الكليشة" مختتما خطابه (بعد السمع والطاعة) بقوله: (فاني من صميم القلب اشكر عواطف فخامة السير برسي كوكس وعنايته الجليلة فنحن انشاء الله لم نخالف رأيه ـ ولن نضايق عبد العزيز آل سعود ـ حتّى لو ضايقنا ـ ولو أنه من الضروري حفظنا آبار الصبيحية ولكن يلزمنا امتثال أمره ونصائحه الخيرة في جميع الاحوال ونؤمل انشاء الله بدوام ألطافه ان العاقبة تكون خير، فأرجو من لطفكم ان تعرضون خلوصي وتشكراتي نحو فخامته، وبالختام ندعو الله ان يديم شوكته ويوفقه لكل خير هذا ودمتم محروسين.
في 27 صفر 1339 هـ

فيصل الدويش يرفض الانسحاب بأمر المعتمد البريطاني في الكويت وينسحب بأمر "عمدة بريطانيا" عبد العزيز آل سعود

في 19 صفر 1339 هـ ـ 2/11/1920 م كتب المعتمد السياسي في الكويت رسالة إلى فيصل الدويش يبلغه أمر كوكس بالانسحاب وطلب من الشيخ سالم الصباح ايصالها بواسطة من يراه إلى فيصل الدويش المخيم في الصبيحية، لكنه خشي الاحتكاك بالدويش فاعاد الرسالة إلى المعتمد السياسي معتذراً بعدم وجود مواصلات بين الكويت والصبيحية!…

عبد العزيز آل سعود ينفذ أوامر كوكس

نبلغ الامير عبد العزيز آل سعود أمر المندوب السامي بواسطة المعتمد البريطاني في الكويت بوجوب اصدار أمره لقوات فيصل الدويش بالانسحاب من منطقة الكويت بعيداً عنها، فاصدر عبد العزيز امره إلى قائد قواته بالانسحاب من الصبيحية، فانسحب فيصل الدويش، لكن هذا الانسحاب أحدث ردود السخط في نفس فيصل الدويش ضد ابن سعود، ولكي يشد عبد العزيز آل سعود من عزمه أرسل إليه قرابة الألف مقاتل ليصبحوا تحت قيادته باسلحتهم وبعث بكثير من الاطعمة
وأمره بأن يصادر كل ما يجده في الصحراء المجاورة للكويت من مواشي وممتلكات، وأوصاه بالفتك بابن ماجد وعشيرته وكذلك الفتك بقبيلة الظفير، وبذلك قام فيصل الدويش بمهاجمة ابن ماجد، احد زعماء عشيرة مطير الساكنة الكويت، متهما اياه بالتمادي في تأييد الكويت فقتل من عشيرته عدداً كبيراً وسلب كل ما له وما لعشيرته من مواشي وشرد البقية في الصحراء،
ثم هاجم قبيلة الظفير وذلك في 15 ربيع الثاني 1939 هـ 26/11/1920 وكان معظم ما سلبه الجند السعودي من الظفير من إبل وأغنام مودعة لديهم لاهل الزبير، ثم هاجم فيصل الدويش ضواح الزبير فسلب مواشي كثيرة منها فاشتكاه شيخ الزبير إبراهيم العبد الله إلى الحكومة البريطانية في البصرة فارسلت قوة للمحافظة على الزبير…
ومن باب الضحك على ذقون بقية اصحاب بريطانيا في الزبير حلقت الطائرات البريطانية منذرة الدويش "بالقصف إذا لم يرتحل وجنده السعودي المحبوب الذي ربته بريطانيا بعزها"… فغادر الدويش الزبير ـ ماراً بالجهرة… إلى مقره "بهجرة" الارطاوية بنجد محملاً بما ثقل حمله وطاب لهم طعمه…

السير برسي زكريا كوكس يطعن بالشيخ سالم الصباح ويشيد بعبد العزيز آل سعود امام الشيخ خزعل

جاء في الصفحة 296 من كتاب "تاريخ الكويت السياسي" قول السير برسي كوكس للشيخ خزعل: (ان الشيخ سالم الصباح خشن الجانب صعب الانقياد لنصح الناصحين)!.
وقال: (تعلم يا شيخ خزعل ان من سياسة الحكومة البريطانية عدم التفضيل بين أصدقائها أو بعبارة أوضح بين حلفائها إلاّ بمقدار ما تتوسمه فيهم من قابلية وكفاءة وانك تتفق معي أن الفرق عظيم بين ابن سعود وبين سالم الصباح من حيث هذه النواحي)!.
وقال السير برسي كوكس: (فمن الخير للحكومة البريطانية ان تركز اعتمادها على ابن سعود لإدارة شؤون هذه الاطراف وان يكون سالم وامثاله تحت ادارة ابن سعود وحمايته فيحقق للبلاد السعادة والمجد وان آل الصباح لا يستنكرون استيلاءه على بلادهم بعد أن يتم ذلك بالتدريج)!…
فعارض الشيخ خزعل فكرة برسي كوكس في اعطاء الكويت لآل سعود وابدى استعداده لإجراء مصالحة بين سالم الصباح وابن سعود.

