القلب ينبض بحبك يأسدنا المفدى و سيدَّ الوطنِّ و سيد الرجال و عزَّ العّرُّبّ وَفَخَّرَّ الامَّةِ

Friday 15 July 2011

تاريخ آل سعود الجزء الثالث عشر




وتسفك الدماء، فقتلوا اكثر من مليون واعطبوا بالجراح والعاهات وشردوا إلى الاقطار المجاورة اكثر من مليونين ونصف، منذ عهد "محمد" بن عبد الوهاب إلى فيصل الدويش.. قائد الحملات المرعبة الفتاكة… لكن وما أكبر الفرق بين المدعو "محمد" بن عبد الوهاب… وفيصل الدويش، فالاول يهودي كذاب من يهود الدونمة متلبس بالدين مخادع، أما فيصل الدويش فهو صادق مخدوع بدين كاذب: دين يهود المكتب الهندي… لذلك مات الخائن العبد النهاب، على يد يهوده، واستشهد الدويش على "دين الله" والشعب الذي فتك به: بعد أن صحا ضميره إنّما بعد خراب الجزيرة العربية التي أصبح احتلالها السعودي، مقدمة لنكبة فلسطين والامة العربية، لقد صحا الدويش متأخراً على هول المصيبة بعد أن ادرك انّه لا يبني الإسلام بل يبني الصهيونية باسم الإسلام وانه لا يبني قيادة للشورى الجماهيرية الجمهورية وانما يبني مُلكا عضوضا وملكا مرفوضا في جزيرة العرب وفي الإسلام. فصنعوا باشلاء شعبنا والقبائل نفسها هذا العرش القذر…

رأي جون فيلبي بالدويش

قال جون فيلبي عن فيصل الدويش في مجلس من مجالس احد الشيوخ النجديين الذين كان لهم دور في خدمة العرش السعودي وصحا ضميره هو الاخر وأرمز لاسمه ب" الشيخ إبراهيم بن م" وقال فيلبي: (لقد فكرت بريطانيا ـ أو بالاحرى فكرنا نحن في مكتب الهند ـ حينما استعرضنا أسماء الزعماء في الجزيرة العربية أن نصنع من فيصل الدويش ملكا في جزيرة العرب، قبل أن نفكر بصنع ابن سعود… لكننا تراجعنا عن تنصيب الدويش ملكا بل وجدنا انّه من الافضل لنا الاستعانة بالدويش في صنع الملك المطلوب لان الدويش لا يصلح ان يكون ملكا للاسباب التالية:
1 ـ انّه متعصب للدين والقبيلة والعرب ولن يقبل بالتعامل المباشر مع الانكليز الذين يريدون ترسيخ اقدام اليهود في فلسطين ولن يقبل الدويش ان ينفذ من اوامرهم ما يبتعد عن مفهومه المبني على اعتقاده…
2 ـ انّه معتّد بنفسه لكونه رئيس قبيلة عظيمة اسمها مطير ويقود مجموعة من التحالفات القبلية، وهذا الاعتداء بالنفس هو الذي جعلنا نصرف النظر لا عنه فحسب بل حتّى عن الملك حسين بن علي)…
واردف فيلبي محاولا تغطية دوره القذر يقول: (ان الانكليز يرضخون لتعاليم اليهود، واليهود الملعونين لا يرغبون بمن يعتد بأصله وقومه ودينه، وانما يبحثون عن قائد لا صلة له بشئ من هذه الاصول الإنسانية ليصبح طوع أمرهم ولا مانع من استخدام الاصل والقومية والدين انّما "بتكتيك" انكليزي يهودي وهذا ما وجدوه في "بن سعود" ورفضوه في الدويش!!).
وعز فلبي يقول: (حتّى انتا أصبحت مرفوضا في الاخير من المخابرات الانكليزية التي سيطر عليها اليهود لانني اسلمت اسلاما صحيحا وحاولت ان اوجه "بن سعود، لخير العرب والاسلام)…
هكذا يزعم فيلبي مبرراً جرائمه من الانكليز ومثبتا "عروبته" و"اسلامه الصحيح" المزعوم..ز إلاّ ان ما ذكره فيلبي في هذه "البراءة" من الحقائق الكثير: خاصة ما قاله عن رفض "اليهود الانكليز" لفيصل الدويش ان يصبح ملكاً واختيارهم لعبد العزيز الذي لا اصل له إلاّ اليهودية ولا دين له إلاّ دين صهيون… وهذا ما أكده فيلبي نفسه في المجلس المذكور، والمعروف عن فيلبي انّه كانت له جولات وصولات واقوال جريئة في دولته التي بناها وسماها بـ "السعودية".

كيف تم قتل الدويش… ومتى؟

ثار الدويش ضد "بن سعود" كما ذكرنا في مكان آخر، ومن أسباب ثورته: ارتماء "بن سعود" نهائيا في احضان اليهود والانكليز، وتنصيب يهود المكتب الهندي علانية لـ "بن سعود" ملكا بعد ترفعيه من شيخ إلى أمير، إلى إمام للمسلمين إلى سلطان لنجد، وسلطان لنجد والحجاز، و"ملك للحجاز وسلطان لنجد" و"ملك للحجاز وملحقاتها، وملك للحجاز ونجد، وملك "للمملكة السعودية" أخيراً…
وكما لعب جون فيلبي وكوكس دورهما في هذه الترقيات، لعب "أبو سعود" هـ. رب ديكسون المندوب السامي بالكويت دوره القذر خدمة للمخابرات البريطانية وعميلها "بن سعود" بتسليم الثائر الدويش ورفاقه، كما لعب "أبو سعود" خدمة "لابن سعود" دوره في اقناع الثوار انّه معهم ضد "بن سعود" ورافقهم لفترة بلباس عربي وعمامة "مشائخية اخوانية" مدعيا أنه قد أسلم معهم وأصبح من "الاخوان" كما فعل فيلبي وعبد العزيز وكان من دوره مراسلة قيادة القوات الجوية البريطانية بجهاز لاسلكي خاص ليحدد لهم مسير الثوار،[1]ويقول ديكسون ان "الطائرات الانكليزية كانت تضرب الثوار وأنا معهم"…
ولما شك الدويش بأمره، طلب "أبو سعود ديكسون" الامان منه فاعطاه الامان.
أي أعطى الامان لواحد من أعداء الامان، ووصل "أبو سعود" ديكسون إلى الكويت وطوقت السيارات الانكليزية المصفحة والطائرات الانكليزية الثوار، حتّى استسلموا للإنكليز، فاستلمهم "أبو سعود" نفسه ما "غيره" ديكسون "إياه" ليسلمهم لـ "بن سعود" وتألفت بعثة مكونة منه ومن المقيم السياسي في الخليج السير هيو بيسكو، ومن نائب ماريشال الجو بيرنيت، وحملوا قادة الثوار بطريق الجو من الكويت في 20 كانون الثاني 1929 وسلموهم لـ "بن سعود" المخيم بانتظارهم في خباري وضحا على بعد 93 ميلا بالطائرة و130 ميلا بالسيارة إلى الجنوب الغربي من الكويت، ثم أرسلوا آلاف الثوار مكبلين بالسيارات ليقتلهم "بن سعود" ومن بعدهم غادر الكويت جابر الصباح وعائلة الصباح لاداء واجبات الاحترام التي طلب الانكليز منهم تأديتها لـ "ابن سعود" لازالة سوء التفاهم الذي حصل بين آل صباح وبينه أثر خلافهم مع العميل السعودي حافظ وهبة الذي جاء للكويت وبدأ اتصالاته علانية بأهل الكويت مروجا دعاياته القذرة لآل سعود..
ولقد عانت زوجات الثوار وأطفالهم شتى الاعتداءات والتجويع والمذابح… التي استنكرها حتّى المجرم اليهودي "هـ.ر.ب. ديكسون" في كتابه "الكويت وجاراتها" في الصفحة 343 ـ 344 بقوله:
1 ـ كان الشعور السائد أن "ابن سعود" لم يفعل "بالاخوان" الثوار ما فعله بهم وباطفالهم وأهاليهم فهم الذين ـ على كل حال ـ رفعوه إلى المكانة التي احتلها وكانوا مسلمين صالحين.
2 ـ لقد طلب "ابن سعود" مساعدة البريطانيين وبمساعدتهم تمكن من سحق "رعاياه" من آلاف المسلمين.
3 ـ لقد عامل فيصل الدويش شيخ مطير ونايف بن حثلين شيخ العجمان وسلطان بن احميد شيخ عتيبة ـ وهم ثلاثة من أعظم زعماء الجزيرة العربية ـ بقساوة رهيبة، وبمثلها عامل سعود بن لامي وغيره من الزعماء… بوعدها اكتشف البدو عبد العزيز بن سعود على حقيقته وأصبحوا يطلقون عليه الوهابي الحقير، واليهودي المخادع، وأهم من ذلك: انهم ألغوا عمائمهم البيضاء التي كانت رمز الدين ورمز "الاخ الصالح" بعد أن خدعهم ابن سعود بالدين… الخ.
لقد نقل زعماء الثوار إلى سجن المصمك بالرياض.. وأخذوا يعذبون كل واحد منهم على انفراد، يربطون رجليه ويديه ويتركون أحد العبيد يضغط بيديه على حلقه حتّى يغمى عليه وكانوا لا يقدمون لهم طعاما ولا ماء إلاّ مرة في اليوم وشئ لا يذكر من هذا الماء والطعام الملوث لابقاءهم بين الموت والحياة أطول مدة، وكانوا يعطون فيصل الدويش ضمن الماء أو الطعام أحيانا قليل من السم البطئ ليتعذب ولا يموت… ويقول أحد المشرفين على السجن: "ان الدويش قد تقيأ دما مرارا، وانه طلب معالجته فرفضوا وطلب مقابلة "الملك عبد العزيز" فرفض الملك، وكان الملك يأتي إلى السجن بنفسه يوميا ليتأكد من تطبيق تعليماته في تعذيبهم لكنه لا يقابلهم"!…
ويقول هذا الشخص وهو حارس خاص للملك عبد العزيز أن عبد العزيز قد أرسله مرة ليطمئن على تعذيبهم، وان فيصل الدويش قد حمّله رسالة من السجن للملك عبد العزيز يقول له فيها:
"انك يا عبد العزيز ترفض مقابلتي وأنا مقيد اليدين والقدمين.
فهل تخاف مني حتّى وأنا في هذه الحالة المزرية بينما لا تخاف من الله الذي لابد أن نتقابل لديه؟!.
وما دام ان هذا ظلمك مع أناس لهم الفضل عليك وأوصلوك إلى الملك العضوض وندموا كيف لا يكون ظلمك أشد مع أناس أصبحت تملكهم وليس لهم فضل عليك؟… هذا العمل لا يعمله ـ يا عبد العزيز ـ مسلم ولا عربي بل هو من أعمال اليهود الذين أوصلوك وأنت منهم وهذا ما كان يتهمك فيه خصومك يوم أن كنا قادتك وكنا نحاول التشكيك في صحته انّما الان تأكد لنا أصلك اليهودي وأكده لنا أكثر: دفاع الانكليز معك وعنك وتسخيرهم لكافة قواتهم الجوية والبرية والبحرية، اننا الان لا نطلب منك أيها الظالم اليهودي عفوا، وانما نطلب منك الاسراع بقتلنا السريع، لاننا نموت كل يوم بعدد الساعات والدقائق، فلا تعزّرنا أيها الظالم لكيلا نبقى في حياة أنت فيها، وثق أنه سيأتي اليوم الذي تتوحد فيه قبائلنا ـ كلها سواء من قاتل معك أو قاتل ضدك ـ لتأخذ منك ومن ذريتك بالثأر لنا ولغيرنا"!.
ويقول هذا الشخص: ان الدويش على ما يبدو قد عاف حياته المزرية المؤلمة وكان قصده اثاره عبد العزيز للتعجيل بقتله للتخلص من موته البطئ الموجع..
وفي يوم 2/10/1931 أمر عبد العزيز باطلاق يدي المساجين وأرجلهم، وفي حوالي الساعة العاشرة من يوم 13/10/1931 استشهد فيصل الدويش بعد أن سقط في باحة السجن بينما كان يتمشى مع زميله الثائر نايف بن حثلين بعد أن نزف الدم من فمه أثر انفجار التورم الذي خلفته في حلقه أيدي العبيد وأثر السموم التي أدت دورها البطئ في جسده… وبعدها أمر عبد العزيز بدفن الدويش بالسجن وبنقل نايف بن حثلين وسعود بن لامي وغيرهما من السجناء إلى سجن الاحساء ليقتلهم ابن جلوي، لكن ابن جلوي قابلهم بالدهناء فقتلهم ودفنوهم في رمال الدهناء…

بالله لا تزني ولا تتصدقي…

وبعدها بأيام أرسل عبد العزيز "بن سعود" إلى عمشاء أرملة الدويش وإلى شقيقته غالية ووضحاء طالبا "أن يعتبرنه شقيقهن مدى الحياة"!…
ثم أمر لعمشاء بخرجية سنوية قدرها 400 ريال ومثلها لغالية و300 ريال لوضحاء فأصبح المجموع 1100 ريال سنويا، أي أصبح لكل واحدة ـ 90 ـ ريال في السنة تقريبا!… لكن النساء رفضن هذه "المبرّة" المجرمة، وماتت بعده زوجة الدويش عمشاء ألما عليه…
ويقول ديكسون: (أن فيصل الدويش هو من أعظم من أنجبتهم الجزيرة العربية في تاريخها، وان جده ـ فيصل ـ المسمى باسمه، هو الذي هزم آل سعود حينما ناصر إبراهيم باشا بقبائل مطير، في القرن التاسع عشر، ولولا الانكليز ورغبة اليهود أولا وقيادة فيصل الدويش ومن معه من قبائل مطير وعتيبة وغيرهم لما حكم آل سعود جزيرة العرب وسجلوها أرضا واسما باسمهم).
كان هذا عن ثورة أول صانع وقائد لجيش آل سعود، فيصل الدويش، أما عن ثورة، قائد أول ثورة للجيش السعودي الجديد فهو عبد الرحمن الشمراني…

فيصل آل سعود… والشمراني الشهيد

قاتل في فلسطين فقتله آل سعود

التقيت بالشهيد عبد الرحمن محمد الشمراني في 7/11/1953 وتكررت لقاءاتنا، سألته يومها عن أول شئ غيرّ مجرى حياته وجعل منه ثائراً فقال:
(اشياء كثيرة اهمها: معركة فلسطين التي خانها الملوك والرؤساء العرب، وقد كان لي شرف المشاركة فيها ضمن الجيوش العربية السبعة، وتأكد لي ان هذه الجيوش لا تأتمر بأمر حكامها بل بأمر الصهاينة أنفسهم عن طريق بريطانيا وأمريكا:
والملوك والرؤساء بالعرب عملاء الاستعمار الانكلو امريكي… عام 1948 ـ كان قائدنا آنذاك سعيد الكردي ـ الذي أصبح يرأس فيما بعد مخابرات العرش السعودي ـ وكان يأمر بأمر عبد العزيز بن سعود بائع فلسطين والذي لم يقم عرشه إلاّ بعد مروره باختبارات انكليزية اشرف عليها اليهود الصهاينة ومخابراتهم المهيمنة على بريطانيا… وفي منتصف هذه الاختبارات، كان توقيع عبد العزيز للإنكليز على بيع فلسطين، في وقت جعلوا الصحافة العربية تهلل له فيه لإخراجه
بمخرج البطل المنقذ أمل العرب!…
كما تفعل الصحافة الآن مع أولاده.. إلى أن خدعوا به معظم الشعوب العربية لتمرير خياناته التي عجز معظم خونة الحكام والعملاء في المنطقة… وبينما كنا نقاتل كان قائدنا سعيد الكردي يهرب الحشيش إلى مصر عن طريق القنطرة وقد ضبطه البوليس المصري فالصق سعيد الكردي التهمة بمساعده القائد عبد الله بن نامي مدعياً انّه هو الذي وضع الحشيش في سيارته للإيقاع به، فعزلوا ابن نمامي لا لكونه هو الفاعل، أبداً بل لكون هذا "الغشيم" الذي تحمس كثيراً لمحاربة اليهود ـ المحتلين… فما كان من عبد العزيز آل سعود إلاّ أن سحب عبد الله بن نامي وسرحه من الجيش بينما أبقى على: سعيد  الكردي… وهكذا لفقت السعودية للقائد ابن نامي تهمة تهريب الحشيش لمجرد انّه تحمّس لقتال اليهود في فلسطين..
وبما ان قيادتنا مرتبطة بالجيش المصري، كنا نرى اخواننا في العروبة من ابناء مصر وغيرهم يبلون في القتال لكن هناك في مصر وغيرها من يخرب أعمالهم أيضاً، وكنا نرى جيش العراق العربي يقف مكتوف الايدي، وكأنهما أرسل للزينة والاستعراض، مدعياً انّه (لا أوامر عنده للقتال) وكنا نرى جيش سوريا العربية يحتل بعض الاماكن بشجاعة، وكذلك الجيش العربي الاردني يتسلم بعض المواقع ببسالة فيأتيه الامر من الملك عبد الله وسيده كلوب باشا بتسليم هذه المواقع للصهاينة حالا!.

اليست هذه مؤثرات في النفس؟!