اغتيال سالم الصباح مسموما

بعد هذا التصريح الصريح من برسي كوكس بوجوب التخلص من سالم الصباح وتسليم الكويت لابن سعود، استمر سالم الصباح رغم "مجاملاته التكتيكية" للإنكليز… استمر في تحصين البلاد بوجه العدوان السعودي المؤيد بكل طاقات الانكليز، وبتاريخ 9 جمادى الثاني 1339 هـ ـ 17 شباط 1921 ذهب الشيخ سالم إلى الجهرة ليشرف بنفسه على التحصينات ومكث ثلاثة أيام هناك شعر بعدها بمغص شديد في بطنه!.
أعقبه ألم في أنحاء جسمه وحمى شديدة فطلب اعادته إلى الكويت محمولا على سفينة ووصل الكويت يوم الثلاثاء 14 جمادى الثاني 1339 هـ 22 شباط 1921 م.
وفي 15 جمادى الثاني 1339 هـ الموافق 23 شباط 1921 فارق الحياة!… وقد سرت اشاعة تفيد بأن وراء اغتياله عبد العزيز آل سعود بوضع السم في طعامه مستعينا ببعض خاصته، كما نعته جريدة "القبلة" التي كانت تصدر في مكة في عددها رقم 468 تاريخ الاثنين 11 رجب 1339 هـ ـ 21 آذار عام 1921 م وذلك قبل قيام الاحتلال السعودي للحجاز مشيرة للقتلة السعوديين بقولها بعنوان:

"استشهاد الامير ابن صباح"

(ننعي إلى العالم العربي عموما وفاة الامير سالم بن صباح شيخ الكويت وكان قد صرح بأن وفاته فجأة، ومع ما في هذا المفهوم الخاطئ من مؤدى تلك الافادات عن الوفاة إلاّ أنه توفي شهيداً ضحية الغايات السعودية والمقاصد السياسية فإنا لله وانا إليه راجعون احسن الله عزاء آله وصحبه واعزائه)!.
ولقد رعى الحقد صدر عبد العزيز آل سعود، إلى حد انّه بعد اغتياله للشيخ سالم الصباح لم يخف هذا ولم يرسل عبد العزيز حتّى برقية أو رسالة تعزية لذويه وأولاده… بل ان عبد الله سالم الصباح ـ ابن المتوفى ـ هو الذي بعث ببرقية إلى اليهودي السير برسي كوكس المندوب السامي في بغداد "يطمئنه فيها بوفاة" والده وجاء فيها قوله: (نحن الان مستعدين لاحكام البلاد وراحة العباد) وكان يقصد براحة "العباد" راحة "عباد الانكليز" آل سعود وخاصة "عبد الانكليز" عبد العزيز آل سعود!. وجاء في البرقية أيضاً قوله: (ومستعدين لخدمات الحكومة البريطانية بالنيابة عن اخي الشيخ أحمد الجابر) وهو الذي اوصى بترشيحه المندوب السامي في الكويت ليتمكن من مسايرة ابن بريطانيا المدلل عبد العزيز آل سعود.
ويتابع الشيخ عبد الله سالم في برقيته للسير برسي كوكس قوله بعد وفاة والدي (واعتمادنا على الله ثم على فخامتكم في جميع الاحوال فالامل انشاء الله ترون منا الخدمات الخاصة التي تسركم وتسر ابن سعود وفخامتكم انشاء الله عوضنا بالسلف نلتمس دوام توجيهاتكم القلبية).
في 16 جماد الثاني 1339 هـ
عبد الله السالم الصباح
كما أرسل الشيخ عبد الله السالم الصباح برسالة مسجوعة إلى عبد العزيز آل سعود "يعزيه" و"يطمئنه" فيها بوفاة خصم والده سالم المبارك الصباح ـ جاء فيها قول عبد الله السالم: (إلى حضرة بهي المكارم والشيخ عليّ الهمم والنعم) وقال فيها: (فحضرتكم انشاء الله عوضنا ـ في والدنا ـ وجميع الأمور تكون جارية على ما يرام… في 16 جمادى الثاني 1339 هـ).
وبعد ذلك عاد أحمد الجابر من سفره وتولى منصبه الجديد وعمل ما بوسعه لارضاء عبد العزيز آل سعود والتودد لبريطانيا وهدأت السعودية حينا عن تآمرها لكنها ما زالت تعتبر الكويت "الميناء الطبيعي للرياض" كما قال جون فيلبي مشجعا عبد العزيز لضمها.