واكتشفنا ان هذه الجيوش السبعة ـ التي كانت اسما تحت قيادة الملك عبد الله ـ ما ارسلت لانقاذ فلسطين ابدا وانما أرسلت ـ فعلا وحقيقة ـ لتغطية وتسهيل تسليم فلسطين لليهود، كما أرسلت هذه الجيوش لقتلها هي بيد اليهود.
ان من لم يذهب لفلسطين لا يدرك هول ما لعبته هذه الجيوش من خيانة "بريئة" متممة لخيانة الحكام العرب وفي مقدمتهم عبد العزيز وأولاده الذين بذلوا اقصى جهدهم لاضاعة فلسطين بل ان هؤلاء الحكام قد أختارهم اليهود أصلا لتمرير عملية بيع فلسطين… ولولا هذه الصفقة ما أصبحوا حكاما، ولا يظن البعض أن اليهود قد اختاروهم بطريق مباشر وغير مباشر لكونهم أكثر إيمانا وإسلاما أو أصفى عروبة ووطنية من حكام البلاد العربية السابقين… أو أنهم وصلوا للحكم بشجاعتهم أو بفصاحتهم أو باختيار الناس لهم…
كانت نكبة فلسطين هذه هي المؤثّرة الاولى في نفسي، أما الثانية فهي ما يعيش فيه شعبي المنكوب من عذاب وتأخر وحرمان من أبسط الحقوق في الجزيرة العربية.. أما الثالثة فهي ثورة 23 يوليو في مصر، لقد تأثرت مع العديد من أبناء شعبي بقيام أول ثورة عربية أطاحت بملك خائن في بلاد العرب ولمصر تأثيرها، أكثر عندما جاء جمال عبد الناصر وعدد من أعضاء الثورة إلى هنا وقد عينت ضابط اتصال معهم، وكانت فرصة لي للمقارنة بينهم وبين حكامنا، وبهذا اللقاء استعدنا ذكريات فلسطين، وذات مرة دخلت على ضباط ثورة 23 يلويو في مكان الضيافة في القصر، ولا أعلم كيف ارتعشت تلك اللحظة بالذات من تأثري بمنظرهم، منظر الجنود العاديين، ومرت بي الذكريات كشريط عرض سريع دار في مخيلتي في ثانية، فقلت ان هؤلاء الثوار الذي هز حدث ثورتهم العالم بما فيه العرش السعودي الثقيل: ما هم إلاّ جنود مثلنا يأكلون كما نأكل ويقعدون على الأرض كما نقعد… ولا فارق بيننا وبينهم إلاّ أنهم ـ أصبحوا أحرارا ـ يتحدثون في كل مكان وفي القصور الملكية السعودية الفاسدة عن الثورة وأهداف الثورة وعن مفاسد القصور!، بينما نحن لا نقدر على التفوه بكلمة واحدة، فتذكرت كل المعارك التي خسرها شعبنا وكل خيانات الملوك وكل ما يلاقيه شعبنا من بؤس وشقاء وتذكرت يوم النصر، وبصورة لا شعورية انهمرت الدموع من عيني أمامهم وكأنني في حلم لا أقوى على تفسيره، فلاحظني الجميع، فدهشوا .. إلاّ ان جمال عبد الناصر وقف وضمّني إلى صدره في قصر الضيافة وهو يضع يده على كتفي قائلا: كفى بكاء المسألة عايزة تنظيم وعمل!.).
وفجأة.. توقف الشمراني عن سرد سلسلة ذكرياته، ونفث في الهواء انفاس صدره المكبوتة الحانقة على واقع شعبه، ثم عاد بهدوء يقول:
(وها نحن ـ يا أخي ناصر ـ يسوقنا القدر لبعضنا دون موعد، بل يسوقنا حب الوطن فيوحدنا في تنظيم يجتمع فيه العمال والجنود لأول مرة في تاريخنا من أجل الثورة، وقد نفشل وقد ننجح، والمهم أننا بدأنا السير لتحقيق الامل في الثورة، وكم هي نصيحة ثمينة قالها جمال عبد الناصر: "كفى بكاءً ـ المسألة عايزة تنظيم وعمل"!… وهذه موجز المؤثرات التي أذكر أنني ثأرت بها)…

من هو عبد الرحمن الشمراني؟

اسمه عبد الرحمن بن محمد الشمراني، من قبيلة شمران القحطانية ـ المعروفة ـ وتمتد مساكنها على طريق الطائف منحدرة إلى الغرب حتّى تهامة عسير.. التحق بالعسكرية وهو فتى صغير السن…
شارك في حرب فلسطين عام 1948 ثم عاد منها بروح ثورية ألهبتها خيانة آل سعود للقضية الفلسطينية وترقى في صفوف الجيش من رتبة جندي حتّى وصل إلى الحرس الملكي ورافق الملك ثم عمل مدرسا في مدرسة الحرس… اشتراكي الايمان مؤمن بالوحدة العربية… كان أول ضابط في الجيش السعودي يجرأ على الكتابة في الاوضاع الفاسدة، فكتب في مجلة "اليمامة" عدداً من المقالات الوطنية…
نظّم للثورة وهو برتبة ملازم وجاءته الترقية إلى رتبة نقيب وهو في السجن وبُلغ بها في اليوم الذي قتل فيه!.
عمل على تنظيم مجموعة من الضباط في الجزيرة العربية لتحرير الجزيرة العربية من أعدائها، وكان ضمن مجموعته ضابط خائن يدعى الملازم (عاتق عيد) الذي ظهر للشمراني بثوب المواطن الصالح، وانتقل الشمراني إلى الطائف.
فاستدرجه عاتق عيد للإجتماع بعدد من الضباط: "ليتقدموا بمطالب للحكومة السعودية حول ما يحتاجه الجيش من تدريب ومن زيادة في العدد والعتاد وتحسين حالة افراده ورفع مستواهم عسكرياً وعلمياً ومالياً لمواجهة الاعداء"!
فاقتنع الضابط الحر عبد الرحمن الشمراني رغم بساطة كل هذه المطالب لايمانه بالعمل على كل ما يقرب من أجل الثورة.
وعندما رآه عاتق عيد مقتنعاً استدرجه مرة ثانية قائلا: لقد فكرت بأن المطالب لا تجدي يا عبد الرحمن، ومثل هذه الحكومة لا يمكن أن ترضخ للمطالب وستتخذ من هذه المطالب حجة علينا فتقتلنا دون أن نصل إلى غايتنا وهي القضاء على هذه الحكومة الطاغية الفاسدة، ومن الاحسن ان نطبع هذه المطالب بصورة منشورات ونضيف إليها اشياء أخرى عن فساد الحكم وتواطؤ هذا الحكم مع الامريكان للقضاء على الجيش والشعب.
فاقتنع الشمراني بفكرة عاتق عيد الاخيرة أكثر، لا لشئ إلا لان هذا الثائر يريد خدمة وطنه بأي طريقة من الطرق، وان المنشورات ستعالج القضية أكثر مما تعالجها المطالب، وان هذه المنشورات ستنشر الوعي بين الناس اكثر من تقديم مطالب إلى حكومة الاحتلال الفاسدة، فاجتمعوا في بيت عبد الرحمن الشمراني بمدينة الطائف وقام الشمراني الحر بصياغة المنشور بأسلوبه الثوري المعبّر عن أحاسيس قلبه في حب الوطن الذي يعبث فيه الاعداء فساداً، وطبع المنشور وأعده واجتمع في الليل كل من الشهيد عبد الرحمن الشمراني والخائن عاتق عيد وبعض الضباط امثال بكر بن فلاح وعبد الرحمن بن نويصر وجميل سالم وعبد الرحمن الطاسان، وكان المفروض أن يحضر عبد الله فرج القحطان وثلاثة آخرين لكنهم لم يحضروا، وبعد ذلك بخمس سنوات اغتال آل فهد (القطان) بطريق الخرج ووضعوه خلف مقود سيارته وإلى جانبه زجاجة ويسكي فارغة واشاعوا انّه مات من شدة السكر!… اما عن الشمراني فقد اعد لكل واحد من الضباط رزمة من هذه المنشورات لتوزيعها بمنطقة من المناطق ولما انتهى كل شئ ولم يبق إلاّ التوزيع استأذن الخائن عاتق عيد من الجميع زاعما أنه سيخرج إلى بيته ليخبر أهله قبل أن يسافر لتوزيع نصيبه من المنشورات، فأذن له الشمراني وأخذ عاتق عيد مفتاح باب بيت الثائر الشمراني وأغلقه عليهم بحجة أنه سيفتح الباب دون ما تكلف عندما يرجع ثانية، ولكن الخائن عاتق عيد ذهب رأساً إلى رئيس الوزراء وولي العهد فيصل فابلغه بالقصة وطلب مرافقته إلى بيت الشمراني للتأكد فأتصل فيصل بالامير مشعل وزير الدفاع السعودي آنذاك، وما ان وصل حتّى بادره بقوله: "هل أنت واثق انّه لا يوجد خونة بين ضباطك؟" فاجاب الامير: "لا اظن"… فقال له فيصل: " اذهب مع عاتق عيد لترى الخونة" وقد غضب الامير مشعل كثيرا لان عاتق عيد لم يخبره أولا قبل فيصل وطفقوا نحو البيت وفتحوا بيت الثائر الشمراني بمفتاحه الذي كان مع عاتق عيد وإذا بكل شئ معد أمام الضباط وإذا بالمنشورات مفروزة لكل واحد منهم نصيبه، فاقتادوا ا لجميع وفق مقدمتهم البطل الشمراني الذي اعترف بأنه هو الذي طبعها وأنه هو الذي كتبها وانه لا علاقة للآخرين بشئ، وانه لم يشاركه احد فيها أو يشترك معه احد، فزجوا به ورفاقه فيا لسجن ليلاقي العذاب…

ذكريات عن الشمراني

لقد كنت على اتصال تنظيمي ثوري مع الشمراني، لكنني تعرفت عليه قبل ذلك من خلال كتاباته في مجلة "اليمامة" التي تحولت إلى جريدة ثم إلى مجلة ثم أصبحت تافهة، ككل الصحف السعودية التافهة، وكانت مقالاته توجيهية وطنية ينادي الشعب فيها بالوحدة الوطنية وينادي أبناء الشعب فيها للإنخراط في صفوف الجيش وابعاد تلك النظرة الخاطئة التي يغذيها "الاعداء" للجندية بأنها انتقاصا من حق المواطن، وكان يحذر المواطنين من شرور التفرقة الاقليمية والمذهبية وكان لا يذكر اسم آل سعود بالطبع وانما كان يعبر عنهم في كتاباته الوطنية باسم "الاعداء"، واستمر اتصالي التنظيمي معه وكان دوري المتفق عليه هو تهيئة العمال للقيام بدورهم في الثورة والسيطرة على المؤسسات الاجنبية ومطار قاعدة الظهران ومحاصرة قصر المجرم الجلاد سعود بن جلوي، في يوم الخلاص الذي لم يحدد بالطبع، والذي تركناه للظروف واستكمال السلاح والوعي الثوري بين الجماهير والتنظيم والجيش..
وبعد نفيي من الظهران أثر الافراج عنا في 9/11/1953، حينما أضرب العمال إلى أجل غير مسمى يطالبون بالافراج عنا، زرت الشمراني في بيته ـ الطيني ـ المتواضع في الرياض الذي لا يبعد كثيرا عن المربع القصر الملكي لاجد مولوده الجديد "محمد" الذي كان لا يزيد عمره عن سبعة أيام وقد جاء به ليريني اياه ممسكا به من ذراعه اليمنى قائلا لطفله: "ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ لا شك أنك لا تدري ماذا تريد الآن أن تكون ولكنني حريص على ادخالك الجندية هذا ان عشت إلى أن تبلغ سن الرشد، أما ان قتلوا والدك فعليك اكمال الطريق، ولكنك يا للاسف لا تفهم ما أقول ولا تشعر بما نحن فيه من مهانة وذلة في طغيان آل سعود ولا تعلم من هم آى يا بني، لكنك ستعرفهم فيما بعد ان عشت"!.
فضحكت وقلت: "لعل جيله يكون أسعد منا.. دعه ولنخرج لهذا الاخ الذي يلح علي في مقابلتك".
قال: "هل تعرفه؟".. قلت: "انّه رأسمالي!.. وليس بين أصحاب رؤوس الاموال في بلادنا من هو في وطنيته".
قال: "ان الغني الثائر أفضل من الفقير الشاكر الصابر، دعنا نراه" فلبس" المشلح" البني والغترة والعقال ورافقني لنلتقي بالاخ محمد السليمان البسام.[2]
وكان يقيم في بيت نسيبه الجميح في شارع البطحاء، وكان البسام قد جاء إلى الرياض ليقدم كتابا ينصح فيه الملك سعود بالسلوك القويم وضمنه مطالب وطنية قيمة، وذلك عندما أعلن الملك سعود نداء في خطاب العرش ابان اعتلاءه سرير الملك بعد وفاة والده عبد العزيز حيث أعلن فيه أنه على استعداد لقبول "أي اقتراح من أي مواطن يريد النصح ويعمل مخلصا للبلاد!!" فانخدع من انخدع ـ الشيخ البسّام وغيره ـ بتلك الاقوال الملكية التي تعودنا عليها من كافة ملوك آل سعود… المهم:
ان أقوالنا في ذلك اللقاء لم تتعد البحث في الاوضاع الفاسدة وطريقة التخلص منها… وخرجنا، الشمراني وأنا، من عند البسام إلى بيت الشمراني، ليخلع عباءته والعقال ونغادر البيت سائرين من خلال الشارع المسمى سابقا "شارع الوزير" بالرياض لنقابل بعض أفراد الحرس الوطني يسيرون بعد أن قبضوا مرتباتهم الشهرية التافهة، فمال الشمراني على أ حدهم يمازحه بقوله: "هل قبضتم الراتب البخس"؟.
فرد جندي الحرس بقوله: "نعم"، فقال الشمراني: "هل تعلمون ان هذا الراتب التافه لا يدفع لكم إلاّ مقابل شرائكم لقت الشعب عندما تقوم الثورة؟ هل يعقل أن يقوم أمثالكم من العرب الاقحاح بقتل اخوانهم؟ هل تعرف الآن أن عددكم ما يقارب الـ 30 ألفا بينما عدد الجيش ثمانية آلاف؟"، فبهت جندي الحرس الملكي لهذا المنطق الجرئ الغريب مع واحد لا يعرفه، وبين الاعجاب والاستغراب تردد في الجواب على هذا المواطن الذي لا يعرفه، ولكن الذي اتضح لنا من ابتسامة الجندي وعلامات الاستفهام المرتسمة على محيّاه أن الشمراني قد عبّر عما في ضمير الجندي وما يعجز عن التعبير عنه، لكن الجندي خشي منه في الوقت نفسه رغم أن لجندي الحرس الملكي ـ المسمى بالحرس الوطني ـ سلطة تفوق سلطة أكبر ضابط الجيش السعودي إلاّ أن جندي الحرس لم يخف اعجابه بهذا المواطن الجرئ كما لم يخف خوفه منه أيضاً، فرد عليه الجندي يقول: "العين بصيرة واليد قصيرة يا ابن العم!…"
لكن الجندي استدرك قائلا: " والله جرئ.. ويش أنت يا هللي ما تخاف؟… أو يظهر انك من الجواسيس اللي عينوهم في هالايام الاخيرة اللي عينهم على اقشرهم" فرد الشمراني قائلا: "يخسأنون جواسيس آل سعود انني من أبناء الشعب ومن جنود الجيش الذي ألفوكم ضده".
فقاطعه جندي الحرس الملكي قائلا: "انّه لا يمكن لتلك المجازر الاولى أن تعود ونحن نقول لكم ثوروا من الآن ونحن واياكم".. فتعززت معرفتنا منذ ذلك الوقت حتّى الآن بذلك الحارس الذي جمعتنا به الصدفة وكانت خير من ميعاد لانه ثبت أن أكثر الحرس الوطني طيبون جدا انّما ينقصهم التعارف والتنظيم… 
وبعد ذلك عرفنا الجندي المذكور بأحد زعماء الحرس، وإذا بالزعيم البدوي أكثر جرأة وعداوة لآل سعود من الشمراني انّما تنقصيه ثورية الشمراني… ثم تعرفنا على شيخ آخر وثالث وبدأ اتصالهما مع الشمراني حيث سافرت أنا إلى الظهران… والاتصال الشخصي في وضع كوضعنا الاستبدادي من أقوى أسس التعاون والارتباط والتفاهم الوثيق، وقد تبين لنا أن الكير من أبناء البادية على علم بنوايا آل سعود السيئة التي يريدون بها عزل أبناء البادية عن بقية أفراد الشعب من الحضر والقبائل الاخرى ليتم لآل سعود ما يريدون من غايات دنيئة…
وبقينا على اتصال تنظيمي إلى ما بعد نقل الشمراني من الرياض إلى مدينة الطائف حتّى ألقي القبض عليه في شهر رمضان 1374 هـ ـ 1954 م، وبدأ معه التعذيب والتحقيق عمن يعملون معه وعمن يتصل بهم من أشخاص غير الذين ألقي القبض عليهم؟.
لكنه ابى أن يعترف مدعيا أنه وحده هو المسؤول متحملا ما لاقاه من صنوف العذاب السعودي الاليم، قائلا انّه سيقابل الموت وحده دون أن يشرك الاخرين معه، فليمت هو ما دام أنه قد وقع بين يدي آل سعود الشريرة وليبقى سواه ممن لم يلق القبض عليهم ليكملوا الرسالة في التخلص من عرش الآثام.
فشكلت محكمة لمحاكمته برئاسة رئيس أركان حرب الجيش السعودي آنذاك الفريق الأول إبراهيم الطاسان، ورغم أن هذه المحكمة كانت محكمة صورية إلاّ أنها قد برأته والسبب في ذلك أن المحكمة قد سلكت في محاكمته مسلكا عسكريا معتمدة على المنطق والادلة القضائية والقوانين التي لا قيمة لها حتّى ان وجدت في شريعة الغاب السعودية، ولم تجد المحكمة أشياء مادية تدين بها الشمراني ورفاقه خلاف المنشور، لهذا فقد:
(أوصت المحكمة بتسريحهم من الجيش وفي ذلك قسوة عليهم لكنه لابد منها ليرتدع غيرهم) وأخذ الملك سعود يستشير من حوله في الموضوع بينما تولى فيصل الاشراف المباشر على سير "المحاكمة" متذرعا بصفته ولي العهد ورئيس الوزراء، وكان فيصل يوصي بتعذيبهم دائما، وما أن عرضت المحكمة صورة حكمها على فيصل حتّى نظر لاعضائها بعين غاضبة وبصق على أعضاء المحكمة فجاءت بصقته في وجه رئيس أركان حرب الجيش السعودي وأمر (باعدام عبد الرحمن الشمراني وسجن من معه سجنا مدى الحياة) وأقر الملك سعود هذا الامر الفيصلي الاهوج الارتجالي…
وكان وزير الدفاع السعودي مشعل بن عبد العزيز قد ذهب إلى الشمراني في سجنه بالطائف قبيل تنفيذ الاعدام ليقول له ساخرا منه متهكما عليه وهو المكبل بالحديد "أيكم جمال عبد الناصر؟!" وأضاف الأمير بتهكم أشد: "أيكم زعيم الاحرار؟. الثوار؟" فأجاب الشمراني على الفور: "كلنا جمال وكلكم فاروق كلنا أحرار وكلكم عبيد" فرفع الامير نعله من رجله ثم ضربه بها على وجهه، ولكن البطل لم يسكت بل بصق على قامة الأمير وصرخ: "تدعون دينكم الإسلام ويأبى الإسلام ويكبر أن يكون لكم دينا، فالاسلام لا يبيح أن يرفع أمير نعله القذرة ويضرب بها وجه جندي من جنود الحرية والجيش والوطن" فرد عليه الامير قائلا: "سنقتلك يا خائن".
فقاطعه الشمراني بشجاعة المؤمن قائلا ق "اسمع يا أمير" أنا لست خائنا والخائن هو الذي يبيع وطنه ويعتدي على حريات الوطن والمواطنين.
أنا أعرف أنكم ستقتلونني لانني فرد ولانني مكبل بالحديد ولانني بسجنكم القذر ولانني لست معكم في معركة متكافئة.
فاقتلوني ولكنكم لن تقتلوا شعبا عربيا صاحب تاريخ عريق ـ وبعبارة أوضح ـ انكم لن تتمكنوا من قتل شعب بكامله.
ولعلك تستغرب، أيها الجبان، أيها الامير السعودي أن يتكلم مكبّل بالحديد مثلي هذا الكلام على أمير سعودي غاشم بيده كل قوة وحول وأن لا يلجأ مثلي إلى تقبيل يدك أو رجلك طالبا العفو والغفران" فقاطعه الامير قائلا: "انني وزير الدفاع"، فقاطعه الشمراني قائلا: "وأقول لك انني من جنود الحرية جنود الجيش، ونحن الجنود تختلف نظرتنا للموت عن نظرة الامراء والملوك…
نحن الجنود حماة الوطن من أعداء الوطن. نحن لا نخشى الرصاص ولا نخشى الموت وقد اخترنا الجندية اختيارا بمحض ارادتنا لا بغية  مناصب ومراتب ورواتب وانما حبا وطمعا بخدمة الوطن والشعب وحماية الوطن والشعب منكم ومن أمثالكم، يا أعداء الوطن والشعب، وقد عملت للثورة لتحطيمكم لا حبا في الجاه والوجاهة والمنصب، وانما حبا في أن أرى بلدي يعيش حرا ومتحررا منكم، وأرى شعبي يرفل بنعيم الحرية والحدة والعدالة الاجتماعية كبقية الشعوب لا تحكمه عائلة تتوارثه من الاب إلى الولد، أتمنى أن أقتل في سبيل وطني وشعبي وكرامتي ولا أعيش لارى وطني وشعبي وكرامتي تداس تحت أقدامكم، يا أمراء العائلة السعودية.
ولقد كنت أتصور أن أقتل قبل هذا اليوم.. كنت أتصور أنني سأقتل في معركة فلسطين الحبيبة السليبة التي أضاعها والدك وسلمها الملوك والقادة لليهود ووالدك أوّلهم.
كنت أتمنى أن أفوز بفخر الاستشهاد في أي معركة من معارك وطني الاكبر، ولكن لا فرق عندي أن أستشهد الآن في سبيل وطني الكبير، أو في سجنكم الكبير.
نحن الجنود نحب الموت ليحيا شعبنا. أما أنتم فتحبون الحياة لتميتوا هذا الشعب، وقد جاء بكم الانكليز وأحلوكم في بلادنا مقابل بيع فلسطين لليهود ومقابل أن يجعلوا منكم مطايا للامريكان والانكليز واليهود، انني أريد أن أتكلم كثيرا عن جرائمكم لعلمي أن كلامي هذا هو الكلام الاخير في هذه الحياة، لهذا فانك ترى، يا أمير يا سعودي، أن كلامي يأتي متقطعا لان كل كلمة تريد أن تخرج من صدري لتسبق أختها قبل الموت فتكون شعارا من شعارات المؤمنين الثوار للقضاء عليكم.
ولكن الوقت قصير. وكل ما أريده أن أنهي به كلامي هو الامل بشعبي أن يعرف أنني لم أستشهد إلاّ من أجل هذا الشعب دفاعا عن هذا الشعب وعن حرية هذا الشعب وكرامة هذا الشعب، ليغفر لي شعبي العظيم ما عجزت عن تحقيقه.. والآن اقتلوني شهيدا لامتي بارا بشعبي. وهي أحسن خاتمة عندي.."..[3]
وبعد ذلك اقتاده الجنود ولم يسكت البطل، حتّى والرشاشات تصوب إلى صدره الكريم لتنطلق منها 180 رصاصة فتمزق جسمه الشجاع النحيل، إربا إربا أمام الثكنة العسكرية وأمام جنود الجيش البواسل في الطائف بغية اهانتهم وتحقيرهم "وتأديبهم"!.
كما يزعم الاحتلال السعودي ليكون هذا البطل عبرة غيره من الابطال، ولكن هيهات أن يصد الطغيان جيشا وشعبا عن أهدافه في القضاء على حكم بغيض.
لقد وقف الشمراني قبل اطلاق الرصاص إلى صدره كالطود العظيم ساخرا منهم مستهترا بحكمهم البغيض باسما في وجوه الجنود، ثم التفت عن يمينه، وطلب من أحد الجنود أن يأخذ ساعته كهدية منه لجندي الجيش قائلا للجندي: "خذها…  خذها يا جندي الجيش خيرا لي أن تأخذها أنت ولا يأخذها أحد الامراء وأعوان الامراء"…
ولما رفض الجندي أن يأخذ ساعة الشمراني معتذرا له بقوله: " لا يمكن أن أرث ساعتك يا حبيب الجيش والشعب فليأخذها غيري"، أقسم الشمراني إلاّ أن يأخذ ساعته جندي الجيش قائلا: " أقسم بشرفي العسكري وبدمي دم الشهادة في سبيل الوطن إلاّ أن تأخذ ساعتي يا جندي الجيش، خذها لتوقت بها ساعة الصفر، ساعة الثورة، فتذكرني بها مع اخوتك الثوار الابرار يوم أن تسيروا حاملين السلاح هاتفين نحو القصور "فليسقط حكم الطغاة" ويوم أن تدوسوا على عروشهم وعلى رقابهم، اذكروني في هذه الساعة، تلك الساعة، فأحمل ساعتي للذكرى يا جندي الجيش…
اذكروني أيها الجندي متمتما باللعنات على أعداء الشعب والجيش، آل سعود، والدموع تنهمر من عيني الجندي.
فقاطعه خدم العرش المحتل طالبين من الشمراني أن يطلب ما يريد قبل موته، فرد البطل قائلا: "لا أطلب إلاّ أن تطلقوا يدي اليمنى لأحيي بها الشعب والجيش تحية عسكرية"، فقال له عبيد الطغيان السعودي: " وما هي وصيتك قبل أن تموت؟".
فرد البطل بشجاعة وبصوت خطابي قوي جهوري مؤمن: "ان وصيتي هي للجنود، وصيتي هي لكم، يا ضباط الجيش الاحرار، ويا صف الضباط، وصيتي هي أن تثوروا، وصيتي هي أن تكملوا الطريق الذي عبّدناه، بدمائنا، أن تنبذوا الانانية، أن تنبذوا الخوف، أن تنبذوا العداوة والتفرقة الاقليمية والقبلية بينكم، وأن تتحدوا وتتحابوا وتتآلفوا وأن يخدم الضابط جنوده ويطيع الجندي الاوامر الشريفة لقادته، وأن تضحوا جميعا من أجل الشعب وان يجند كل فرد في هذا الشعب الكريم نفسه للثورة، للقضاء على جرائم حكم الاحتلال السعودي والعبودية، حكم العار والاستعمار.
أيها الشعب… أيها الجيش. انتقموا من أعدائكم أعداء الوطن"…
ولم تدعه الرشاشات السعودية ليتم خطابه، بل قاطعه وابل الرصاص المنطلق نحو صدره الابي الشجاع، فسقط عبد الرحمن الشمراني ومزق جسمه وقطع رأسه، ولكن هل مات الشمراني ـ يا بغايا آل سعود؟… أبدلا وكلا.
ان جسم الشمراني قد قتل، لكن روحه باقية حية ترزق، يتسلح بها الجنود وتصطرم في قلوب الشعب كله، ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الشعب والحرية وللشعب وثورة الشعب أمواتا بل أحياء يرزقون، وشر الاموات هم أنتم يا آل سعود… أكرر (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون). "قرآن كريم"…

فيصل يرى أنه أحق بالعمالة لامريكا من سعود

منذ الصّغر… وفيصل يحمل مرير الحقد لاخيه سعود، يخفيه حينا ويظهره أحيانا، لشعوره انّه "أحق منه" بكل المناصب والالقاب.. ولاعتقاده أنه "أذكى" من سعود و"أثقف" لانه تربى تربية انكليزية على يد فيلبي وهي، في نظره تربية خاصة لم يحظ بها سود ولا سواه من أفراد العائلة عدا عبد العزيز.. ومما كان يشيعه عن نفسه منذ صغره "أنه يتكلم بسبعة ألسن…
بينما لا يعرف سعود ولا لسان واحد، أي أنه يجيد سبع لغات!… وهذا غير صحيح لكن اشاعة "سبعة الالسن" هذه اشاعة من فيصل نفسه أراد بها أن يقول انّه استعاض عن فارق السن التي هي سبع سنين يكبره فيها سعود بسبع لغات إذ ولد سعود عام 1317 هـ وولد فيصل عام 1324 هـ وكان بهذه "السبعة الالسن" المزعومة لا يخادع إلاّ ولده عبد العزيز الذي لا يجيد اللغة العربية والامي بكل معنى الكلمة، وكان فيصل يقول ان تعين سعود وليا للعهد (ما هي إلاّ إرادة عبد العزيز الذي أراد أن يورث البلاد وشعبها وحكمها لكل أولاده وأحفاده) الذين لا حصر لهم ولا عدد، بالتسلسل كل حسب تقدمه بالسن لتظل جزيرة العرب "سعودية" مدى "الاجيال السعودية" ان صح له ما يريد… ويسكت فيصل على مضض، لكنه لا يترك خطيئة من خطايا سعود إلاّ ويستغلها للوصول إلى سرير الملك… وما أكثر أخطاء سعود وخطاياه وجرائمه التي لا تفوقها سوى جرائم فيصل وآل فهد.. لكنه ماذا يفعل وأمريكا ـ كانت ـ تقف إلى جانب سعود وتدعمه؟.
لابد له اذن أن يثبت بوضوح لامريكا أنه أكثر اخلاصا لها من سعود.. فاتصل بسفراء أمريكا وبرؤساء شركة آرامكو مرارا وتكرارا ليقنعهم أنه أجدى لهم وأبقى لمصالحهم من سعود.. ومع أن الجميع يقرون بصلاحيته إلاّ أن جوابهم له: انّه لم يحن الوقت لازاحة سعود فهو لم يزل صالحا للاستعمال!.
وفي عام 1957 سافر فيصل إلى أمريكا ومكث مدة مبديا للمسؤولين الامريكان تذمره من سعود.
واجتمع بوزير خارجية أمريكا، آنذاك، جون فوستر دالاس… وبالرئيس الامريكي السابق ايزنهاور شاكيا لهما سوء تصرفات سعود، موضحا تخوفه مما ستجره هذه التصرفات على العرش السعودي الذي سيدركه الخطر فيما لو استمر سعود على حالته، وفي ذلك خسران مبين لمصالح الامريكان والعائلة السعودية…
واوضح لهما أنه لا يريد أن يحدث شيئا ما لم تكون أمريكا على علم به ورضا عنه.. وقال فيصل: " انني أقول لكم بصراحة، ان هناك من الامريكان المسؤولين عندنا من يكتب لكم ضدي ويزعم أن سعوداً أكثر اخلاصا لامريكا مني، لكنهم على خطأ، فانني أصدق صديق لامريكا"[4]
وشكا لهما من مستشاري سعود أمثال يوسف يس وجمال الحسيني. ورغم ذلك فان دالاس وايزنهاور لم يعطيا أهمية كبرى لكلامه مع ثقتهما باخلاصه لامريكا… إلاّ أنهما أبلغها بوجوب التعاون مع سعود، وانهما سيبلغان سعودا باعطاء فيصل صلاحيات أكثر من صلاحيات ولي العهد فيتنازل سعود عن رئاسته لمجلس الوزراء ليتولاها فيصل بالإضافة إلى ولاية العهد ووزارة الخارجية ، وحينئذ يصبح اتصاله بالحكومة الامريكية أكثر من ذي قبل… فعاد فيصل مسرورا بالوعود، ومر في طريقه بالقاهرة ومكث بضعة أيام فيها، استأجر جناحا شبرد ليستقبل فيه من يريد استقبالهم ـ من غير الخاصة ـ لمدة ساعة في النهار، بينما هو يقيم متنقلا بين قصوره في طريق المطار وجاردن سيتي، وفي تلك الايام وافق مجيئه انعقاد أول مؤتمر لشعوب آسيا وافريقا بالقاهرة عام 1957.
وكنت أحضر ذلك المؤتمر بصفة غير رسمية حيث أرسلت رئاسة وأمانة سرا لمؤتمر رسالة إلى "الدولة السعودية" تطلب منها إرسال وفد يمثلها في "مؤتمر الشعوب".
وعلى الرغم من كون المؤتمر "مؤتمر شعوب" فقد كانت السعودية أكثر واقعية حينما رفضت ارسال وفد عنها بحجة "أنه لا يوجد شعب ولا ممثلين عنه غير الدولة السعودية"!… لكي تعرف أسباب فشل هذه المؤتمرات المسماة بمؤتمرات الشعوب أعرف من يرأسها…
وكان يرأس ـ أول مؤتمر للشعوب الاسيوية الافريقية ـ أنور السادات وسكرتيره يوسف السباعي!…
وأثناء انعقاد المؤتمر عقد فيصل مؤتمرا صحفيا غايته أن يتبرأ فيه باسم حكومته من هذا الشخص الذي مثل الشعب "السعودي" بهذا المؤتمر … ووجهت مجلة "المصور" لفيصل الاسئلة التالية التي أقحم فيها تعبيره عن "حبه" لامريكا بطريقة غير مناسبة:
س ـ ما سبب رحلة سموكم إلى أمريكا؟…
ج ـ السبب هو أنني أصدق صديق لامريكا لكن الامريكان مع الاسف الشديد لم يقدروا  هذه الصداقة حتّى الآن!.
س ـ وما هو رأي سموك بعدم ارسال "الحكومة السعودية من يمثلها" في مؤتمر الشعوب الآسيوية الافريقية؟ وما رأيكم بالشخص الذي مثل الشعب في المؤتمر؟..
فكان جواب فيصل ما يلي: "نحن ليس لدينا شعب حتّى يمثله أحد… وليس لدينا مثقفين لنرسلهم لحضور مثل هذه المؤتمرات!… وهذا المؤتمر ليس مؤتمر للدول حتّى نقرر الموافقة على حضوره أو عدم الحضور"… الخ… تلك كانت عينة من تفكير فيصل العفن…
وعاد فيصل إلى "المملكة" واستلم الصلاحيات التي وعده بها الامريكان… لكن الملك سعود لم يسمح له بممارستها طويلا، فاستعادها منه وبقيت لفيصل الالقاب والمرتبات الضخمة التي كان يتقاضاها شهريا وقدرها (30 مليون)، عدا قاعدته السنوية التي كانت بضعة ملايين ريال… وعاد فيصل يتحين الفرص "ويقنص" بين حين وآخر معلنا غضبه في الصحراء ضد سعود، وعندما يعود من القنص يتصل بالسفارة الامريكية ليبث السفير الامريكي شكواه من تأخرهم بالابقاء على سعود، فقد ضاق فيصل به ذرعا…
ومرة أخرى، سافر إلى أمريكا شاكيا لها سعود من جديد… ومكث في أمريكا حتّى قامت الوحدة بين مصر وسوريا فتآمر سعود عليها، بمعرفة الامريكان ودعمهم، حسبما قال سعود في رسالته التي بعث بها لعبد الحميد السراج وزير الداخلية السابق في سوريا فكشفها السراج وأذيعت ونشرتها الصحف.
ودفع مبلغ مليوني جنيه استرليني محاولا احباط الوحدة.. وانكشف أمر سعود واهتزت قوائم العرش السعودي، وكاد عرش الامريكان يتحطم بتلك الهزات، وعاد فيصل مدعوما بصلاحيات أمريكية جديدة أقوى لالباسه ثوب "المنقذ مصاص النقمات" ليمتص نقمة العرب عامة وشعب الجزيرة العربية خاصة، تلك النقمة التي عبر عنها أبناء الشعب علانية… ومنها: أن هنات تبرعات شعبية جارية تتولى الاشراف عليها "حكومة آل سعود" فذهب عدد من المواطنين يطالبون باسترجاع ما دفعوه قائلين: "اننا نخشى أن تستعمل المبالغ التي تتسلمها الحكومة منا لمؤامرات أخرى".. الخ… ولان صحف القاهرة وسيلة من وسائل التعبير الرجعي… عرج فيصل على القاهرة ليتقيأ بعض التصريحات…
ونشرت له مجلة "المصور" أيضاً بتاريخ 17/8/1958 تصريحا قال فيه: "يعتقد الامريكان اني عدو لهم مع أنهم لو أدركوا معنى نصحي لهم لعرفوا إني أصدق صديق لهم"، وذهب إلى "مملكته" لتسلم سلطاته التي أرغم الامريكان سعود على الاذعان بها لفيصل كرئيس للوزراء وولي للعهد ووزير للخارجية، وكان أول عمل لفيصل هو إقالة وزراء سعود ليستوزر عددا من أصحابه وشركائه، وحسب خطة مرسومة، أخذ الامريكان في التطبيل والتزمير لفيصل، وهللت الصحف العميلة لما سمته "بالانقلاب الابيض في السعودية"، وذلك دعما للعرش المنهار.. وعقد جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا مؤتمرا صحفيا أعلن فيه بكل صراحة عندما سئل عن رأيه بتولي فيصل لمناصبه قائلا: "انني مطمئن كل الاطمئنان لكل ما حدث في السعودية، فنحن قد تفاهمنا مع الامير فيصل على ذلك عندما كان في أمريكا" واستمر لمدة ثمانية أشهر لم يتمكن خلالها من السيطرة على مقاليد الأمور كما ينبغي….

التحالف الفيصلي ـ الفهدي

هنالك بدأ تحالفه مع اخوته "الاشقاء السبعة" الذين عرفوا باسم آل فهد، للتخلص من سعود، لكنهم رأوا أنه لا يمكن لهم التخلص من سعود قبل التخلص من قادة حرسه ومستشاريه: إما بالمساومة، وإما بالتهديد واما بالاغتيال، وكان من أهم هؤلاء:
العقيد محمد الذيب قائد الحرس الخاص للملك الذي رفض قبل سنة من اغتياله التقرب من آل فيصل وآل فهد فوجدوها فرصة للتخلص منه حينما سافر الملك سعود إلى بادن بادن عام 1957 ، فسمموه وقالوا انّه أصيب بالسكتة القلبية… وأعادوه جثة هامدة من ألمانيا إلى بلده وهذا الضابط كان يشكل تنظيما ثوريا وكان من مجموعة الشهيد النقيب عبد الرحمن الشمراني.. فأحس الملك سعود بتحركات آل فهد وفيصل، من ناحية، وبعزلته الشعبية والعربية بعد فضحه بتمويل مؤامرة عدم اتمام الوحدة بين مصر وسوريا من ناحية أخرى، فبدأ سعود بالتحرك نحو مصر….
طالبا أن يسمح له بالمجئ لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر والاعتذار له عما حدث!!.. فسمح له بالمجئ "والمسامح كريم يابيه!"، فجاء إلى القاهرة واعتذر وقبل الرئيس اعتذاره… واعلمت "بعدم التحرك ضد السعودية" والاسباب هي ذاتها المتكررة دائما "من أجل المصلحة العامة وقضية فلسطين!!" وعاد سعود إلى "مملكته" قويا ـ وكأن شيئا لم يكن ـ رافعا عقيرته ـ بمصالحة القاهرة ـ مستغلا زيارته للقاهرة.. وبذلك استعاد مناصبه من فيصل وعزل كل من استوزرهم فيصل ليستوزر غيرهم من أصحابه وشركائه،وبتحريك غير مباشر من فيصل وآل فهد، ولتحطيم سعود من جديد، عاد سعود يتآمر على الوحدة بين مصر وسوريا، ودفع ستين مليون ليرة سورية للانفصاليين، كما مول الملك حسين وإلباس مجموعة من الجيش الاردني لباس الهجانة السوريين ليقودهم حيدر الكزبري في ضرب الوحدة وجعل من الاردن همزة وصل بين المتآمرين والسعودية ولما تحطمت الوحدة، كان سعود أول من أعلن تأييده للانفصال، وتبعه ملك الاردن حسين.
وكانت لنا فرصة الافادة من الظروف حسب المستطاع فافتتحت اذاعة "صوت الامة العربية" من القاهرة، ثم برنامج "أعداء الله" لنكشف بجرائم عرشهم.. وما هي إلاّ ثلاثة أشهر من فتح الاذاعة حتّى اجتمع فيصل مع عدد من الامراء وهددوا سعودا بالقتل إذا لم يسافر، وقالوا: اننا نفتح لك طريق الهرب بأن نضعك على حمالة المرض داخل سيارة الاسعاف لتأخذك إلى مستشفى آرامكو بالظهران، ومنه تغادر إلى أوروبا بحجة علاج معدتك، ونعلن في نشرة طبية أن معدتك تقطر دما وان سفرك كان ضرورة لابد منها ولا مفر لك الآن من التنازل عن كل سلطاتك للإمير فيصل حتّى لا تكون سببا في تحطيم عرشنا بتصرفاتك الهوجاء… ففعل سعود ما أمر به مرغما عليه.. موقعا على ورقة بها كل ما يريده فيصل… وسافر إلى مستشفى الظهران منقولا على الحمالة من المستشفى حاول أن يتصل بالامريكان لاقناعهم بالاقلاع عن فكرة تمارضه، لكنهم نصحوه بالامتثال للاوامر والسفر إلى بادن بادن وما ذلك إلاّ لعلمهم ببواطن الأمور!.
وبذلك استولى فيصل على كل السلطات وأقال وزراء سعود ليستوزر أصحابه وشركاه… ولم يصبر سعود أكثر من أربعة أشهر حتّى عاد واستولى على كل الصلاحيات من فيصل مرة أخرى، ولكنهما بقيا هذه المرة يلعبان لعبة "شد الحبل" لا فيصل يستطيع إزاحة سعود، ولا سعود يستطيع إزاحة فيصل ووزراء فيصل ليستوزر أصحابه وشركاه، حيث أن فيصلا قد ركز نفسه أكثر من السابق، إلى أن قامت ثورة اليمن عام 1962 فقاومها فيصل وآل فهد بتخطيط من المخابرات الامريكية، ثم ألبسوا تهمتها سعودا ليجعلوا منه عجل الفداء… فأخذوا ـ باسم سعود ـ بادئ الامر يرسلون المتسللين من قبائل الاردن وسوريا والسعودية إلى اليمن… حتّى أنهم أرسلوا ذات مرة ستة آلاف متسلل لمقاومة الثورة، ولما وصل المتسللون إلى حرض وجدوا  أنفسهم في ورطة ما بعدها ورطة، لجهلهم أولا بالارض، وثانيا لكونهم أضعف من أن يقاوموا من هم أقوى منهم قوة وبأسا وايمانا بشعبهم وأرضهم وجمهوريتهم، فانتهوا عن آخرهم إلى غير رجعة… وكان العرش السعودي يأمر بدفن الجنائز جماعات بالآلاف من حفائر جماعية دون علم ذويهم..
ومن ذلك بدأ سعود ينهار وبدأ فيصل يستغل انهيار سعود ليوالي ـ وآل فهد ـ ضرباتهم على رأس أخيهم سعود، وكان فيصل وآل فهد على صلة متواصلة بالسفير الامريكي في جدة الذي أبلغهم "أن جون كندي (الرئيس الامريكي الاسبق) ما زال يتحفظ على تسلمكم زمام الحكم نظرا لكونكم لا تؤمنون بأي نوع من أنواع الديمقراطية التي تجعل أمريكا لا تخجل أمام العالم من دعمكم"، فرأى الفيصل"أن يخطف رجله" إلى أمريكا ليقابل الرئيس جون كندي.
وهناك في واشنطن شرح لكندي كل الأمور وطلب منه دعمه ضد سعود، حاولا أن يظهر لكندي بمظهر "الديمقراطي.
والمنقذ الدائم للعرش ومصالح الامريكان". فعرض عدة نقاط على كندي كبرنامج عمل يسير عليه وينال به رضى كندي لادركه أن كندي يرى أنه لابد من الاصلاح الوضع المتدهور لانقاذ العرش وامتصاص نقمة وسقط الشعب والعرب أجمعين على العائلة السعودية كلها وذلك بتزييف شعارات الديمقراطية والحرية والاصلاح!.
ومن النقاط التي تفاهم عليها فيصل وكندي ما يلي: (توسيع مجلس الشورى السعودي الحالي بتعيين عدد من أنصار العرش والامريكان والامراء فيه، عند الضرورة، وانشاء دستور يتمشى مع طبيعة الحكم، وتقوية جهاز المخابرات، وانشاء شبكة اعلامية قوية اذاعية وتلفزيونية وصحفية، واجراء اصلاحات في الداخل، والسماح ببيع واذاعة الاغاني العاطفية والدعائية، والتخفيف من غلواء رجال الدين واستبدادهم، والاستمرار بمقاومة ثورة اليمن لا بواسطة متسللين أغراب عن اليمن هذه المرة وانما بواسطة يمنيين من داخل اليمن، وتكوين قوة من هؤلاء تعسكر في حدود اليمن الشمالية مع الاستمرار بالاتصال بشيوخ القبائل اليمنية لاغرائهم بمقاومة الوضع الجمهوري، على أن تعلن أمريكا حمايتها لنا واستعدادها للدفاع عنا في أي ظرف من الظروف، لنزداد بذلك حصانة ضد أعدائنا… ولابد من ارسال قوات جوية وبحرية أمريكية إلى موانئ السعودية وأجوائها لترسي وتحلق باستمرار وذلك لتدعيم ثقة السعودية بأمريكا ضد التحدي الذي نواجهه من مصر واليمن). الخ.. وكنت قد أنشأت هذه الاذاعات بالسم "صوت الامة العربية" ثم "أعداء الله" من القاهرة، ثم "أولياء الشيطان" من صنعاء الثورة…
وعلى هذا الاتفاق السابق ذكره عاد فيصل من أمريكا، بعد أن اعتمر بالبيت الابيض، وكان السفير الامريكي يبعث من جدة وشركة آرامكو من الظهران بالتقارير إلى أمريكا لتثبت صلاحية فيصل أكثر من سعود.
ومن ذلك الحين أخذ جون كندي يجاهل سعوداً تماما.. واعترفت أمريكا بثورة اليمن لتغطية مواقفها العدوانية في دعم السعودية ضد ثورة اليمن، ولتصبح بذلك الاعتراف قريبة من تحريك المؤامرات ضد الثورة اليمنية من كل الجهات.. وكنت بعد ذلك الاعتراف لدى الرئيس عبد الله السلال رئيس الجمهورية اليمنية وقائد الثورة: حينما دخل عليه رئيس وزراء اليمن

 
السابق الدكتور عبد الرحمن البيضاني[5] وأبلغه أن القائم بأعمال السفارة الامريكية باليمن قال له بالحرف: "اننا سوف نطرد الملك سعود ونعين لكم فيصلا ملكا مكانه"!.
كذا.. فرد السلال عليه بقوله :فيصل أسوأ من سعود!.".

فيصل يضع جزيرة العرب تحت الوصاية الامريكية

وفي 8/1/ 1963 أذيع في أمريكا نص الخطابين المتبادلين بين كندي وفيصل عن الاتفاق الذي تم بينهما في واشنطن، ومعناه بكل وضوح أن فيصل وضع "جزيرة العرب" تحت وصاية أمريكا، وان أمريكا قررت تأييد فيصل "لكونه قادر على امتصاص الثورات العربية" وفي القوت نفسه خلعت أمريكا الملك سعود من العرش. بينما هو لم يزل على عرشه!…
ان خطاب كندي ليس فيه كلمة واحدة عن الملك سعود بل انها أول مرة يتحدث فيها رئيس جمهورية إلى رئيس الوزراء متجاهلا الملك وهو ما زال على العرش!!.
وهذا دليل على أن الولايات المتحدة أعتبرت أن الملك سعود قد انتهى.
وهو لا زال ملكا رسميا!.. وفي هذا الخطاب يفسر بوضوح السبب الحقيقي في خروج سعود ونفيه، فقد وصلت رسالة الرئيس كندي إلى الامير فيصل في يوم 8 نوفمبر سنة 1962 ، وفيها يعلن كندي صراحة (مبايعة فيصل) مما اضطر سعود في نفس اليوم (8 نوفمبر) أن يتنازل عن جميع سلطات الملك المدنية والعسكرية للإمير فيصل، إلاّ أنه ظل ملكا وقائدا أعلى للقوات المسلحة!.
ولم يكتف فيصل بهذا، بل ان الرئيس كندي أشار في خطابه صراحة إلى "المؤامرات الداخلية ضد فيصل"، ومنها مؤامرات سعود التي شكا منها فيصل عندما اجتمع بكندي في البيت الابيض، ولهذا أرغم السفير الامريكي سعودا على مغادرة البلاد فغادرها يوم 3 ديسمبر، أي بعد خطاب كندي بثلاثة أسابيع!.
وهذا هو النص الرسمي للخطابين الخطيرين المتبادلين:

خطاب الرئيس الامريكي جون كندي لخلع الملك سعود

صاحب السمو الملكي الامير فيصل:
في الوقت الذي تنهضون فيه سموكم بالمسؤوليات الجديدة والمهمة، لدى عودتكم إلى البلاد العربية السعودية، أرغب في أن أستذكر زيارتكم للبيت الابيض في 5 اكتوبر، ولقد ذكرت لكم حين ذلك، وأود أن أكرر الان، أن البلاد العربية السعودية تستطيع أن تعتمد على حماية وصداقة الولايات المتحدة وتعاونها في تصريف المهام العديدة التي تمثل أمام قيادتكم في الايام المقبلة، إن للولايات المتحدة إهتماما عميقا ومقيما باستقرار البلاد العربية السعودية وتقدمها، وانني واثق من أن البلاد العربية السعودية بقيادتكم الحازمة والحكيمة، ستمضي قدما وبنجاح في جادة التطوير العصري والاصلاح، اللذين تفاهمنا عليهما وعبرتم لي عن رغبتكم فيهما، رغبة واضحة أيما وضوح، وباتباعكم هذا السبيل أقول لكم أن تكونوا على ثقة من حماية ومؤازرة الولايات المتحدة التي اتفقنا عليها، مؤازرة كلية، في الحفاظ على سلامة كيان المملكة العربية السعودية.
انني على تمام العلم بأنكم كي تبلغوا أهدافكم ينبغي أن يتوافر لكم الهدوء الذي لا  غنى عنه "!" والذي يتمثل في جو خال من المؤامرات والتحريضات الاعلامية والثورية من الداخل أو الخارج.
وانني أشارككم قلقكم من أجواء التوتر المخيمة على المنطقة والتي تعرقل خططكم لتقوية الجهاز الحكومي والكيان الاجتماعي للبلاد العربية السعودية.
وكما أبلغتكم في واشنطون، فان الولايات المتحدة راغبة في أن تكون ذات عون على ايجاد وسائل لتخفيف هذا التوتر ولحل قضية اليمن وقضية فلسطين حلا يرضيكم ويرضينا ويرضي بقية الاطراف المعتدلة.
والذي أراه لبلدينا في المستقبل ليس هو مجرد الاستمرار في العلاقات الودية التي بدأت، تلك البداية الخيرة في عهد والدكم المجيد، جلالة الملك الراحل عبد العزيز، بل انني أترقب أنفساح فصل من العلاقات السعودية الامريكية، تكون فيه العروة التي تربط بيننا ولا تنفصم، من تعهد كل منا مصالح الآخر تعهدا مستمرا، مطبقة تطبيقا وثيقا لولائنا المشترك، بما للإنسان من حقوق راسخة في تحقيق الذات والتقدم والحرية.
انني أتمنى لكم اعتباراتي الشخصية، كما أرجو الله أن يحفظكم ويحفظ الشعب السعودي من القلاقل وأن يمنحكم السلام من لدنه. [6]
التوقيع
جون. ف. كندي

المنصوب الامريكي "فيصل يرد….

وفيما يلي رد المنصوب" الامريكي فيصل "الملك العيّن" على رسالة الرئيس الامريكي:
فخامة الرئيس جون كندي، رئيس الولايات المتحدة الامريكية ـ واشنطون.
فخامة الرئيس .. أولا ـ تلقينا نص الرسالة البرقية التي تفضلتم بتوجيهها الي، والتي قدم نصها سعادة سفيركم بجدة بتاريخ 8/11/1963.
ثانياـ ان فخامتكم قد أعدتم إلى الاذهان في هذه الرسالة، الزيارة التي كان لي شرف القيام بها للبيت الابيض يوم 5/10/1962، ذكرتم لي أثناها وأثبتم ذلك من جديد في رسالتكم الاخيرة (المملكة العربية السعودية تستطيع الاعتماد على حماية وصداقة الولايات المتحدة في اضطلاعها بمختلف الاعباء التي ستواجهها في المقبل من الايام.
ذلك بأن الولايات المتحدة تحرص على أن يسود الاستقرار في المنطقة وفي أنحاء البلاد العربية السعودية لما في ذلك من مصلحة للطرفين).
ثالثا ـ ولقد تفضلتم بالاعراب عن ثقتكم بأن الحكومة التي أرأسها تمضي قدما في الاخذ بالنظم العصرية والاصلاحات التي هي ضالتنا المنشودة … واننا في سيرنا نحو هذه الاهداف نستطيع الاعتماد على مؤازرة الولايات المتحدة في الحفاظ على سلامة كيان المملكة العربية السعودية .
رابعا ـ ثم ابنتم فخامتكم أن بلوغ هذه الاهداف يقتضي إشاعة جو من الهدوء والطمأنينة لا تعكر صفوه حملات اعلامية مثيرة معادية أو أتهامات واستفزازات في الداخل والخارج[7].
وأشرتم انكم تؤازرون كل الخطوات التي تقوم بها للسير في مجتمعنا إلى مدارج التقدم.
ثم أشرتم إلى ما صرحتم لي فخامتكم به أثناء اجتماعنا بواشنطون من أن الولايات المتحدة راغبة في تخفيف هذا التوتر.
خامسا ـ ولقد عبرتم فخامتكم عما يخالجها من استمرار العلاقات الودية بين بلدينا فعلا، تلك العلاقات التي بدأت بداية مثمرة في عهد المغفور له والدنا الملك عبد العزيز، بل ومن افتتاح عهد جديد في العلاقات الامريكية السعودية لكي تكون الرابطة التي تربط بين بلدينا قائمة على تعهد كل منا لمصالحه تعهدا مستمرا على أساس ما يبني الإنسان من حقوق أكيدة بما يحقق قابليته للتطور والحرية.
سادسا ـ فاني أبادر بالاعراب لفخامتكم عن شكري العميق على ما تضمنته هذه الرسالة من النوايا الصادقة نحو بلادي ومن تمنيات طيبة، وعلى ما تفضلتم بابدائه نحو شخصي من عبارات كريمة أود أن أعيد إلى ذاكرتكم أن تعهد وتوطيد علاقات المودة والتعاون بين الولايات المتحدة وهذه البلاد منذ أن أرسى والغي أساسه وما يزال محل اهتمامنا وعنايتنا.
ولقد كان من دواعي سروري أن تؤكدوا عزمكم، في رسالتكم لي، على توطيد هذه العلاقات وزيادتها توثقا ورسوخا.. ونحن من جانبنا لا ندخر أي جهد في سبيل اقامة العلاقات على أساس من الادراك الواعي للمصالح الحقيقية لكل من البلدين وخيرهما المشترك.
ومن أجل هذه الغاية ستمضي حكومتي نحو توثيق علاقات الصداقة والمودة التقليدية نحو زيادة وتنمية أسباب التعاون المثمر في كافة الميادين بين البلدين.
والمؤامرات والمشاحنات لا تؤثر في تقريرها غير بعثرة الجهود البناءة ومكافحة التخلف ورفع مستوى السكان  واستغلال كافة طاقاتهم "!".
ولكن تجتمع اليوم أصبح وثيق الترابط وقد زالت حدوده ولذلك سنلجأ لمعونة الدول الصديقة لامدادها بثرواتها وامدادنا بماضي تجاربها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية لكي لا يعوقنا عن المضي في هذه السياسة الاصلاحية الكاملة أية عقبات بالغة.
ومن العوامل التي تضطرنا إلى تكريس قدر كبير من جهودنا ومواردنا للدفاع عن كياننا ضد ما يوجه الينا… وكل امكانياتنا وطاقتنا للعمل الانشائي البناء…
وفي الختام أكرر لفخامتكم شكري على رسالتكم وعلى ما تضمنته من عبارات وتمنيات طيبة لخير بلدينا وللإنسانية جمعاء وأنتهز هذه الفرصة لإجدد الاعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من صحة وهناء، ولمستقبل علاقات بلدينا من نمو مثمر وازدهار بناء.

بيان من الخارجية الامريكية

وقد أعلنت وزارة الخارجية الامريكية (أن علاقة أمريكا بالسعودية أصبحت علاقة ودية وثيقة.
وبموجب معاهدة الحماية ستقوم الوحدات البحرية الامريكية بزيارة الموانئ السعودية في فترات متقاربة).. وبعد…
بعد هذا الاعلان الامريكي لحماية العرش الذي باع بلادنا.. تولى السفير الامريكي ترحيل سعود من البلاد إلى أوروبا يوم 3 ديسمبر سنة 1962، لكن سعود لم يمكث أكثر من شهر حتّى عاد فجأة إلى الرياض دون اذن من أمريكا وفيصل، وأخذ ينفق الذهب والريالات بلا حساب، وأمر أولاده وعبيده، أن يوزعوا المنشورات ضد فيصل وأنصاره ويرحبوا فيها بسعود وعودته، وأن يقيموا له الزينات وأقواس النصر ويكتبوا عليها عبارات باسم الشعب (ان الشعب يرحب بك يا سعود!… ولا يقبل سواك ملكا!) فأمر فيصل وزير داخليته وأخاه وشريكه الامير فهد بن عبد العزيز بتحطيم تلك الزينات والاقواس والعبارات وضرب كل من يجدونه يقوم بوضع الزينات من أولاد سعود في الشوارع بأقدامهم.
فألقوا القبض على خالد بن سعود وبطحوه أرضا وجلدوه من قدميه… وكان سعود يعد العدة للإستيلاء على الاذاعة واعلان بيانه بخلع فيصل والاستيلاء على كل سلطاته وطرد وزرائه وأعوانه… لكن فيصل وآل فهد تمكنوا من تشديد الحراسة على الاذاعة واحباط مخططات سعود….
واشتد الصراع بين سعود وفيصل وآل فهد إلى الحد الذي أخذ كل منهم يحشد قواته ضد الآخر، فوضعت المتاريس في الشوارع حول القصور وأخذ سعود يوزع السلاح والدراهم لمن يظن أنهم أنصاره… لكن من يعطيهم السلاح والدراهم يذهبون بها ولا يعودون بما فيهم أولاده.. لكن من يعطيهم السلاح والدراهم يذهبون بها ولا يعودون بما فيهم أولاده… فاستنجد بعدد من القبائل ضد فيصل، فرد عليه أحد الشيوخ الذين استنجد بهم، وهو ماجد بن خثيلة من شيوخ مطير، قائلا: " نحن لا نذكر منكم إلاّ المصائب.
ولا تلتفتوا لنا إلاّ عند حاجتكم الينا وخاصة وقت القتال… صحيح أننا نحن الذين أقمنا لكم هذا الحكم بعد الانكليز طبعا، إلاّ أن ما يحدث الآن لا يعدو عن كونه خلاف بينك وبين اخوتك وليس لنا علاقة بكم سواء صلحتم أم قتل بعضكم بعضا"! هنالك كشف ماجد بن خثيلة عن ساقه ليريها سعود قائلا: "هذه آثار رصاصكم في معركة السبلة لا زالت وسوما فينا"!.
ولو لم يكن سعود في ساعة انهيار لما سكت بالطبع على هذا القول!.

مؤتمر القمة جزء من المؤامرة

وفي تلك الآونة العصبية بين الطرفين والذي يقف فيها شعبنا موقف المتربص الفرح "المتفرج " على نهاية أحد الطرفين أو كلاهما أو جميع العائلة العدوة، وجه السيد الرئيس جمال عبد الناصر دعوته إلى عقد مؤتمر للقمة… بناء على اتصالات سعودية… ووساطات دفعوا فيها مبلغ مليون جنيه استرليني لمحمد محجوب الرئيس الاسبق لوزراء السودان ليستغل علاقته مع مصر فيتوسط!.
فكانت فرصة لسعود أن يتجه للقاهرة لعلله بذلك يستطيع أن "يبيّض" تاريخه فيعود قويا كما عاد في المرات السابقة ويعيد سيطرته عندما يوافق على "حل" قضية اليمن وفلسطين ومجرى نهر الاردن!.
والخ… لكنه عاد ولم يفعل شيئا رغم تغزله عندما قابل جمال بما تغزل به قيس بليلى:
فقد يجمع الله الشتيتين بعدما              يظنان كل الظن ألاّ تلاقيا
ولان أمريكا كانت قد يسرت الأمور لصالح فيصل، والامريكان قد أعلنوا تنصيب فيصل وخلع سعود… وبعد مدة قصيرة من عودة سعود من مؤتمر القمة في القاهرة، جمع فيصل عددا من الامراء ورجال الفتاوى السعودية الذين كانوا إلى وقت قريب يدعمون سعود، فقبلهم بزيادة الاموال التي بذلها لهم فيصل وآل فهد ضد سعود عندما أحسوا بنهاية سعود ورضاء الامريكان عن عهد فيصل… فاجتمعوا جميعا في قصر الامير محمد "عليشة" الذي لا يبعد كثيرا عن قصر "الناصرية" قصر سعود بالرياض، فرآها سعود فرصة لا تفوّت لقتلهم جميعا… فجمع الحرس الملكي… وكان تعداد الحرس الملكي ما يقارب الستة آلاف وهو من حيث قوة السلاح أقوى من الجيش السعودي وأكثر عددا..
فأصدر أمره، وكان لا زال ملكا ـ اسميا ـ وقائدا أعلى للقوات المسلحة… أصدر أمره إلى قائد الحرس العقيد عثمان الحميد بالتوجه بقواته حالا لدك القصر على المجتمعين فيه وابادتهم جميعا وبلا استثناء ولا رحمه … وكانت فرصة لا تعوض ولا تسنح أبدا كل حين.. سعود، القائد الاعلى للقوات المسلحة؟ الذي كان لا يزال ملكا "رسميا" للبلاد يصدر أمره خطيا إلى قائد حرسه بقتل كل الرؤوس ـ الواجب قتلها ـ من اخوانه ورجال الفتاوى… يالها من فرصة ثمينة لا تعوّض لو وجدت من يستفيد منها… لكنها بحاجة إلى رجال لا أشباه رجال.. والرجال بالطبع هم خلاف عثمان الحميد ربيب القصور وتربيتها وخادم طغاتها ومواليدها… كان بامكانه ـ لو كان ثائرا آخرا مكانه ـ أن يأخذ الامر الملكي ويذهب بقوته ليطحن بها القصر ويذروه بمن فيه هباءاً منبثا… بل بإمكانه أن يصطادهم فردا فردا من قصورهم حتّى لو لم يجمعهم قصر واحد لانه يستند إلى قوتين، قوة الامر الملكي بقطع رقاب الامراء وتجار الدين وقوة الحرس الملكي، وقوة الشعب المؤيد…
وكان نجاح الثورة مضمون (95 بالمائة) واحتمالات فشلها (5 بالمائة ضعيف) والفشل غير مضمون!.
فان نجح، ونجاحه مضمون، فبامكانه أن يعود إلى الملك سعود وينهيه برصاصة واحدة أو مائة ألف رصاصة أو أكثر ويذيع بيانات (جمهورية الجزيرة العربية) ويرفع رايتها، راية العرب والانسانية، جمعاء، أما ان فشل فليكن عذره أنه جندي خدم أمته ودخل التاريخ من أسمى أبوابه لا من أسفل مواخير القصور.
لكن عثمان الحميد أخذ الامر الملكي ـ الخطي ـ من سعود وتوجه به فورا إلى فيصل ليسلم نفسه له ويسلمه الامر، فسعود بالنسبة لعثمان الحميد قد انتهى، لكن دور عثمان الحميد في الخيانة لم ينته… ولكيلا يعصي أمر سعود فيفصله أو يقتله، سلم نفسه إلى فيصل ليستمر في خدمة القصور فهو لم يخلق إلاّ لها، فشكره فيصل، وأسرع بحل الحرس الملكي فورا ونقل أفراده فيما بعد إلى الحرس الوطني الذي يرأسه أخوه عبد الله بن عبد العزيز المتعاون مع فيصل[8]، ثم أمر بنقل عثمان إلى المدينة "المنورة" حتّى لا يثير شبهات حوله أو يسبب له حرجا أو خطرا قد يحدث له… وبعد شهرين فقط أعاده فيصل وآل فهد ليصبح مديرا لمكتب وزير الدفاع في الرياض، لانهم لا يجدون من يأتمنونه على أسرار فضائحهم سواه وأمثاله ومن ثم أصبح رئيسا لاركان الجيش "المسعدن"..
وفي يوم 27/6/1383 هـ ـ 12/11/1964 أعلن أن 64 أميرا سعوديا ومجموعة من رجال الفتاوى السعودية قد بايعوا فيصل ملكا "للبلاد" وأيضاً "اماما للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها"!…
أي والله … صدرت الفتوى هكذا!. ولا نعلم لماذا بايعوه.. اماما للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!. فمغاربها الامريكية والاوربية "امامته" عليها محتملة!.
أما مشارقها فهي شيوعية لا تعجبه!!
وبعد ذلك طوقوا قصر سعود وأرغموه على "التنازل لفيصل عن الملك وكل شئ"!… وهنا أخرجوا سعودا وسمحوا له بأخذ 45 من نسائه فقط، و40 من الحاشية والخدم والاولاد "لاعانته عليهن" بشرط أن يسافر بهم إلى أوروبا، وسيجري له مرتبه الاساسي.
وكان مرتبه الذي أقره له اخوته "المنقلبون" 17 مليون دولار شهريا "بدون غلاء معيشة"! وهو مبلغ قد يصرفه الملك وولي العهد في أسبوع!…
واشترطوا قطعه عنه في حال سفره إلى أي بلد عربي! وما أن مرّ بمطار بيروت حتّى هرب العديد من حريمه، وهرب ما تبقى منهن في اليونان ولم يبق معه سوى أم "مقرن" وهي التي سبق لها أن تسببت بخصي اثنين من عمال البناء السوريين من دير عطية حينما كانا يعملان في قصرها بعد أن ـ نكحتها ـ ومعها أم شقران، فافتضح الامر وعاقب الملك العاملين بقطع خصية من كل واحد، أما أم مقرن وأم شقران فقد اكتفى بتقصير شعرهما الطويل الذي اعتبره سبب الاغراء!… أما "قطقوطة" البالغة من العمر 14 سنة، فقد هربت من الملك سعود مع أحد الشباب اليونانيين حالما وصل الملك إلى منفاه الأول في أثينا، وكانت من أصل لبناني أهداها إليه الرئيس الأسبق كميل شمعون "رئيس حزب الاحرار" ويوم أن أهداها كان عمرها لا يتجاوز سن الثامنة، فتربت في أحضان سعود وأولاده..!… هذه فقط هي التي بكاها سعود بمرارة وقال: "انني ما بكيت على ضياع مملكتي مثلما بكيت على ضياع قطقوطتي الصغيرة"…
ولم يحتمل البقاء بعدها في اليونان فاتصل بعدد من سفارت الاقطار العربية وخاصة ـ سوريا ـ لبنان ـ العراق "للانتقال إليها والنضال منها ضد فيصل وآل فهد والامريكان" لكنهم رفضوا، وكان أبعد ما يفكر فيه هو أن تقبله القاهرة في عهد جمال عبد الناصر الذي تآمر عليه مرارا، لكن جمال وافق، وقالها سعود قبل أن يقولها لسان حال جمال: "لقد تآمر عليّ فيصل وآل فهد وبعض اخوتي متعاونين مع الامريكان ضدي وأبعدوني فقبلني جمال عبد الناصر الذي كنت خصمه"!…
وكان الملك سعود ـ وهو يردد ما قاله من "نقد ذاتي" بعد فوات الاوان ـ يذكر أدواره وعائلته ضد وحدة عام 1958 بين مصر وسوريا وكيف لعب وزوجته أم خالد، وابنها خالد، وأخواها، الذين اتصلوا بالنائب السوري عزيز عبّاد ـ بصفة أم خالد منهوبة من منطقته ـ ودفع له الملك ـ 11 ـ شيكا بمبلغ مليوني جنيه استرليني ـ 20 مليون ليرة سورية وقتها ـ وحمله الملك عددا من الرسائل لوزير الداخلية رئيس المخابرات عبد الحميد السراج بعد أن ظن أنه "طبّقه" يطلب منه فيها طلبات كثيرة ومتنوعة لكنها متشابهة تنصب كلها حول ثلاثة مطالب معينة، وقد نشرت واحدة منها في مكان آخر، وفيما يلي ما ورد في الرسالة المشابهة الثانية:
1 ـ عدم قيام الوحدة بين سوريا ومصر بأي شكل لكونها وحدة "وسخة" على حد تعبيره…
2 ـ تسلم ناصر السعيد، فهذا الشخص متآمر ضدنا وقام بعدد من المؤامرات في المملكة، ولا تنسوا أن تسلمونا أوراقه معه لانها أوراق مهمة"!".
3 ـ اغتيال جمال عبد الناصر، بإرسال طائرة من سلاح الجو السوري لضرب طائرته القادمة من القاهرة أثناء قدومه لإعلان الوحدة في دمشق وبعد اسقاط الطائرة تتهم إسرائيل بضربها ويعلن من الاذاعة أن طائرة اسرائيلية تصدت لطائرة جمال فأسقطتها وانا لله وإنا إليه راجعون .. "!"
لكن السراج كشف المؤامرة، وكان دور عزيز عباد وطنيا في لعبة دور الوسيط لكشفها، وقد نشرنا كافة الوثائق في كتاب مؤامرات آل سعود "مؤامرة سعود أم خالد"… وفي يوم 21 فبراير 1958 ـ أعلن جمال عبد الناصر قيام الوحدة من دمشق، واستدعاني لمقابلته، وقابلته في قصر الضيافة، وحرص بعد هذه المؤامرة للعمل ضد هذه الاسرة السعودية الفاسدة…
المهم: عاد الملك المخلوع سعود إلى القاهرة من منفاه في اليونان ـ بعد كل هذه المؤامرات ـ وسمح له بالقاء خطابات من اذاعة "صوت العرب" من غير برنامجنا "أعداء الله" وكان يوجه كلامه "إلى شعبه العزيز" ويكشف فيها "دور فيصل وآل فهد والامريكان في التعاون ضد البلاد" الخ… لكن عمر… توجيهات "طويل العمر" كان قصيرا…
إذ اوقفوا توجيهاتنا المذاعة ـ مع بدء مؤامرات مؤتمرات القمة ـ حيث لم يترك فيصل وآل فهد ـ ابن حرام ـ في الوطن العربي إلاّ ووسطوه لايقاف اذاعتنا المثيرة التي خلقت وعيا لا نظير له من 1961 ـ 1964 ، ونجحت مؤتمرات "الخمّة" في تثبيط الوعي فيما فشلت لعبة من أطلقوا على أنفسهم "الامراء الاهرار"… ومن الطبيعي أن لا يتركوا حتّى صوت الملك سعود المبحوح ينادي "شعبه العزيز!" الذي لم يبق له في أرضه موطئ قدم.

آل فهد وفيصل يغتالون أخاهم سعود

فخرج "الملك" سعود غاضبا من القاهرة وعاد إلى اليونان في 17/ 12/ 1968 وهناك استأجر 60 غرفة في فندق كافورين، على شاطئ البحر، ومنذ اليوم الذي وصل فيه بدأ تحرّك فيصل وآل فهد للتخلص من أخيهم سعود، وكانوا قد أحاطوه بعدد من جواسيسهم الذين زعموا أنهم من أتباعه…
ومن بين هؤلاء "مملوكه" بالعبد ـ الوحيد ـ الذي سمحوا له بالسفر معه من عبيد ويدعى هذا البعد "مبيريك" تصغيرا لكلمة "مبارك" وكان مسروقا من السودان.. فسلموه كمية لا تزيد من خمس نقط بالقطارة من سم "الاكونتين" ـ وهو نفس السم الذي أعجبتهم سرعته في قتل أخيهم سعود به ـ فدسوه لعبد الناصر بواسطة حسن التهامي والسادات…

هكذا "سمم" آل فهد وفيصل أخاهم سعود بشهاد الطبيب

يوم أن أقدم العبد مبيريك بوضع هذه القطرات السامة السريعة في كأس من عصير التفاح ناوله "العبد" لسيده قبل الغداء…
وعلى وجه التحديد في الساعة الثانية والنصف من يوم الاحد 23/2/1969 وحدثت الوفاة في الساعة الرابعة و20 دقيقة وهكذا ترون ـ أن آل فهد وفيصل لم يمهلوا أخاهم سعود بعد عودته لليونان، بتأثير جواسيسهم الذين كانوا معه مفتعلا الزّعل علما أن القاهرة لم تخرجه، لم يمهله آل فهد أكثر من ثلاثة أشهر بعد وصوله لليونان التي وصلها كما ذكرنا يوم 17/12/1968 وبشهادة طبيبه النمساوي الدكتور جورج هولمز ـ الذي استعان بالطبيب اليوناني البروفسور فاسيليوس ملاموس، أكد الطبيبان من تحليل أظافر الملك سعود وخصلة من شعر رأسه ودمه أيضاً "أن الوفاة حصلت من مادة سامة شديدة السميّة ويرجح أنها من نوع يدعى الاكونتين" … ولما حاول البروفسور تشريحه تدخلت السفارة السعودية وقالت "ان التشريح يحرمه الدين"!َ! "دين السعودية" طبعا…
وفي عشية ذلك اليوم نفسه أي بعد ساعة من وفاة سعود، توجه الامير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع ـ شقيق آل فهد ـ الوالغون بدم أخيهم، وأشرف على الاجراءات بنفسه واصر على نقل جثته إلى الرياض، وصرح سلطان "ان وفات الملك سعود حدثت نتيجة نوبة قلبية"!…
بينما صرح بعض أولاد سعود الذين معه لوكالات الانباء (ان الملك سعود قد قضى فترة الصباح وهو يتمشى أمام الفندق ويتحدث إلى بعض أولاده وأحفاده وانه لم يشكو من شئ إلاّ بعد أن شرب العصير الذي قدمه له العبد مبيريك إذ شعر بشئ من الضعف لكنه طلب احضار الغداء فتغدى، وبعده بدأت قواه تنهار ويتصبب عرقا حتّى فارق الحياة)!.
وحرص الامير سلطان المتورط في جريمة الاغتيال أن لا يترك أحدا من خدم سعود وأولاده وما تبقى من حريمه ـ التي هي "أم مقرن" وكان سعود قد زوج ابنته ـ عبطاء ـ لامين سره المواطن عبد الرحمن بن غنيم، فراح سلطان يتودد "للصهر العزيز" إلى حد أنه حمل ابنه منها وحرص على حمله حتّى أثناء ركوبه بالطائرة، وما زال يحمل الطفل حتّى هبطت الطائرة في مطار الرياض، فقذف الطفل بوجه والده وأخذ يشتم الطفل ووالده، وفي الحال أمر باعتقال "الصهر العزيز" وأمين سر سعود وأمين السر الثاني ناصر العنبر، وطلّقوا بنت الملك سعود من زوجها ابن غنيم!.
وواصل آل فهد اغتيالاتهم واعتقالاتهم للعديد من المواطنين بحجة أنهم ممن تعاطفوا مع الملك سعود، وهذا غير صحيح، بل وصل الهوس الجاهل بآل سعود، إلى منع حتّى ذكر اسم الملك سعود من كل تاريخ آل سعود القذر…
لقد كانت هذه بعض معاملتهم لاخيهم سعود حيا وميتا زاعمين "انّه لم يتح له فرصة لهم أكبر في الحكم" للتسلط والعربدة والنهب فكيف هي حال المواطنين الذين تولوهم؟!

معذرة أيها الشهداء الكثر

أيها الشهداء… معذرة ان تحدثنا عن "سعود" الذي اغتاله آل فهد بنفس الطريقة التي كان بها يغتال والده الناس، فأهملنا هذه الاسماء التي سنورد ذكرها فيما يلي كنماذج شتى لاشكال متباينة ممن اغتالهم مصاصو الدماء آل فهد… انها نماذج ـ فقط ـ نضرب بها الامثال:
1 ـ النقيب عبد الله فرج القطان اغتاله آل فهد ووضعوه خلف مقود سيارته ووضعوا إلى جانبه زجاجة خمر، وكانوا قد حققوا معه قبل الاغتيال عن علاقته باتحاد شعب الجزيرة ولقاءاته مع ناصر السعيد في دمشق.
2 ـ الزائد وصفي المداح قتله آل فهد في السجن عام 1969 ـ بتهمة التخطيط للثورة وانتماءه لاتحاد شعب الجزيرة.
3 ـ العقيد محمد الذيب رئيس الحرس الملكي اغتاله آل فهد بالسم في بادن بادن بتهمة التخطيط للثورة وذلك عام 1957 وكان ذلك في مستهل حملات اغتيالاتهم.
4 ـ طلعت وفاء مدير الامن العام الاسبق اغتاله آل فهد في بيروت بتهمة عدم التعاون معهم.
5 ـ عبد المجيد الشماسي قتله آل فهد في السجن عام 1969 بتهمة أنه مسؤول حزب البعث في القطيف.
6 ـ عبد الرؤوف الخنيزي قتله آل فهد في السجن بتهمة أنه شيوعي.
7 ـ حسن فرج العمران وعبد الواحد الجبار ـ أعتقلا في 4 حزيران 1970 واغتالهما آل فهد في ليلة 15 حزيران 1970 ودفنا في حفرة واحدة بحديقة السجن في جدة… الحديقة التي تضم أكثر من ألف شهيد في بطنها… والتهمة التي وجهها عقيد المباحث السعودية الباكستاني حسين محمد جعفر ـ حسبما أوردتهما صوت الطليعة في عددها 18/10/ 1978 ـ (ماهي علاقتهم بالانقلاب الفاشل، وما إذا كانوا واجهة لجورج حبش أو نايف حواتمه أو محسن إبراهيم وما هي علاقتهم بناصر السعيد واتحاد شعب الجزيرة العربية)!…
8 ـ سعد العتيبي "صاحب معرض لبيع السيارات في شارع البطحاء" اغتاله آل فهد بتهمة انّه يكره آل فهد!.
9 ـ عبد الرحمن بن شعيل "موظف في وزارة المواصلات" اغتالوه بوضع "غترته" في رقبته.
10 ـ صالح إبراهيم الرشودي "معقب معاملات" اغتيل بيد الامير سلمان (مع أن معظم الاغتيالات تتم بيد الامير سلمان أمير الرياض وهو في الوقت نفسه مدير مخابرات آل فهد الخاصة)…
11 ـ عبد القادر البغدادي "موظف بالتشريفات الملكية" اغتيل بطريق مطار الحويّة خنقوه ووضعوه خلف مقود سيارته.
12 ـ ماجد الاطرم اغتاله محمد بن هلاّل المطيري ـ وابن هلاّل عميل مختص بالاجرام وهو الذي اغتال العديد من بينهم الثائر خالد بن مساعد عام 1966.
13 ـ الفتى سلطان بن سعد بن سلطان ـ ابن وكيل أمارة الرياض ـ اغتاله الامير سلمان بيده وحمله محمد بن هلاّل وعلوان بن أحمد اليماني (صاحب فرن في الرياض) وألقوه في بئر قصر الامير خالد بن سعود، ليتهموا بقتله "الامير خالد" ومن ناحية ينتقم الامير سلمان من والده المشكوك بولاءه لآل فهد!…
14 ـ محمد صالح التكروني أعدمه الامير سلمان بحجة أنه شهر مسدسه على أحد أفراد المباحث السعودية….
15 ـ عبد القادر السوداني "مقاول" اغتاله الامير سلمان بحجة أنه يتعامل مع السوريين، وزعموا أنه انتحر بعد أن أفلس!…
16 ـ سالم الحضرمي "بقال بشارع المرقاب" اغتاله سلمان بذات التهمة.
17 ـ زكريا حافظ اغتيل بمواد سامة وضها له عبد الرحمن بن فزيز رئيس مركز ما يسمى "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" بالمرقاب في الرياض الذي دعاه للغداء!.
فكان الغداء الاخير ومن ثم اعتقلوه أخاه…
18 ـ أحمد التيس ـ يماني ـ 19 سنة ـ قطعت يده وأعيد للسجن مرة أخرى ودمه ينزف فمات وتهمته "مشكوك في حبه للبيت المالك السعودي وتأييد حكم عدن"!…
19 ـ عبد الرحمن الشرقي اعتقل ظلما فأضرب عن الطعام، فمنع عنه الماء والغذاء والدواء فمات في السجن يوم 17/6/1968 وتهمته الاستماع لإذاعة العراق، التي كانت تهاجم آل سعود.
20 ـ محمد عيد التميمي، يطلق عليه اسم "شهيد الكتاب الاخضر" إذ ألقي القبض عليه في مركز (حالة عمّار" في الحدود الشمالية الغربية ومعه نسخة من الكتاب الاخضر فقتله آل فهد بالسجن.
21 ـ عبد الله السبحي "سائق" مات في السجن دون أن ينقل للمستشفى.
22 ـ عباس السبحي مسجون منذ عام 1965 وحينما راحت ابنة أخيه الاكبر تراجع به الامير فهد: وعدها بمراجعته ليلا في الوزارة!.
فاعتدى عليها وكانت باكرا، ولما أخبرت والدها هاج من الغضب وراح إلى "أمير المؤمنين بالنكاح فهد" ليلعن والده، فاتهموه بالجنون وأدخلوه زنزانة رقم 1 بالمباحث العامة بالرياض.
23 ـ الرقيب بالشرطة فايز العنزي اعتقل لمدة ثلاث سنوات في سجن الملز بالرياض ومات فيه دون أن ينقل للعلاج وتهمته أنه سمح لبعض ذوي المساجين بالزيارة.
24 ـ قتل آل فهد وفيصل عام 1977 /18 / شخصا من أبناء اليمن بتهمة انتماءهم لاتحاد شعب الجزيرة العربية والقيام بتفجير المؤسسات الامريكية والقصور وأنابيب البترول والقواعد.
25 ـ الجندي عبد الهادي اليامي وثلاثة جنود معه، ماتوا في سجن الملز بالرياض بتهمة السماح بزيارة بعض المساجين.
26 ـ سلطان بن هذلول الدوسري، وعايض بن خرّيف موقوفان في سجن الملز من شهر تموز 1965 …
ان لدى السعودية أكثر من ألفي سجن، كلها أصبحت مقابر مليئة بجثث الشهداء.
وقائمة ضحايا آل فهد طويلة: منها المقتول ومنها مقطوع اليد والقدم ومنها مهتوك العرض ومنها السجين ومنها "معوور" العين: مثل نقيب المباحث أحمد الحضرمي الذي أعمى عينه الامير فهد، بتهمة أن دمعة ذرفتها عينه على جمال عبد الناصر… ومنهم من أعموا عينيه مثل أحمد الدرسوني بعد سجنه
مع الملاحظة: اننا لم نستأذن الدرسوني في نشر صورته وموضوعه فمعذرة منه، مع أن هذا من حق التاريخ، لا من حقه، بعد أن أصبحت مأساته جزء من تاريخ جرائم الاحتلال السعودي:
اثني عشر سنة دار خلالها عددا من سجون الرياض والحجاز والمنطقة الشرقية ونفوه عن وطنه بعد اقعاده عن الحياة العملية بالرغم من اعادتهم إليه الجنسية السعودية التي لا تشرف حاملها… ولو كان ما حدث له في بلد يحكم بالاسلام لطبّق شرع القرآن في القصاص "العين بالعين" فأعميت عيون آل فهد، الذين أعمى المال والجنس والتسلط قلوبهم، ولو أن ما حدث له وأمثاله فعله "استعمار شريف" لا قام هؤلاء الضحايا الدعوى ضد هذا الاستعمار، لكننا نعيش في حكم القبور وديانة "الزبور" وتعوير عين شخص واحد لا يهمهم أن يكملوا بها العدد لاكثر من نصف مليون عور وعوراء وأحول وحولاء بدءا من الملك عبد العزيز حتّى فهد بن عبد العزيز، واعماء شخص آخر لن يجعل منه العمى "السعودي" شاذا بين نصف مليون أعمى بدءا بجميع القضاة السعوديين ومرورا بمفتي الديار ابن إبراهيم وعبورا برئيس ما يسمى بالجامعة الإسلامية ابن الباز الذي لم ير الأرض منذ أن خرج من فرج أمه إلى أن أفتى أن الأرض لا تدور؟… ومن يدري: لو يصبح هذا الذي أعماه آل فهد قاضيا أو مفتي ديار أو رئيس جامعة يتحسس الجنس باللمس كغيره من القضاة، الذي هو أجدر منهم، لكن مشكلة الدرسوني أنه رأى الأرض وهي تدور ودليل دورانها أن آية الله الخميني انتقل من منفاه في باريس إلى حكم إيران، والآية الاخرى أن قواد إيران الملك الشاه انتقل من إيران وما زال يدور في الأرض ولم يجد قطعة أرض يطمئن للوقوف عليها رغم كثرة أملاكه ولم تقبل به حتّى صاحبته السعودية وأمريكا بعد أن أهدر الثوار دمه!…
مما جعل لصوص مملكة العميان يعلنون "استنكارهم لخيانة السادات" بعد أن كانوا سماسرتها… والحديث عن مملكة عميان القلوب يذكرنا بقصيدة لاستاذ زار "المملكة السعودية" للتدريس فيها وسمه: أحمد إبراهيم عبد الله، بعد أن كتب له العيش بين جموع من "العميان والعور" في حكم لا يقبل به إلاّ صاحب الشرف المنحور والعرض المأجور والضمير المهجور والعقل المنخور، فتمزق ضمير الاستاذ الحر درعا بما رآه، لا لسبب إلاّ لانه لم يذهب كبقية المستشارين والمرتزقة بل ذهب بضمير شريف، فقال قصيدة طويلة منها:

أحيا بعيدا

أحيا بعيدا عن الخلان في بلد

لا يشعر المرء فيه أنه بشرُ
 
أحببت قومي من بدو ومن حضر

والقوم حولي لا بدو ولا حضر
لا تبصر العين فيه منظرا حسنا

تأوي إليه فماذا ينفع البصر؟
انظر إلى كل وجه في الطريق تجد

من كل عينين عيناُُُزانها عور[9]
والآن هذه مجرد عينات للبينّات السعودية التي يدافع عنها الامريكان بصفتها جزء من حقوق الإنسان التي يطالب الامريكان بتطبيقها "سعوديّا" في الدول الاشتراكية دون أن يخجل الامريكان من تكالبهم في حماية هؤلاء الوحوش السعوديين الذين تخطط لهم المخابرات الامريكية سوء أعمالهم وقد مسخوا الإنسان اسما وأرضا وجسدا ووجودا في الجزيرة العربية…
"الملك الأول فهد" متلبسا بالجرم المشهود، بالزنا الذي يرجم الامير وقحبته من أجله بصفته متزوج من أعداد كثيرة من النساء ـ وفي حال كونه ـ من سائر البشر، أما أن يكون ملكا وولي عهد ورئيس وزراء ومقاول دين وحاكم لبلاد المسلمين  و"قائد" للعرب… فهذا ما يستحق عليه الاعدام بالطريقة السعودية ذاتها تنكيسا من قدميه أو شنقا من زبره أو خوزقة من دبره…
ملك المسلمين يزني علانية ـ والعياذ بالله ـ ملك المسلمين يسكر علانية مع كارتر ـ لا حول الله ـ، ملك المسلمين يلعب القمار في الليل والنهار ـ انا لله ـ ، ملك المسلمين ينكح … يا أهل الله … ومع ذلك يغسل كعبتكم بيديه!
فهد، الزاني، الذي تراه في الصورة يحاول اخفاء عورة وجهه، حبا في الستر، لان كلمة "ستر" تشتق من "ستربتيز" وانطلاقا من حب "الستر" تنطلق ديبلوماسية النكاح وسياسة الانفتاح السعودية "لتوافق على كل مقررات مؤتمرات القمم" تمشيا بقواعد السياسة السعودية القائلة (قل ما لاتفعل وافعل ما لا تقول… واضحك على الجماعة تكتفي شر الاذاعة…
وإذا هبّت عاصفة فلا تقف بل سر معها ليتطاير منك القمل ولا يدفنك الرمل)… (ولكي تصبح برئ الذمة وافق على كل مقررات القمة).
(لا تعارض لكيلا تفقد عاصمتك العارض… وان أردت أن تصبح قائد العرب المتنفّذ فقل ولا تنفذ)… (اشتم إسرائيل وانتقد أمريكا ـ واخدم إسرائيل عن طريق أمريكا)…
هذه هي ملامح سياسة العائلة السعودية، منذ أن كان اسمها عائلة "آل مردخاي" حتّى اصبح اسمهم آل سعود…
وبعد: أتعلمون من هو الفهد؟…
الملك القدوس الجبار المتكبّر المهيمن فهد "العبد" العزيز ـ في الصورة ـ كما تراه ـ يحاول ستر وجهه لكن "التكنولوجيا" أسرع من "الفهد لوجيا" و"السعود لوجيا" فالتقطت له هذه الصورة… بهذه الصورة… المضبوط فيها مع قحبته… وهو الذي كان من عدله ما يلي:
1 ـ في العام الماضي كان شاب من عائلة آل دغيثر يقود سيارته في الرياض ومعه والدته العجوز فتوقف في شارع البطحاء لانزالها لشراء حاجة، فضربته "هيئة الامر بالمنكر والنهي عن المعروف، بحجة أن أمرأة تركب إلى جانبه!.
فدافع عن نفسه (والدفاع عن النفس والارض والعرض حق مشروع في شريعة محمد) لكن الزاني فهد بن عبد العزيز أمر بقتل هذا الشاب…
2 ـ طالبة سعودية قالت انها تحب صوت أحد المطربين ففصلتها المدرسة وحرمتها من دخول المدارس…
3 ـ "مدارس البنات لا يُدرّس فيها الرجال إلاّ إذا كانوا من العمي أو البنات من العمي"… ونسبة العمي ـ بالمناسبة ـ هي أعلى نسبة في العالم في بلاد العمي.

الفهد والفهود

هذا الفهد ـ من آل الفهد، وآل فهد، سبعة "أفهاد" أو "فهود" أشقاء يقودون "اللوبي السعودي" والبعض يسميهم "آل حصة" نسبة لوالدتهم حصة آل السديري ـ اضافة لاستحواذهم على حصص كثيرة من الميزانية والاراضي والشركات والسمسرات.. فآل حصة يهيمنون مع أخوالهم آل السديري على كل مقاليد التسلط والسلطة والقوة في البلاد… ويطلق عليهم البعض اسم آل فهد، نسبة لكبيرهم "فهد"… وفهد هو صاحب القرار الذي أصدره منذ أن كان وزيرا للداخلية وينص على ما يلي:
       أ‌.           (يمنع زواج أي مواطن بأجنبية من أي بلد عربي وهذا القرار لا يسري على الامراء).. الخ…
علما أن معظم زوجات الامراء وعاهراتهم وجواريهم "أجنبيات" فالفهد وحده قد تزوج من "الاجنبيات" أكثر من /2000 زواج / علني لكنه غير مشروع… وللفهد وآل فهد "فيلات" في الكيلو 10 بمدينة جدة وعددها 360 ـ دارة ـ بعدد أيام السنة ـ في كل واحدة منها قحبة من بلد يختلف عن الآخر…
  ب‌.    وبموجب منع الزواج بـ "الاجنبيات" سرح "الفهد" من الجيش "المسعدن" ما يشكلون بمجموعهم لواء كامل… لا لسبب إلاّ لانهم تزوجوا من الاردن وسوريا ولبنان ومصر أثناء وجودهم في هذه الاقطار… ولدي أسماء كل هؤلاء…
     ت‌.       أن ما يصرفه آل فهد وذويهم على بطونهم وفروجهم لشهر واحد فقط يمكن له أن يعمر آلاف القرى المهدومة في لبنان، بل يعمر كل خراب لبنان…
     ث‌.       ان ما يملكه آل فهد من المليارات في أمريكا وفرنسا وسويسرا لا تتسع عشرات الصفحات لاحصائها…
  ج‌.   يفضل الفهد الذهاب إلى اسبانيا لان له جنّة كلفته ستة مليارات من الدولارات "من جيبه الخاص طبعا" ويسميها ـ أدباء الجنس ـ "منتجع الفهد" للتقليل من شأنها، وليس هذا ما يدفع الفهد فقط للذهاب إلى جنته في اسبانيا ابتداء من نيسان حتّى حزيران ـ من كل عام ـ في وقت يقل فيه الفضوليون من سواح العرب المستعربة والعاربة والهاربة ـ بل ليس ما يدفع الفهد أيضاً للذهاب إلى اسبانيا حب "الستر" فقط، انّما بالاضافة إلى هذه الشروط المتوافرة: يضاف تكاثر الاجناس الجنسية الثلاثة ـ في منتجعه ـ الجنة، والاجناس هي: الحور العين و"الغلمان" و"الفعلة" وبما أن المفعول به دائما منصوب في بلادنا فكل أمير ناصب ومنصوب والفهد "منصوب وناصب" مارس النصب طويلا بتقلده المناصب من صغره... وفي هذه المناصب كان الفاعل والمفعول به!. ولا علاقة "لسيبويه" في الموضوع.
  ح‌.   ومحافظة على التراث يفضّل الفهد الذهاب إلى اسبانيا في هذا الفصل بالذات مما يجعل بعض الصحف تحتار في تفسير رحلاته مع أنها لا تخلو من التآمر ـ لكنها رحلة جنسية في غالبها يجدد فيها شبابه ويرخي أعصابه ويستبدل ثيابه تمشيا مع حكمة الملك فيصل ووصيته وهو على فراش الموت حين قال: (أريحو القلوب ساعة بعد ساعة: فساعة للرّب وساعة للنّهب وساعة للزّب وساعة لقطع رقاب الشعب)…
  خ‌.   ان الفهد وآل فهد "فيلات" وبنايات وقصور وشقق في مصر والمغرب وتونس وفرنسا وايطاليا والمانيا وسويسرا وبيروت وانكلترا وأمريكا، لكن هذا ليس فيصل الذهاب إليها ـ في رحلة الربيع والصيف هذه اضافة إلى أن الرحلة في مثل هذا الفصل فصل خيانة السادات قد تفسر بأن السعودية خلف خيانة السادات مع أنها أمامها، إذا فليبتعد الامراء عن مواطن الشبهات السياسية إلى مواطن الجنس البشري في هذا الفصل بالذات فأعصابهم بحاجة للراحة، ما دامت السياسة السعودية تديرها أمريكا من الداخل والبترول تديره شركة أرامكو الامريكية من منابعه حتّى أسواقه، وما دامت المساعدات لمصر السادات وسودان النميري وعملاء اليمن جارية… وما دامت السعودية تدفع سنويا ما قيمته عشرة مليارات من الدولارات كمساعدات ومرتبات للنميري وجيش السادات الموجود في السودان وعُمان والكنجو بما في ذلك قيمة الطائرات والاسلحة التي بدأت السعودية بدفعها والتكفل بالاستمرار بدفعها منذ أن وافق السادات على طلب السعودية بابعاد الخبراء السوفييت عن مصر عام 1972 واستبدال السلاح الروسي بسلاح أمريكي… وذلك جزء مما سماه هيكل "بالحقبة السعودية" ودعا للاستسلام لها.. فليكن شعار "الحقبة السعودية" إذا (النفط غفار الذنوب والجنس مكثر الشعوب).
يقول آل سعود "ان كل ما في الدنيا قد سخره الله لنا ـ بما في ذلك الامريكان رواد القمر وسادة الأرض والسماوات"!.. وبناء عليه فان أي فتى يسير في الشارع وتعجب به أميرة منهم أو أمير، يختطف هذا الفتى وان رفض يقتل… وعلى هذا المنوال تسير السياسة السعودية "في الخارج" فالرئيس عبد الناصر اغتالوه، وأتوا بالسادات خليفة له لان عبد الناصر كان اول قائد حاربهم في اليمن، وفتح لنا اذاعاته وقال في خطاباته: (ان أعوان الاستعمار آل سعود أشد خطرا من الاستعمار ذاته… وان جزمة جندي مصري يقاتل الرجية السعودية في اليمن أشرف من عقال الملك فيصل الذهبي… و، سأحارب الاستعمار في قصور الرجعية وأحارب الرجعية في أحضان الاستعمار).. الخ…
لكنهم حاربوه وحرضوا أمريكا لدعم "إسرائيل" لاحتلال مصر وسوريا، واغتالوه عبد الناصر لان الجهاز الذي استخدمه جهاز فاسد… وبذات الطريقة قتلت السعودية "علي بوتو" لانه رفض التعامل مع السعودية وشل حركة عملاء السعودية في باكستان من أمثال "جماعة أسلامي" وزعيمها الروحي مودوري العميل وزعيمها الثاني في العمالة "ميان طفيل" اللذين دفعت لهما السعودية الملايين، وأخرجت السعودية "ضياع الحق" بانقلابه ضد بوتو.
وأخيرا: أصر "الامير فهد" على التخلص من بوتو قتلا، وقد قتل بوتو بالسيف السعودي الذي أهداه الامير فهد للخائن المسمى "ضياء الحق" بل ضياء الباطل… ولم يقتل بوتو شنقا كما زعمت السلطات التي قتلته سرا في ساحة السجن، وهذا ما أكدته بعض الاوساط السعودية المقربة…
وبدأ لصوص باكستان الحكام وقضاتهم بتطبيق سياسة السعودية بجلد الابرياء وقطع أيدي الفقراء…
وتأكيدا على أن الجنس محرك آل سعود، وأتباعهم، نسوق هذه الامثلة ـ كأمثلة فقط ـ لملايين الجرائم الجنسية، أما المالية فلها كتاب آخر…
1 ـ شاهد الامير الفهد مصرية أثناء صعوده معها في مصعد عمارة الامير طلال "عمارة السعوديين" بالعجوزة في القاهرة: فهاج وماج واقتحم شقة أهلها ولم يخرج من عندهم إلاّ بعد موافقة أهلها، وكلفه "زواجها" عشرة ملايين… فأضافها إلى أرقام حريمه "الاجنبيات" متعددات الالوان والجنسيات…
2 ـ أعجبه رنين اسم "مكة" جمال القطن في حلب لعام 1958 حسناء وفائي، فحمل صورتها وتقدم لخطبتها، لكنها رفضته وملايينه قائلة انها مخطوبة لمهندس من عائلة البرازي… ولم يهن عليه رفضها… وبعد زواجها ـ بالمهندس المذكور ـ دفع بسماسرته لاغراء زوجها بتشغيله كمهندس في معمل المياه الغازية في الرياض بمبلغ يسيل له اللعاب، فوافق الزوج، وانتقل ونقل معه بالطبع ـ بيت القصيد ـ زوجته الحسناء "حسناء" واستلم عمله ومسكنه وسيارته في الرياض، وفي اليوم الثالث، وبينما كان الزوج في عمله هجم سماسرة "الفهد" إلى "الملكة" فاختطفوها وصانعتها السورية معها…
وعاد الزوج المفجوع إلى بيته فلم يجد زوجته ولا صانعتها بل وجد آثار الدماء، ولما ذهب يسأل الشرطة قيل له: ان زوجتك أصيبت بنزيف دموي ونقلناها إلى المستشفى لاسعافها وفي المستشفى ماتت!.
كذا.. قال: كيف ماتت؟. قالوا له: ماتت!. "الله موتها"! قال لهم: والخادمة؟.. قيل له: لم نعرف… قال لهم: أين جثة زوجتي؟ قالوا له: دفناها؟.. قال لهم: أريد أن أستلم جثة زوجتي لادفنها في حلب… قيل له: ان الدفن في ديرة المسلمين الرياض أقرب إلى الجنة من ديرة الكفار اضافة إلى أنها قد حرمت عليك زوجتك بعد أن ماتت ولم تعد زوجها والدين لا يبيح لك الاطلاع على عورات النساء!!… قال لهم: كيف يبيح لكم دينكم الاطلاع على جسم زوجتي ولا يبيح لي ذلك؟… قالوا له:
اقطع واخس "اخرس" قال لهم: أرجوكم أن تروني قبرها لازورها… قالوا: تفضّل، فأخذوه إلى قبر جديد، دفنت فيه جثة لتوها ثم أعادوه إلى بيته… وما أن غادروه حتّى عاد إلى القبر ونبشه… وإذا به أمام جثة الخادمة المسكينة التي قتلوها!… فحملها بين يديه وهو يصرخ كالمجنون: (يا طواغيت.. يا أولاد الزنوة… قتلتم خادمتي وسرقتم زوجتي)…
ثم وصل بها إلى قصر أمير الرياض وهو شقيق فهد واسمه سلمان.. فاعتقلوه وأوثقوا يديه ورجليه وأفتوا بكفره لانه أخرج جثة من قبرها واعتدى على حرمة الاموات والعياذ بالله!.. وقرروا بقطع يده… ـ لكنهم "غفروا له!" "وان تعفوا وتصفحوا ذلكم خير لكم!." .. فأبعدوه إلى دمشق.. وما تزال زوجته في قصور آل فهد… وأقام الدعوى.
ولكن أي دعوى تقام وعلى من تقام في بلد مسخه آل سعود ومسخوا كل ما فيه، وسخروا أمريكا لخدمتهم، وأقفلوا أبواب الدنيا الاربعة فأطبق الصمت فأصبح هؤلاء القوادين، هم القادة!… قادة العرب. والمسلمين أيضاً!.
3 ـ والمثال الثالث، سافر "الفهد" إلى أمريكا ـ عام 1964 ـ فأقام له الطلبة السعوديون حفلة "لتكريمه" وفي هذه الاثناء شاهد الفهد صيدة جديدة اسمها ـ لؤلؤة آل إبراهيم فسأل عنها: "أهذه من بناتنا؟!.." قيل له: "نعم من بناتكم طال عمرك انها زوجة الطالب عبد الرحمن آل إبراهيم.. ومن أولادكم أيضاً!"… وما أن عاد الفهد إلى "المملكة" حتّى أرسل برقية إليها بلسان والدها يقول: "ابنتي الحبيبة لؤلؤة توجهي سريعا فحالتي خطرة جدة واتركي ابنتك لدى والدها"!. قف!.
وفي هذا الاثناء استدعى "الامير فهد" والدها وأبلغه بما فعل وقال له انني فعلت هذا لانني أريد أن أتزوجها "على سنة الله ورسوله!…" قال له الوالد المبهوت: "لكن الله ورسوله لا يقبلان بهذا لانها متزوجة!.. ولديها طفلة من ابن عمها عبد الرحمن وتحبه ويحبها!… فكيف يرضى الله ورسوله بهذا الحرمان"؟.
قال الفهد لوالدها: "اقطع واخس" ومعناها (اخرس). ثم أردف يقول: "أنت خادم لنا وما نقوله سينفذ"!… وصلت لؤلؤة آل إبراهيم مذعورة من "حالة والدها الخطرة" المزعومة!… وتزوجها فهد بطريقة الزنا… لان زوجها لم يطلقها حتّى الآن… وكلفته العملية هذه (150 مليون ريال) فقط خلاف القصور والهدايا والاموال المنقولة وغير المنقولة… أما زوجها عبد الرحمن آل إبراهيم فقد أرسل له الفهد طائرة سعودية خاصة تنقل له ذبيحة مشوية من وليمة الزفاف ورسالة من زوجته لؤلؤة ـ أرغمت على كتابتها ـ تقول فيها اطمئنوا صحة الوالد بخير تزوجنا خلي بالك من ابنتنا الغالية!… فجن جنون الزوج!. لكنا صحا بهديّة مالية!
4 ـ تزوج أمير الحرس الملكي عبد الله بن عبد العزيز بابنة الشيخ خليل المهيد من سوريا، وآل مهيد من شيوخ عشائر قبيلة عنزة الشهيرة وهي أشرف بكثير من عائلة آل سعود اليهودية، فطلقها عبد الله خلال سبعة أيام…
فعلم الامير فهد بالموضوع… ولكي يغيظ أخاه عبد الله، بعث بالرسالة التالية لخادم لهم يقيم في دمشق اسمه فهد المارق يقول له فيها:
(لو كان أخي عبد الله محترم لاحترم هذه العائلة الكريمة حينما تزوج منها وطلق ابنتها خلال أسبوع، وبما أن الرسول الكريم يقول: "أكرموا عزيز قوم ذل "!" فقد قررت أن أكرم هذه العائلة بالزواج بأخت مطلقة أخي عبد الله فاذهب بنفسك ـ يا فهد المارق ـ وخذ معك عددا من السعوديين المقيمين في دمشق وأعضاء السفارة واطلب البنت الثانية وأرسلها لنا بالطائرة وادفع لهم والتكاليف علينا)!.
فطفق الخطّاب فهد المارق وبذل المساعي فوافق الاب الكريم ـ مع أنه قد لدغ من هذا الجحر السعودي  مرة ـ ومع أن البنت تحمل شهادة عالية من إحدى جامعات بريطانيا ـ ومع أن "ابن امهيد مصوّت بالعشاء" أي منادي الجياع للعشاء، لن تصل شوارب آل سعود مهما طالت إلى مستوى قدمه… ومع أن الزواج والتمليك لا يجوز شرعا إلاّ بحضور طالب الزواج… المهم: وأثناء حفل الخطوبة على "الغائب" حاول أحد أفراد السفارة السعودية في دمشق أن يتفلسف ويرفع من قيمة الامير فهد حينما قال: (مما يشرف عنزة أن بنت شيخ عنزة ـ تزوجها أمير ـ اعنزة!) فغضب الوالد حينما قال: (كلا ـ نحن أشرف من آل سعود ، انهم يزعمون انهم من فخذ المساليخ، وهذا غير صحيح، وحتى لو صح هذا، فهذا الفخذ تابع لنا ولسنا تابعين له)… فأخرس بهذا الرد الواضح ـ كلب السفارة السعودية ـ .
المهم: أن البنت أرسلت بالطائرة، ولم يمض شهر حتّى أعادها "الفهد المفترس" إلى أهلها، مما جعل والدها يصاب بجلطة ويموت ندما على اكرامه لمن لا يستحق الكرم، وتنزيل قدره الكبير ومستواه العائلي لهؤلاء اليهود الذين لا يعملون إلاّ لاذلال العرب بأقوالهم حينا وأعمالهم حينا وأزبارهم أحيانا حينما يزعم الامير فهد في كتابه للخطّاب فهد المارق "انّه يريد اكرام عزيز قول ذل!" وكل ما يعنيه الفهد من قوله "أكرموا عزيز قول ذل" أن لا كرامة للناس إلاّ في قضيبه!!…
هذه أمثلة عى دعارة هؤلاء الذين يزنون بأخواتهم…
أعجب الفهد بافتراس ضحية مصرية فحاول أهلها تزويجه اياها بطريقة الطقوس المصرية.. وها هو يضع المنديل الابيض يغطي يده بصفته "وكيل نفسه" ويد والدها بصفته وكيل الضحية رقم 27000، وبعدها يحتفظ الفهد بهذا المنديل بعد تلويثه بدم الفرج ليثبت أنه لم يعبر خط بارليف المصري أحد قبله بالرغم من أن القناة مفتوحة لبني إسرائيل، وللدم ذكريات كثيرة في حياة آل فهد منها ما هو "بالمناديل" ومنها ما هو في السجون والساحات… والمعروف أن قانون الفهد الذي سنه بنفسه مازال ساريا على المواطنين ويقضى بعدم الزواج بالاجنبيات!.
في 19/10/ 1974 قالت مجلة "تايم" الأميركية: أن أغنياء النفط العرب ربما كانوا يبتاعون بنوكا في نيويورك ولندن، ولكن المحاولة التي بذلوها في الاسبوع الماضي لتحطيم البنك في كازينو القمار بمونت كارلو كانت أقل نجاحا.
وعندما خسر ثلاثة من الامراء السعوديين بينهم وزير الداخلية فهد بن عبد العزيز أكثر من 6 ملايين دولار على موائد القمار أصيب حتّى أصحاب الملايين من رواد الكازينو الدائمين بالذهول!
وأضافت المجلة: ان الامراء السعوديين وصلوا إلى "أوتيل دي باريس" أواخر الشهر الماضي ولا يدور في رؤوسهم سوى شئ واحد "أننا جئنا لكي نقامر" كما قالوا للإدارة "ولكن بشروط معينة… اننا نحن الذين سنحدد لكم الساعات التي تغلقون فيها الكازينو"!.
ونتيجة لذلك فان الكازينو الذي يغلق أبوابه عادة في الساعة الثانية فجرا، كان يظل مفتوحا إلى أن يمل الامراء الذين كانوا يقامرون بمبالغ كبيرة وهم "يلدعون" الويسكي… وكانوا كثيرا ما يبقون حتّى التاسعة من صباح اليوم التالي.
وقال "كروبييه" هذه اللعب في الكازينو بعد أن غادر الامراء السعوديون الكازينو "الحمد لله انهم لم يبقوا الف ليلة وليلة".
وقد استخدم الامراء السعوديون تكتيكا خاصا بهم خلال المقامرة، فبعد أن ضاعفوا الحد الاقصى المسموح به وهو 400 دولار على الرقم الواحد، طلبوا اذنا لمضاعفة هذا الحد 4 مرات.
وهذا يعني أنهم عندما كانوا يضعون 1600 دولار على رقم وحالفه الحظ فان مكاسبهم تصل إلى 57 ألف دولار.
وعندما حالفهم الحظ مرات عدة اضطرت ادارة الكازينو إلى التدخل ومطالبتهم بوقف هذا التكتيك والا "فلسوا البنك"!
وفيما كان الامراء ينعمون بمبالغ كبيرة كان مئات من الاشخاص يحيطون بهم وخاصة القحبات اللواتي تجمعن حولهم كالنحل.
وذكر أحد الحضور أن الامراء دعوا فتاتين لتناول طعام العشاء معهما ولكن لدهشة الفتاتين لم تتم دعوتهما بعد ذلك لزيارة اجنحة الامراء في الفندق، غير أن كل واحدة منهن حصلت على بقشيش مقداره 400 دولار!.
وكان الامراء اسخياء بشكل مماثل مع "الكروبييه" وخدم الكازينو. وعندما قام أحد الخدم بتفريغ منفضة السجائر التي كانت موضوعة أمام الامراء من الاعقاب ناوله الامير فهد بقشيشا بملغ 400 دولار.
وفي احدى المرات بلغت أرباح الامراء نحو مليون دولار… ولكنهم قبل أن يغادروا الكازينو كانوا قد خسروا هذا المبلغ كما خسروا مبلغا آخر يزيد على 6 ملايين دولار!.
وقد اتضح على أي حال أن الامراء السعوديين قد جعلوا زياراتهم للكازينو منتظمة رغم خسارتهم الكبيرة.
فقد ذكر أحد سماسرة بيع الاملاك في مونت كارول أنهم طلبوا منه البحث لهم عن فيلا كبيرة أو ناطحة سحاب صغيرة في أمارة القمار.
السبت 19 تشرين أول 1974

علي بوتو قتلوه بالسيف السعودي

علي بوتو: لم يقتل شنقا بل قتل ودفن بتكتم شديد وبالطريقة السعودية وبالسيف السعودي الذي أهداه الامير فهد لعميله "ضياع الحق"، وأصر "الفهد" على قتل بوتو وسافر إلى "مبغاه" في اسبانيا لكيلا يتوسط أحد لديه للتوسط لدى "ضياع الحق" ولهذا رفض كل وساطات زعماء العالم ليجعل آل سعود وأمريكا من باكستان بؤرة عن إيران وأفغانستان..
اننا بما لدينا من معلومات دامغة نؤكد هذه الحقائق الآنفة ونؤكد أن "الملك الثاني" خالد، وان كان قد بعث برسالة إلى ضياع الحق العميل السعودي بعد أن اتصل ـ ابن بوتو ـ بالسفارة السعودية في لندن وأرسل رسالة إلى الملك يطلب وساطته في عدم اعدام والده: فان ضياع الحق العميل لم يأبه برسالة "الملك خالد" فعلا لأن علاقته ما كانت إلاّ مع الامير فهد الذي سبق له أن رتب ـ مع المخابرات الامريكية في الرياض ـ انقلاب ضياع الحق ضد بوتو.. لماذا؟…
أولاً: ـ ان بوتو: كان قد بدأ فعلا بتقليص النفوذ الامريكي في باكستان، وبوتو: كان إلى ما قبل الاطاحة به ينوي اعلان خروج باكستان من حلف السنتو، وبدأ بوتو باجراء اصلاحات زراعية وتجارية اعتبرتها السعودية اصلاحات اشتراكية!..
ثانياً: قام بوتو بمضايفة المنظمات الرجعية ومنها "جماعة إسلامي" التي تسمي نفسها منظمات إسلامية بينما هي عصابة جواسيس للسعودية مرتبطة بما يسمى بالرابطة الإسلامية السعودية المرتبطة بالمخابرات المركزية الامريكية والمنتشرة في معظم أنحاء العالم وتبلغ ميزانيتها السنوية ثلاثة مليارات ـ جامعة ـ لكل المرتزقة باسم الدين…
ثالثاً:  بدأ الخلاف بين بوتو وبين "الامير الملك فهد"  بعد هذا وحاول بوتو استرضاء فهد، فأعلن بوتو في أواخر عام 1977 أنه سيذهب إلى "المهلكة" فوافقت السعودية ، وقبل سفر بوتو ابلغته السفارة السعودية أنها تعتذر عن استقباله في الوقت الحاضر!…
فسافر بوتو إلى أبو ظبي وقابل الشيخ زايد، وشرح له موقف السعودية، وتدخلها في باكستان، وأسبابه، ورفضها لزيارته، وطلب من زايد التوسط بينه وبين الامير فهد بالذات: لحل هذا الاشكال!..
فاتصل زايد بالامير فهد، لكن فهد أبلغه رفضه القاطع لمجئ بوتو للرياض.. ويومها كان "الفهد الامريكي" قد تأكد نهائيا من قرب زوال بوتو، وقرب مجئ العميل "ضياع الحق"… الذي قبض 150 مليون دولار مقدما بحجة انفاقها على ضباط الجيش لمشاركته في المؤامرة، وما أن قام بانقلابه حتّى سارع لزيارة جدة، وكان الامير فهد يومها في جدة فقبض 150 مليون دولار أخرى، وأعلن أنه اعتمر "في الاراضي المقدسة" مثلما يعتمر النميري والسادات وباقي العملاء!…
ومن يومها بدأ بتطبيق الشريعة السعودية في باكستان، القائمة على جلد الابرياء وترك المجرمين القضاة والحكام وقطع أيدي وأرجل الفقراء بأوامر اللصوص الكبار… وقبل سفر "ضياع الحق" أهداه "الفهد الامريكي" بندقية وسيف، كتب عليهما بماء الذهب اسم عبد العزيز آل سعود، فوعده ضياع الحق وهو يقبّل السيف أمامه "أن يقدم لسموه مقابل هديته هذه هدية ثمينة: هي قطع رأس بوتو بهذا السيف وبالطريقة السعودية" فابتسم الفهد الامريكي … وقال: (يجب أن يتم هذا بطريق المحاكمة وينفذ بطريقة "مشروعة") حسب تعبير الامير فهد، وهكذا لفقوا للرئيس بوتو محاكمة كاذبة، فأدانوه زوراً.. علما أن الشرعية الإسلامية لا تدين من لم يعترف بجريمة تنسب إليه، ولا تدين من يختلف الشهود حول ما ينسب لاي متهم، والاسلام يعاقب شاهد الزور بعقوبة تصل إلى حد الموت…
والشريعة المحمدية لا تأخذ برأي كل شاهد إذ أنها تقيّم الشهود وتتأكد من نوعيتهم، فهي لا تقبل مثل من يمت بصلة القربى للمدعي ولا تقبل شهادة الجواسيس ولا تقبل بشهادة كل من يطلق عليهم "رجال الامن" لكونهم يعملون بالدولة ويتقاضون منها الاجر، خاصة إذا كانت الدولة خصم المدعى عليه، والشريعة المحمدية لا تقبل أن يقضى في هذه الأمور قضاة يتقاضون مرتباتهم من الدولة أو تعينهم الدولة فالقاضي في شريعة محمد متطوع بلا مقابل ويشترط فيه الكفاءة العلمية والنزاهة التي تُجمع الاكثرية عليها وعلى حسن سلوكه وبعدها يكون للقاضي الحق أن يحاكم ـ الحاكم ـ والمواطن على حد سواء ويحق للقاضي النزيه تجريد الحاكم الظالم، واي حاكم مهما كان لابد من احضاره للمحكمة متجرداً من كل صفاته ما دام في المحكمة، حتّى يخرج منها…
وهذا ما لم يحدث في المحكمة السعودية التي شكلها المجرم نفسه ضياع الحق ـ الذي هو ـ المجرم بذاته لكونه حاكم مغتصب للحكم في نظر الشريعة المحمدية لأنه جاء بطريقة انقلابية ولم يختاره أحد… فأصبح هو الخصم الذي لا يحق له اتهام علي بوتو بالقتل الذي لم تثبت تهمته، اضافة إلى أن ضياع الحق هو قاتل كبير بل سفاك دماء لكونه قتل ما يزيد عن /75/ من الابرياء الذين تظاهروا ـ في عدد من المناسبات ـ اضافة إلى أن "ضياع الحق" مرتشي من السعودية بـ 300 مليون دولار، والسعودية هي المحرض الأول لقتل علي بوتو وينص: الامير فهد وشقيقه سلطان.

باكستان قاعد سعودية أمريكية

انتهى ـ على أية حال ـ علي بوتو شهيداً، ولسوف يزداد حزبه جماهيرية اضعافاً مضاعفة من بعده، ولسوف يطلق اسم بوتو على هذا الحزب بالرغم من أن أفكار هذا الحزب ضحلة… ولبينما يطاح بالخائن السفاك ضياع الحق، فانه قد اتفق مع السعودية وبتمويل سعودي امريكي أن تتحول باكستان قاعدة للتآمر ضد إيران وافغانستان والاتحاد السوفييتي، بالرغم من أن ضياع الحق سارع للاعتراف بالثورة الإيرانية ليضفي على نفسه صيغة إسلامية، مزيفة ولكيلا تقاومه ثورة إيران ولكيلا يتوسط زعماء الثورة الإسلامية لديه بعدم قتل علي بوتو الذي ألّح الامير فهد بالتخلص منه!…
اننا بالرغم من كل الحواجز الاعلامية ننشر هذه المعلومات فاضحين هذا الدور السعودي الامريكي القذر ضد باكستان ذاتها وضد افغانستان التقدمية التي كانت السعودية وما تزال تمول مرتزقتها باسم الإسلام والاسلام منهم براء …
اننا نؤكد أن هناك مجموعة من "السافاك" الايرانيين فروا إلى باكستان ويعملون ضد الثورة الإيرانية بالتعاون مع بعثة من المخابرات الامريكية غادرت الرياض إلى باكستان يوم 7/1979 واتخذت مقرها في راوالبندي وتولت التخطيط النهائي لمحاكمة بوتو، وتوجيه العملاء الافغانيين وتدريبهم في باكستان وتدريب باكستانيين يقيمون في أفغانستان وباكستانيين يقيمون في الجزيرة العربية المحتلة سعودياً، وذلك كله بتمويل من السعودية، ومن بين أعضاء المخابرات الامريكية المستر (واين روجرز ـ Wayne. W. Rogers ) و (ديفيد فانوان David Vanaman  ويعمل في وزارة الدفاع وهو يهودي يحمل الجنسية الثلاثية "الاسرائيلية الامريكية السعودية".
وكان يعمل بقاعدة الظهران الذرية، و(المستر شارلس ولش Charles Walsh) وهو يهودي أيضاً يعمل في المخابرات الامريكية في الرياض وغيرهم.
ومن المعروف أنه يحق لكافة أفراد المخابرات الامريكية البالغ عددهم 40000 حمل الجنسية السعودية عند الحاجة، والسعودية تدفع مرتبات كل هؤلاء ويتقاضى أقل أمريكي بينهم 10000 دولار شهريا خلافا لمرتبه الامريكي، الخ… وأصبح لهذه البعثة الامريكية ـ السعودية ـ الاسرائيلية ـ في باكستان اختصاصات خمسة بعد وصول مجموعة من "السافاك" الايرانيين من مخلفات الشاه إلى باكستان هي:
1 ـ اثارة المشاكل داخل إيران بين الاقليات وغيرهم… فالسعودية غاضبة، والامير فهد بالذات حانق أشد الحنق على أمريكا لاهمالها شاه ايران حتّى سقط، وعدم قتلها ـ كما قال فهد "من مليونين إلى عشرة ملايين ايراني ليبقى الشاه ـ لا حبا للشاه وانما ايقافا للمد الثوري" وما أعطته الثورة الإيرانية من ـ فوران ـ في نفوس شعب الجزيرة العربية وليثبت الفهد أنها ثورة فاشلة!.
ومن مهمات هذه البعثة: تجميع كل المناوئين للثورة الإيرانية دون تمييز في التجميع بين يميني ويساري ـ يتيامن ـ نحو السعودية… كما قال الفهد…
2 ـ تجميع كافة المناوئين للحكم اليساري في أفغانستان والذي تطلق عليه السعودية اسم "حكم الالحاد الشيوعي في أفغانستان"..
3 ـ اسداء المشورة الداخلية والخارجية لضياء الحق، تمهيداً لمجئ عدد أكبر من المخابرات الأميركية يتولون كافة شؤون الحياة العسكرية والمدنية في باكستان كما هو في "السعودية"…
4 ـ توجيه دفة محاكمة علي بوتو حتّى أدانته واعدامه بالسيف لتتأكد السعودية من "سعودية" ضياء الحق…
5 ـ محاربة النفوذ السوفييتي واليساري الذي لا يتعاون مع السعودية في المنطقة بحجة العودة لشريعة الإسلام في باكستان…
وأخيراً: ان اتحاد شعب الجزيرة العربية، إذ ينبّه لخطورة الدور السعودي القذر المتستر بالاسلام ـ زوراً ـ وبالتضامن العربي ـ بهتاناً ـ، فانما يحذر المؤمنين حقا، ويحذر كافة القوى الوطنية والديمقراطية من سكوتها، والسكوت علامة الرضى، بينما الخطر السعودي الامريكي ـ الصهيوني المشترك لا يمس الجزيرة العربية وحدها بما فيها اليمن والخليج، بقدر ما يمس المصير الانساني بأجمعه… ان السعودية لم تكن رجعية محلية ليبرر البعض سكوتهم عنها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية!..
انها "سمسارة" أمريكا الاولى في العالم حتّى وان تصنعت "الزعل" على أمريكا، وحتى وان شتمت "إسرائيل" في اذاعاتها .. انها الخطر العالمي.. وان كان قد لقي علي بوتو مصيره ـ بانقلابها وبسيفها ـ فان هذا الانقلاب والسيف السعودي سيلقاه من يحسن الظن بالسعودية وينخدع بمواقفها على بعض مقررات مؤتمرات القمة، التي كانت توافق قديما عليها لتمتص النقمة ضدها فتدوسها أخيراً…
وكم زعيم اغتالته السعودية في الجزيرة العربية وخارجها، ومن هؤلاء جمال عبد الناصر الذي وقف بوجه السعودية… ومجيب الرحمن في بنغلادش، وإبراهيم الحمدي في اليمن لكونهما تراجعا أخيرا في السير خلف ادبار آل سعود…
وختاما: نؤكد أن علي بوتو لم يشنق ـ كما قيل ـ بل قطعت رقبته من الخلف بالطريقة السعودية، بالسيف السعودي، بعد أن قيدت يداه ورجلاه ببعضهما إلى الخلف، وأنه تعذب أثناء حزّ رقبته، ولم يمت إلاّ بعد ساعة ونصف من التعذيب، علما أن لقطع الرؤوس في "السعودية " "اصول" لا يجيدها إلاّ العبيد السعوديين المتمرسين بقطع مئات الآلاف من رؤوس المواطنين وأيديهم وأرجلهم.. وقد أرسل ضياء الحق بعثة باكستانية مكونة من ثلاثة أشخاص لتدربها السعودية على قطع الأيدي والأرجل والرؤوس.
14/4/1979 التوقيع: اتحاد شعب الجزيرة العربية

أمريكا وحقوق الإنسان

فأحكموا يا قادة أمريكا على قوّاديكم آل سعود … هل هم أمناء على حقوق الإنسان ام هم لصوص؟. وهل هم متديّنون أم هم أعداء للدين؟… لكن الطيور على أشكالها تقع والبيض الفاسد يتدحرج بعضه إلى بعض… ومع ذلك ـ يا قادة أمريكا ـ مانع من ضرب الامثلة لكم عن أعمال عبيد "محمياتكم" آل سعود:

آل فهد، آل سعود، والرقيق

كثرت أحاديث الناس عن حكومة الرقيق، وطبعنا الكتب والنشرات وألقينا الكثير من الاحاديث من الاذاعات عن الرقيق الذي يبلغ تعداده 600 ألف إنسان في الجزيرة العربية تتولى حكومة العائلة السعودية المحتلة ادارة أسواقه، واحتجت هيئة حقوق الإنسان في الامم المتحدة وعدد من الهيئات العالمية، فأراد فيصل وآل فهد أن يقوموا بخدعة غبية من خدعهم ظنا منهم أن ذلك سيخفف من تلك الدعايات الموجهة ضد عرش الرقيق، فأعلنوا عام 1963 أنه "بعون الله وتوفيقه" كما يزعمون!.
قد تم تشكيل هيئة تسمى (هيئة تثمين الرقيق) وتم تشكيلها فعلا، لكنها أبعد ما تكون عن "التحرير"، وكان أول شئ بدأت به الهيئة ـ الملوكية ـ هو (تثمين من يريد أفراد العائلة السعودية تثمينه) من أرقائهم المملوكين والمخطوفين من البلاد العربية وأقطار آسيا وأفريقيا وأوربا لتدفع "الدولة أثمانهم" من المالية لافراد العائلة المالكة نفسها!.
فتمت الصفقة، وثمنت الهيئة رقيق الملك سعود وحده بملغ 60 مليون ريال، ورقيق فيصل وحده بمبلغ ثلاثين مليون ريال، أما أثمان أرقاء بقية الامراء والاميرات والملوك القدامى والملكات وبعض رجال الافتاء السعودي ولصوص الرقيق فتتراوح ما بين 20 و10 و5 ملايين ريال سعودي دفعت لهم من المالية.. وبعد؟.
بعد هذا قبض أفراد العائلة تلك المبالغ وأعلنوا في الصحف المأجورة أن الرقيق قد تحرر!.. كيف تحرر؟ تحرر لان أفراد العائلة المالكة ورجال الافتاء واللصوص قد قبضوا "قيمة تخمين الإنسان المستعبد" وهذا يعني هو التحرير والتحرر!.
وهل استلم الارقاء هذه الاموال مع صكوك التحرير المزعوم؟.. كلا!… هذا محرم سعودياً، وهو ضد المفهوم السعودي للدين!.
وانما قيل للارقاء، اقعدوا عند معازيبكم… أي عند أسيادكم.. فالاسياد قد قبضوا الثمن فعلا لكنهم يأبون التفريط بعبيدهم حبا منهم في خدمتهم لهم… فهم غالون عندهم عزيزون عليهم!… وهذا هو مفهوم التحرير السعودي والتحرر…

وعندما تعلم أن الأمير سلطان هو رئيس هيئة "التثمين" ينتهي العجب!.

وبيع وشراء الرقيق يذكرنا بشراء شركة آرامكو وبيعها… على الاسرة السعودية… والحديث عن تزوير الاسرة السعودية يجرنا إلى أحاديث عن حقائق تاريخية كثيرة منها ما وصفهم به حتّى وزير بريطانيا المفوض في جدة (السير أندرو رايان)… يوم أن قال رايان للملك عبد العزيز: لقد قلتم (السير جون سيمون) وزير الخارجية البريطانية عني أشياء لم أقلها: قلتم أنني شتمت ملكة بريطانيا وانني أؤيد روسيا الشيوعية!.. لا لسبب فعلتم ذلك إلاّ لاني عارضت حكومة العائلة السعودية في متاجرتها بالرقيق.
وأردف المفوض البريطاني أمام الملك عبد العزيز وفيصل يقول: (أنكم تعيشون في عالم الاوهام والخيال، وهؤلاء الارقاء الذين تستعبدونهم ليسوا إلاّ عربا اختطفتموهم أو اختطفوا لكم من رعايانا في جنوب الجزيرة العربية والخليج واليمن ومن العار عليكم استعباد الناس وأبناء جنسكم وتزعمون أنكم عربا ومسلمين بينما بريطانيا البعيدة تسعى لتحرير من تريدون استعبادهم، وأحب أن أذكركم أن بيننا وبينكم معاهدة تقضي بتحرير الرقيق الذي يلجأ من عبوديتكم إلى القنصلية أو المفوضية البريطانية في جدة وغيرها).
حدث هذا الكلام أثناء الازمة المعروفة التي وقعت بين بريطانيا والسعودية بسبب لجوء بعض الارقاء العرب إلى المفوضية البريطانية ومنهم: هارون وبخيت وهم عربا من جنوب الجزيرة العربية ـ من اليمن ـ استعبدهم آل سعود مما دعا الوزير المفوض البريطاني في جدة لمنحهم جوازات سفر بريطانية ورفض كل طلبات "حكومة" آل سعود بتسليمها إياها بل أحضر المفوض البريطاني في جده سفينة حربية إلى جدة خشية أن تحاول أسرة آل سعود انتزاعهم بالقوة، فوضعهم فيها وأرسلهم إلى عدن لانهم من عدن وأنحاء اليمن… ويقول سفير السعودية في بريطانيا حافظ وهبة في كتابه "خمسون عاما في جزيرة العرب": (لقد أبرقت للحكومة السعودية في هذا الموضوع، واقترحت أن يقال: أن العبد الذي لجأ للمفوضية البريطانية لا يخص جلالة الملك ولا نعرفه "!"، فقد يكون مدعيا صفة العبودية لغرض في نفسه!. ولكن الحكومة السعودية رفضت هذا الاقتراح وبدلا من أن تنتهي المسألة عند هذا الحد، تلقيت برقية من فيصل يطالب بريطانيا بإعادة العبيد وتسليمهم لوزير خارجية بريطانيا "جون سيمون" مستغربا فيها تدخل وزير بريطانيا المفوض بجدة لتحرير الرقيق)!… والبرقية مطولة وموجودة في الصفحتين 96 ، 97 من كتاب "خمسون عاما لحافظ وهبه" وجاء في تلك البرقية قول فيصل:
(وقد كان صاحب الجلالة الملك عبد العزيز وحكومته يغضون الطرف عن اساءات وزير بريطانيا لنا اكراما لخاطر حكومته العظمى، ولكن الان لم يعد بالامكان الصبر أكثر مما مضى، والسير (أندرو) لم يخدم حسن العلاقات، بل انّه على العكس لم يزد العلاقات الحسنة إلاّ تباعدا بيننا، واصبحنا في شك من حقيقة الموقف، وهل هو يعمل ذلك من نفسه أو بموافقة حكومته؟.
ان آخر أعماله المذكورة المسيئة، قضية عبد جلالة الملك، التجأ عبدنا إلى المفوضية لبريطانية، فأبلغته وزارة خارجيتنا: أن العبد من عبيد صاحب الجلالة، الذي يجب عدم قبول التجائه، ولكن الوزير البريطاني المفوض السير "أندرو" تجاوز عن ذلك وداس كرامة كلمة "الملك" وأهان السلطات المحلية وحقّر الحكومة جهارا بتحرير عبيدنا، انّه استحضر البارجة الحربية "بيزانس" ونقل عبد جلالة الملك وغيره إليها…)!. الخ.. هذه حقوق الإنسان يا أمريكا!.
وفي الصفحة 99 من كتاب "خمسون عاما" لحافظ وهبة، رد وزارة الخارجية البريطانية الذي كان تهديدا لعملائها آل سعود وتسخيفا لآرائهم وعقلياتهم الجاهلة المتوحشة وتأييدا لما فعله وزيرها المفوض السير أندرو، لان من يسميهم آل سعود عبيدا قد ثار أهلهم في جنوب اليمن يطالبون بريطانيا بإعادة أبنائهم "رعاياها" من براثن آل سعود مطاياها.. مما دعا فيصل وحكومته إلى الرجوع والتذلل وارسال مذكرة استغفار لبريطانيا، يجدها القارئ في صفحة 103 من كتاب خمسون عاما.. لحافظ وهبة… وكانت زوجة السير "جون سيمون" وزير خارجية بريطانيا آنذاك قد أصدرت كتابا بعنوان (الرق في جزيرة العرب) كان له أثره في بريطانيا ضد السعوديين الذين تناولتهم عدة صحف هناك وتناولت الذين لا يزالون يقفون من رجال بريطانيا إلى جانب أولئك الوحوش…
والكتاب يندد بمهزلة الرقيق وعصاباته السعودية الحاكمة.. وبالطبع فان زوج المؤلفة وهو وزير خارجية بريطانيا كان أول من تأثر بآراء زوجته لما وصفته من حقائق دامغة تدين بريطانيا أولا لمساندتها أولئك الهمج وقد أصبح وزير الخارجية البريطانية يشارك زوجته نفس شعور الاشمئزاز من آل سعود ، وقد ضاعفت ذلك الاشمئزاز مذكرة فيصل التي بعث بها بكل صفاقة ووقاحة وغباء إلى وزير خارجية بريطانيا "جون سيمون" مستنكرا فيها أن تقوم بريطانيا بتحرير الرقيق العربي!..
من عبودية آل سعود "العرب"!. "المسلمون" كما يزعمون!… وبهذا تجمدت العلاقات بين السعودية وبريطانيا.
فرأى فيصل ووالده عبد العزيز أن "يحج" فيصل إلى بريطانيا لاسترضاء بعض المسؤولين في لندن والحصول على بعض الاموال كالعادة لكنه لم ينجح، كما بذل عدة محاولات لدى شركات البترول البريطانية لاقناعها بشراء المنطقة الشرقية منه واستخراج بترولها بأي ثمن تدفعه له بريطانيا!، لكنه لم يوفق، وذلك في شهر مايو عام 1932، والسبب الحقيقي يرجع إلى أن بعض البريطانيين كبرسي زكريا كوكس الصهيوني وجون فيلبي تصرفوا باعطاء حق استخراج البترول للشركات الامريكية لان الصهيونية بدأت وقتها باستبدال الدور البريطاني بالدولار الامريكي، ومن ذلك اعطاء امتياز البترول مقابل/ 6000 جنيه استرليني / أعطيت للملك عبد العزيز عن طريق ابنه فيصل "كقرض" من الامريكان بعد مفاوضات دامت ثلاثة ساعات فقط حينما جاء المستر لويد هاملتون موفدا من شركة "استاندرد أويل أوف كاليفورنيا" التي أصبحت  فيما بعد "شركة أرامكو" باتفاقها مع شركات أخرى، وهكذا دخل الاستعمار الجديد الامريكي إلى جزيرة العرب، رغم حنين الملك عبد العزيز وابنه فيصل لاسيادهما القدماء الانكليز، ضاربين بذلك مثلا للعمالة وانهم على استعداد لبيع البلاد لأي شيطان رجيم!.
ومن ذلك أخذ الملك عبد العزيز وابنه فيصل يظهران كرههما للوزير البريطاني المفوض (أندرو) متهمين اياه بالاساءة اليهما لدى بريطانيا وتعمده لإهانة عبد العزيز شخصيا مما جعل عبد العزيز يهدده بالقتل ويقول:
"لولا معروف بريطانيا علينا ولولا أني أخشى بريطانيا لقطعت رأس الملعون!"…
هذه هي أمثلة لما يفكر به طواغيت بلادنا… يغضبون من سيدتهم بريطانيا لانها أرادت تحرير بعض ما استعبدوه من العرب!.
فكيف اذن يريدون تحرير فلسطين؟ وكيف لا يحاربون الشعوب وثوراتها ومنها ثورة اليمن التي قامت لخلع السلاطين ولتحرير العرب من زواحف عائلة حميد الشر المنقرضة… والامثلة عن حيوانية آل سعود كثيرة… منها:

نساء اليمن تهدى لحكام اليمن العملاء

بمشورة من فيصل أرسل الملك سعود مستشاره جمال الحسيني إلى اليمن عام 1960 مسترضيا الامام أحمد ومعه صندوق من الذهب وثلاث نساء اختطفهن سماسرة آل سعود من اليمن نفسها واشتراهن الملك سعود بثمن زهيد وزنا بهن، وأدخلهن الحمام ونظفهن وألبسهن فساتين حديثة وأعادهن هدية من عنده إلى الامام أحمد ذاكرا له برسالة الاهداء التي حملها جمال الحسيني (انني أبعث لك بثلاث جوار شاميات زينات لاستعمال العافية)، فسر الامام أحمد "على استعمال العافية" وأخرج قصيدته المشهورة "في هجو الاشتراكية" وتأييد "اشتراكية آل سعود".. وما أن سقط سعود من هزات ثورة اليمن الظافرة التي أطاحت بعرش العار الامامي، وأفلت البدر من يد الثوار ودخل التاريخ بدخوله السعودية هاربا على صهوة حماره المشهور الذي سرقه ولم يجد في اليمن من يعطف عليه سوى ذلك الحمار، حتّى عينه فيصل "إماما" وأهدى له جاريتين من تركة والده عبد العزيز وثلاث جوار من مخلفات أخيه سعود.. لكنهن لم يعجبن بجو الحرب والاقامة في الجروف والخيام والهرب من الضرب وحالة الطوارئ والزحف على البطون….
فهربن وأقسمن بالطلاق أنهن لن يعدن إلى البدر المنبوذ .. مما دعا فيصل إلى استبدالهن بغيرهن.. وتسليم الخمس الاخريات إلى من سماهم فيصل… بالقوة الثالثة من مرتزقة اليمن..
عندما زاره مشايخ اليمن الذين زعموا أنهم "جمهوريون" وأعلنوا في مؤتمرهم الذي عقدوه في جدة (أنهم ليسو جمهوريين ولا ملكيين وانما هم سعوديون… وانهم لا يؤيدون محمد البدر ولا عبد الله السلال، وانما يؤيدون، فيصل فهو أبو الدفع والنفع والوتر والشفع والتخفيض والرفع)!..
أعجب فيصل "بشعاراتهم الجديدة" وأمر لسبعة منهم بسبع جوار أغلبهن يمانيات من تركة والده عبد العزيز وأخيه سعود لاستعمالهن استعمالا محليا برسم "الاعارة" واعادتهن عند السفر مع "تقبيض " كل واحد من مشايخ آخر الزمان مبالغ تتراوح بين خمسة إلى عشرة آلاف ريال سعودي… وراحوا باسمه يسبحون… فهل صاحب هذه الافعال غبيا ام ذكيا كما يزعم البلداء؟… هل هو كريم أم أنه لص طاغية متوحش؟… وهل يغتال الامريكان عميل منحل كهذا؟.. كما يزعم بعض الكلاب؟.

فيصل وفهد وسلطان وكمال أدهم وخبير السموم الامريكي

في الرياض كلونز والسادات وحسن التهامي اشتركوا في اغتيال عبد الناصر

كنا أول من فضح أنور السادات بكراس أصدرناه عام 1954، يوم أن قام جمال عبد الناصر بتعيين أنور السادات "سكرتيرا" للملك سعود!.. ففي يوم 7 أغسطس 1954 جاء جمال للحج وحاولوا اغتياله بواسطة بعض الاخوان المسلمين المصريين في مكة، ومع ذلك التقى جمال عبد الناصر بالملك سعود وتحدث معه: "ليجعل من الحج مؤتمرا عالميا يخدم القضية العربية"..
فوافق الملك "موافقة سعودية" واتفق معه على انشاء "سكرتارية دائمة للمؤتمر الإسلامي العالمي" يكون الملك سعود رئيسه والسادات أمين سره!… يومها أصدرنا بيانا بعنوان (يا خيبة المسلمين)!..
فأنشأ الملك لهذا المؤتمر مقره الدائم في "المهلكة" وبقي السادات "أمين السر "يتردد بين مكة وجدة والرياض ومكاتب شركة أرامكو الامريكية في الظهران حيث قابلناه في الظهران بوفد من العمال وانتقدنا تصرفاته وقبوله للهدايا المالية وللجارية التي أهداها الملك إليه… فلكون السياسة السعودية قائمة على ديبلوماسية النكاح، ولكي يطمئن السادات جنسيا أهداه الملك سعود جارية مصرية مختطفة من بور سعيد ليتسلى في منبرها…
مفتتحا بها أولى عمليات الانفتاح… وكان السادات قد أثار ضحك الملك سعود حينما جاءه في اليوم التالي لاستلام الجارية وقد حك جبينه بحجارة ووضع عليها كمية من الثوم لتسود أكثر مما كانت، مقتديا بطريقة "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" في حك جباههم لخداع الناس والزعم أنها محكوكة من كثرة الصلاة!.

جيهان والجارية السعودية[10]

ولم يدم زنا السادات بالجارية أكثر من ثلاثة أشهر، حتّى أعادها للملك بحجة أن زوجته "جيجي" ـ وهو الاسم الذي كان الملك ينادي به جيهان ـ علمت بالموضوع، فقبلها الملك بالرغم من أنها حامل من السادات وأعادها الملك إلى حظيرة العائلة المالكة ودفع للسادات تعويضا مالياً عنها قدره (26000 ريال) وأنجبت الجارية فيما بعد ولدا يحمل كل ملامح السادات، . وما زال أميرا في العائلة السعودية.

[1] "الكويت وجاراتها" لـ هـ. رب ديكسون يهودي الاصل.
[2] كان في السابق ـ يملك رأسمال ـ والآن ذهب رأسماله!…
[3] نقل كلام الشمراني هذا عن شريط مسجل كان يحمله مرافق الامير.
[4] انظر مجلة "المصور" المصرية عدد 13/7/1957.
[5] البيضاني هو عديل أنول السادات، والسادات كان وقتها قد أوكلت إليه مسؤولية شؤون اليمن.
[6] صورة طبق الاصل عن البيان الامريكي الرسمي المعلن .. والتدخل الامريكي في صارخ لخلع ملك سعود و" تركيب" ملك… وعمالة فيصل واضحة في هذا البيان المؤلف.
[7] في هذا ما يثبت أن لاعلامنا المناضل دوره المرعب للطغاة .. وهذا ما يتابع شرحه فيصل العميل ليقول:
[8] وهذا الحرس "الوطني" أسسه الجنرال برومج، الذي كان نائبا للجنرال كلوب باشا.
[9] انظر كتاب "كنت مفتشا".
[10] كان الملك عبد العزيز وسعود وعدد من الامراء يقدمون فضلاتهم من الجواري، هدايا لضيوفهم الاعزاء.


1 comment:

  1. أن الكلاب أشرف من قادة عينتهم الصهيونية المسيطرة على المخابرات البريطانية والامريكية، وبواسطة اولئك القادة زرع اليهود "إسرائيل"… وما زالت أدوار آل سعود تتجدد والكلاب الاعلامية تنبح ويرمى لها الطعام فتعود إلى السكوت!.

    ReplyDelete