اغتيال آل سعود لفهد السالم الصباح

المعروف أن فهد بن سالم الصباح هو الشخص الوحيد من آل الصباح الذي تقمص روح والده ـ سالم الصباح ـ بكرهه المعلن للسعودية.. لكنها اقتصت منه حينما سافر إليها بدعوة منها للزيارة والقيام برحلة قنص… فسمموه بنفس الطريقة التي سمموا بها والده "سالم" ومئات الزعماء ـ في الجزيرة العربية وخارجها ـ فأعيد إلى الكويت فاقد الحياة.

كيف حاولت بريطانيا تعيين "الدويش" ملكا قبل عبد العزيز؟

الصانع الأول للعرش السعودي (بعد المخابرات البريطانية اليهودية طبعا) فيصل الدويش رئيس قبيلة مطير وقائد القبائل التي نفخ الانكليز في جماجمها روح الدين السعودي الوهابي الكاذب فانتفخت به لتنهب وتسلب وتهتك وتفتك

[1] أربع ساعات لمسيرة الابل ـ 8 كم ـ للسيارة.
[2] ساحة في قلب العاصمة.
3] وهذه هي "كلمات الحق التي" أراد بها الانكليز وآل سعود ارساء باطلهم بحجة (أن من يدعو إلى ملة إبراهيم الخليل ودين محمد سينعم براوئح الجنة الفواحة حينما يقتل ويقتل)…
وبهذه الدعوة الباطلة يتم قتل المسلمين ونهب المؤمنين والعدوان على الامنين والسطو على الأرض والعرض ومن أجل هذا قام جون فيلبي بتنظيم القبائل لادخالها في "الدين الجديد" وتنصيب ـ مفتيا ـ لكل قبيلة من القبائل المخدوعة ليصبح المفتي مرجعها الاعلى يرافقه عدد من المراجع الدينية " المربوطين" بعبد العزيز آل سعود ـ المربوط بجون فيلبي مستشاره الخاص، وتمكنوا بذلك من تزويغ عقول عدد كبير من القبائل بايهامهم أن من قتل أعداء آل سعود وقتل دخل الجنة بلا حساب ولكل قاتل عشر حوريات من الحور العين يجدهن مسجلات باسمه مقابل كل شخص يقتله "ولم تكن الحور ودوافع الاخرة الاخرى هي دوافع جند "الاخوان" السعوديين وحدها بل هناك أموال الضحايا التي تباح لهم وهناك الاعراض مما جعل هؤلاء الوحوش السعودين يتخذون من القتال تسلية لهم ومطامع جعلتهم يتركون الماء ويتوسلون بدماء القتلى، ويتسابق السذج منهم للموت طمعا في الذهاب إلى الجنة لينعم بملذاتها تعويضا لما حرم منه في الدنيا… لكنه لا يجد في الاخرة إلاّ الدود… بالاضافة إلى ترك ذويه بلا وجود وترك جنة الحياة لطغاة آل سعود.
[4] لا يأتي بخور العود في العادات النجدية إلاّ في نهاية الضيافة، كدليل على انهاء الزيارة، ولا يمكن للضيف الثقيل بعد البخور إلاّ أن يخرج دونما يقول له المضيف "الحرج من غير مطرود، لانه "ما بعد العود قعود!".
[5] كتاب قدمه حاكم الكويت إلى الكابتن (مكلم) المعتمد السياسي البريطاني السابق الذي خلفه الميجر مور يطلب تحكيم بريطانيا بين الكويت وابن سعود.
[6] هذه بعض من ألقاب مكتب المخابرات البريطاني (المكتب الهندي) لعبد العزيز آل سعود، وكانت من مثيرات، "الاخوان" إذا اعتبروها من ألقاب التأليه وألغاز الربوبية مثل "ح م ع س ق" أو "ك ه ي ع ص".

1 comment: